تصر الخارجية الأمريكية على التمسك بالحل الدبلوماسي في سوريا برغم انهيار وقف إطلاق النار وفشل المؤسسات الدولية في إدخال المساعدات الإنسانية في ظل تصيعد القصف الجوي لحلب.
وأكد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن الولايات المتحدة ملتزمة بالسعي لوقف إطلاق النار في سوريا، موضحا أن النظام السوري والروس مصممون على السيطرة على حلب وتدميرها والذي يجعل من إيقاف القتال أمر صعب.
وتحدث كيري للصحافيين على طائرته المتوجه إلى كولومبيا لتوقيع اتفاق السلام بين الفارك والحكومة الكولومبية
وأضاف «ولهذا فإن استمرار جهودنا لن يؤدي إلى أي مفاوضات لأن المعارضة السورية ليست متحمسة لخوض المفاوضات بينما شعبهم يقصف ويمنع عنه الأغذية، وأن تصريح الأسد أنه مستعد لتشكيل حكومة وحدة وطنية لا معنى لها الآن، وأن الروس والنظام السوري مستمران في قصف حلب عشوائيا ويقتلون النساء والأطفال. الحديث عن حكومة وحده وطنية أمر معقد جدا، وعما قاله السيناتور جون ماكين أن المفاوضات الأمريكية مع الروس كانت مخادعة ومضللة وأن الروس استغلوكم ؟
يجيب «لا لم يخدعونا لأننا خفضنا مستوى العنف لفترة من الزمن. ولكن الكونغرس رفض التصويت لاستخدام القوة، ولا يحق للسيناتور ماكين أن يتكلم عن المخادعة والتضليل، فليقل لنا السيناتور ماكين اين تصويت الكونغرس لاستخدام القوة في سوريا، حتى للتخلص من الأسلحة الكيميائية السورية، لم يصوت الكونغرس بل تخلصنا منها بالحديث مع الروس».
وأضاف «أن الكلام رخيص ومن المهم الآن معرفة البديل الذي يدعمه الشعب الأمريكي والكونغرس، أنا لدي موقفي حول ما يجب عمله ولكنني لا أريد أن أتكلم عن ذلك علنا. إن وقف الأعمال العدائية ليس هو السبب لما يحدث الآن في حلب، سبب ما يحدث هو أن الأسد وروسيا يريدان ببساطة تحقيق نصر عسكري، وإننا الآن لا نتكلم مع الروس ولايوجد وقف إطلاق نار والمكان (أي حلب ) يجري تدميره كليا وهذا أمر غير وهمي بل إنه أمر واقعي».
ويقول نائب الناطق باسم الخارجية الأمريكية مارك تونر «إننا لن نعلن يأسنا ولكن لم نشاهد مؤشرات من روسيا والنظام السوري يسمح للعملية السلمية بأن تتحرك للأمام، ومازلنا ملتزمين بالعملية السلمية في سوريا لأنها الطريق الوحيد للخروج من الوضع السيء في سوريا، وما يحدث حاليا في حلب من هجمات روسية وسورية أمر غير مقبول، ولا يمكن الحديث عن المفاوضات والمرحلة الانتقالية عندما يتم قصف المعارضة السورية والمدنيين في حلب».
وأضاف تونر «من الواضح أن روسيا والنظام السوري يعتقدان أن الحل للوضع السوري سيكون عسكريا ومن الصعب متابعة العملية الدبلوماسية في ظل هذا السيناريو».
وعندما سئل: ماذا سيفعل الأمريكيون ليوقفوا الروس والنظام السوري من السيطرة على حلب بعيدا عن ترديد وجوب إيقاف الهجوم وهم لا يصغون؟ أجاب الناطق «إننا سنستمر في الاتصالات الدبلوماسية مع روسيا ولن نتخلى عن الأمر، ولكن لم نصل إلى مرحلة الخطة البديلة باء، ومازلنا نعتقد أن الاتفاقية التي توصلنا إليها مع الروس هي أفضل الخيارات الموجوده، ونتوقع من الروس إيقاف النظام السوري استخدام طائراته الحربية للقصف، ولا أريد أن أضلل نفسي لأننا مازلنا بعيدين كثيرا عن هذه المرحلة. الكرة الآن في الملعب الروسي ويمكنهم اتخاذ بعض الإجراءات لإعادة المصداقية للعملية السلمية».
