في نيسان العام 1945 كان الجميع يعرف من هو الخاسر في الحرب العالمية الثانية. لم يعد بإمكان النازيين تحمّل هجمات الجيوش المتحالفة ضدهم ، التي بدأت دخول المدن والقرى الألمانية واحداً بعد الآخر. لكن، هذا الدخول لم يكن سلمياً، وبدأ الخوف يتنامى عند الألمان من التنكيل والأعمال الإنتقامية، خصوصاً من الجيش الأحمر، الذي حاول جنوده رد الاعتبار لما قام به الألمان خلال احتلال الأراضي السوفياتية، التي أدت إلى مقتل أكثر من 20 مليون سوفياتي.
.
انتحرت قيادات ألمانية عالية المستوى يومها، مثل هيملر وغوبلز وهتلر. وبدأت الانتحارات الجماعية تنسحب هذه المرة إلى سكان مناطق ألمانية أخرى.
.
يمكن الحديث هنا عن حادثة مدينة ديمين الألمانية كأهم نموذج لانتحار جماعي حصل في ألمانيا في ذلك الوقت مع انتحار أكثر من 1000 شخص في أقل من 72 ساعة.
.
اعتبرت ديمين لسنوات طويلة أحد معاقل الأحزاب اليمينية القومية الناشطة في عشرينيات القرن الماضي وثلاثينياته في ألمانيا، التي قاطع سكانها الشركات اليهودية حتى قبل بداية الحكم النازي. وفي العام 1938 باعت المدينة المعبد اليهودي الأخير فيها إلى إحدى شركات الأثاث، وبذلك استبقت موجة معاداة السامية التي اجتاحت ألمانيا في السنوات اللاحقة.
.
في شهر نيسان من العام 1945 دمّر الجيش النازي الجسور الموصلة إلى المدينة لمنع دخول الجيش الأحمر إليها. ما وضع السكان في حصار مطبق، إذ إن ديمين مدينة محاطة بالأنهر من كل الجهات ومن دون الجسور لا يمكن الهروب إلى أي مكان آخر.
.
تزامن دخول الجيش الأحمر المدينة مع وصول أخبار موت هتلر عبر الراديو. هكذا، كانت كل عناصر الاحباط والخوف مكتملة مع وصول أخبار الاغتصابات الجماعية التي قام بها السوفيات في مدن ألمانية أخرى ثم موت هتلر، الذي كان بمثابة الرصاصة الأخيرة التي أطلقت على الأمجاد النازية المتداعية.
.
تنوعت أساليب الانتحار مع وصل الجيش الأحمر. قتل الناس أنفسهم بما أتيح أمامهم من أساليب كالشنق أو شق المعاصم وشرب السم. لكن تبقى أخبار قتل الأهل أولادهم الأكثر تداولاً عن تلك الفترة، تجينباً لهم من عذاب الاغتصاب والتنكيل.
المصدر: المدن - المدن -
↧