رغم تأكيد إيجابيات المبادرات في شأن الاستحقاق الرئاسي، واستمرار المعلومات التي تشير إلى أن المفاوضات مازالت مستمرة في الكواليس لأجل التوصّل إلى تسوية سياسية قبل 31 تشرين الأول، إلا أن صعوبة الأمور بدأت تظهر، إن من خلال كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن الأوضاع في المنطقة ذاهبة إلى التصعيد، وهي لم تعد إيجابية كما كانت في السابق، إلى إعتبار أن الاتفاقات الثنائية ليست مدخلاً لحلّ الأزمات السياسية. وإذا أعلن تيار المستقبل تأييده ترشيح النائب ميشال عون للرئاسة، فإن ذلك لن يغيّر واقع الحال. هذه العبارة من نصرالله كانت كفيلة بتبديد أحلام الجنرال، الذي لطالما انتظر أن يلين خصومه تجاهه لأن حينها سيكون تسّلم مفتاح قصر بعبدا، لكنّ بعد تأييد أبرز خصومه ترشيحه برزت مشكلة حلفائه. وما لفت إليه نصرالله هو بمثابة رسالة إلى أن طريق بعبدا لا تمرّ من بيت الوسط، بل من عين التينة، التي قال رئيسها إنه لن ينتخب عون أبداً. لا شك أن نصر الله جدد إصرار الحزب على ترشيح عون، ورغم أن عون يعتبر هذا الكلام إيجابياً وكافياً، إلا أن بعض الممتعضين في صفوف التيار الوطني الحرّ يعتبرون أن تأكيد نصرالله يشمل ثلاثة عشر نائباً فقط، وإذا بقي مسار الحزب هكذا وعقدت جلسة انتخاب بطريقة أو بأخرى فإن الحزب سينتخب الجنرال، ولكنه لن يصبح الرئيس بل سيفوز غيره. وبذلك، يكون الحزب قد صدق بوعده لكنه أسهم في انتخاب شخص آخر غير العماد عون. يضيف هؤلاء أن المطلوب من الحزب أكثر من ذلك. هنا، تكشف مصادر قريبة من عون لـ"المدن" أن حزب الله أبلغ الرابية ما أعلنه نصرالله عن ضرورة إبرام إتفاق مع بري، ونصح الجنرال بالمبادرة تجاه جميع الحلفاء لأجل تبديد هواجسهم وشرح لهم المسار التفاوضي بين التيار الوطني الحرّ وتيار المستقبل. وهذا ما بدأه الوزير جبران باسيل خلال جولته على النائب طلال ارسلان وحزب الطاشناق، لكن اللقاءين الأساسيين سيكونان مع برّي والنائب سليمان فرنجية، الذي استبق أي مبادرة عونية بزيارة عين التينة، وتجديد ترشيحه والتصعيد بوجه عون باعتبار أن المرشح القوي لا ينسحب للضعيف. وهذه رسالة واضحة بعدم الاستعداد للتنازل أو التراجع. ويسجّل هؤلاء استغرابهم لمواقف قيادات الحزب حين يدعون المستقبل إلى انتخاب عون، ويتوجّهون إلى خصومهم بالقول إنه ليس أمامهم خيار إلا انتخابه. ويعلقون على ذلك بالقول إن هذا الكلام يجب أن يتوجه في البداية إلى الحليف وليس إلى الخصم. وبالتالي، عليهم التوجه إلى برّي وفرنجية بوجوب انتخاب عون كخيار وحيد. وبدلاً من استخدام اللهجة ذاتها مع الحلفاء، جرى التوجه إلى عون بوجوب بذل مزيد من الجهد في اتجاه عين التينة وبنشعي، وإبرام اتفاق أو تفاهم معهما كما فعل مع الحريري. وهنا يؤكد الوزير السابق ماريو عون أن كل الأمور مفتوحة والرئيس بري يبقى حليفاً لهم وهم ينتظرون موقف الحريري إزاء تبنّي ترشيح عون. على أن تُستكمل لقاءات باسيل مع الجميع، وقد يقوم عون شخصياً ببعض اللقاءات. فيما يعتبر النائب نبيل نقولا أن أي لقاء بين العماد ميشال عون وبري سيكون تتويجاً لما يحصل في الكواليس.
المصدر: المدن - المدن - لبنان
↧