وأضاف «إن المطلب الروسي من الأمريكيين هو فصل قوات المعارضة عن جبهة النصره وهذا أمر قبلناه، ولكن هجوم النظام السوري ضد حلب يدفع المعارضة السورية للتحالف أكثر مع النصرة، وإن اتهامات نشرت مؤخرا في مجلة «فوكاس» الألمانية عن تزويد أمريكا للنصرة بالسلاح مجرد هراء، وعلى روسيا أن تقنع الأسد والذين يدعمونه بأنه لن يقدر أن يحل القضية السورية عسكريا».
وأكد تونر «أن الأسد فقد شرعيته كقائد لسوريا لما فعله ضد شعبه، ويمكن للأسد أن يبقى في السلطة حتى إجراء انتخابات ديموقراطية، مع إننا نريده أن يرحل غدا أو بعد غد، وهذا أمر يعود للشعب السوري، ومن الصعب أن نتخيل أن ينتخبه الشعب السوري».
وعندما سئل كيف يمكن للأسد أن يرحل؟ طوعيا أم يجبره أحد بالقتل بالسكين على رقبته؟
أجاب تونر «الأسد فقد شرعيته ويجب ألا يكون قائدا لبلاده وسيرحل عبر الفترة الانتقالية التي يعود للشعب السوري ترتيبها، ومازلنا نعتقد أنه لا يمكنه أن يكون قائدا شرعيا لسوريا».
وحول ما قاله عضوا مجلس الشيوخ السناتور جون ماكين والسناتور غراهام : إن الدبلوماسية بدون نفوذ مصيرها الفشل وإنها ورقة تين لتغطية الفشل الدامغ للسياسة الأمريكية نحو سوريا وإنه لا توجد خطة بديله أو خطة باء. ولن يقوم بوتين والأسد بما نطلبه منهما لأن لديهما قلبين طيبين أو للحفاظ على مصالحنا أو بسبب عذابات الشعب السوري. ويجب إجبارهما ويحتاجان لاستخدام القوة لإقناعهما، وحتى تقرر الولايات المتحدة إتخاذ الخطوات لتغيير الظروف على الأرض في سوريا فإن الحرب والإرهاب واللاجئين وعدم الاستقرار سوف تستمر؟
وكيف ترد الخارجية الأمريكية على هذا النقد؟ يجيب تونر «إذا أراد الكونغرس منح الإدارة الأمريكية السلطات والخيارات فإن على الكونغرس اتخاذ بعض القرارات لإيقاف الكارثة الإنسانية في سوريا اليوم وعمل شيء لإيقاف ذلك وإنهاء القتال والسماح للشعب السوري بالعيش بسلام. وحتى إذا لم يكن لدينا النفوذ فإن الواقع يشير انه لاحل عسكريا للنزاع في سوريا، واذا تخلينا عن العملية الدبلوماسية فإن الأمر سيكون أسوأ جدا مما هو عليه الآن، وروسيا التي تدعم النظام السوري سيعرضها للمزيد من التورط والأعباء للحفاظ على النظام ومنعه من السقوط إذا تصاعد القتال أكثر. ولهذا إذا نظرنا من ناحية واسعة للإستراتيجية نحو سوريا فإن المنطق يجبر روسيا على فرض الحل الدبلوماسي».
وإذا كان الروس والإيرانيون وحزب الله مستعدين لاستثمار المزيد في سوريا وأكثر من الولايات المتحدة ويسعون للحل العسكري واستمرار قصف حلب والسيطرة عليها! وما الذي يمنع النظام من الاستمرار في فرض سيطرته على حلب وباقي المناطق في سوريا؟ إذن لم يكن هناك خيار سوى الخيار الدبلوماسي؟
يجيب الناطق «إنني لست خبيرا عسكريا وإنما دبلوماسي، ولقد قام وزير الخارجية كيري باتباع الحل الدبلوماسي لإنهاء النزاع والدخول في المرحلة الانتقالية إلى الديموقراطية في سوريا. إن الذين يضللون انفسهم بأن هناك حلا عسكريا في سوريا عليهم أن يدركوا أن هناك من يدعم مجموعات المعارضة السورية والتي تسعى للحصول على المزيد من السلاح، أي أن النتيجة ستكون تصعيد القتال الرهيب والأمور قد تتحول من سيء إلى أسوأ، واذا أصر النظام السوري على اتباع الإستراتيجية العسكرية وانفرط عقد المجموعة الدولية لدعم سوريا فإننا قد نزود المعارضة السورية بالمساعدات».
واشنطن ـ «القدس العربي»: