يواجه قطاع الصحف انخفاضاً متسارعاً في إيرادات الإعلانات المطبوعة، وهي السوق التي كانت ترزح تحت ضغوط كبيرة مؤخراً، ما اضطر بعض الناشرين للنظر في سياسة تخفيض التكاليف وإدخال تغييرات جذرية لمنتجاتهم المطبوعة والرقمية، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" . وبحسب التقرير، فمن المتوقع أن ينخفض الانفاق العالمي على إعلانات الصحف المطبوعة بمعدل 8.7 في المئة، أي ما يوزاي 52.6 مليار دولار في العام 2016، وفقاً لتقديرات "GroupM"، الشركة المتخصصة في شراء الاعلانات، والتي أشارت إلى أن ذلك سيكون أكبر انخفاض منذ الركود الاقتصادي عام 2009، حينما انخفض الانفاق على نطاق العالم بنسبة 13.7 في المئة. والحال أن هذا الانخفاض بارتدادته السلبية ليس ببعيد عن كبار الناشرين حول العالم، ما قد يفاقم من عبء الضغوط عليهم لحثهم على تعزيز ايراداتهم الرقمية أو حتى الاسراع للتعويض على الايرادات المفقودة، وصولاً إلى إعادة النظر في بعض الحالات في شكل المنتجات المطبوعة ونوع المحتوى الذي ينشرونه. ونتيجة لذلك سارعت مجموعة كبيرة من كبريات الصحف إلى تقليض التكاليف بهدف التأقلم مع الواقع الجديد، ومنها "نيويورك تايمز" و"وول ستريت جورنال"، فيما أقدمت كل من "الغارديان" و"دايلي مايل" على تقليص عدد الوظائف وتسريح مئات الموظفين. وفي رسالة داخلية أرسلها رئيس تحرير "وول ستريت جورنال"، جيرارد بايكر، للموظفين، قال: "إننا نعمل في وقت تتغير فيه ظروف السوق بشكل متسارع، خصوصاً في عالم الاعلانات المطبوعة". وفي ضوء الانكماش الحاد في هذا المجال، أعلنت الصحيفة إعادة تنظيم أقسام نسختها الورقية التي ستتضمن دمجاً للأقسام وتخفيضاً للتكاليف. وهي خطوة ستساعد الصحيفة في تأمين استدامتها بشكل أطول، إلى جانب تسريع عملية انتقالها للمجال الرقمي. وتقوم الصحيفة في الوقت الحالي بالعمل على استراتيجية تسعى من خلالها لزيادة عائداتها الرقمية بشكل ملحوظ بحلول العام 2020، والتي تتضمن تحويل المزيد من الموارد إلى مبادرات رقمية. "كان عاماً صعباً بالنسبة للصحف، خصوصاً في النصف الأول منه"، يقول ميرديث كوبيت ليفين، الرئيس التنفيذي للايرادات في صحيفة "نيويورك تايمز". فالصحف دخلت في سباق مع الزمن من أجل إنماء عائداتها الرقمية للتعويض عن انهيار عائدات الاعلانات المطبوعة، خصوصاً في ظل هيمنة "فايسبوك" و"غوغل" على السوق الرقمية. كما أن المسوقين قلصوا تدريجياً من اهتمامهم بالصحف الورقية خلال العقد الأخير، استناداً لمجموعة أسباب، أبرزها شيخوخة القراء والحاجة إلى تمويل مبادرات رقمية. وتضاف عوامل أخرى إلى ذلك، منها الاستخدام المتزايد للبيانات والتحليلات الرقمية في عملية التخطيط لوسائل الإعلام، علاوة على اندفاع المعلنين نحو المواد البصرية والفيديوهات في الانترنت. في ضوء ذلك، قرر ناشرون التخلي عن إعلانات منخفضة الايجار والتطلع نحو عروض إعلانية يحتمل أن تكون مربحة أكثر من الاعلانات المحلية أو إعلانات الفيديو أو الواقع الافتراضي. لكن على الرغم من ذلك، فالأرقام الراهنة تشير إلى أن إيرادات الاعلانات الرقمية لا تنمو بالسرعة الكافية للتعويض عن التراجع الذي أصاب النسخ المطبوعة، الأمر الذي سيكون له انعكاسات إضافية على وسائل الإعلام المطبوعة.
المصدر: المدن - المدن - ميديا
↧