هديل صديق- عمان
وكانت قيادات عسكرية في الجنوب السوري أكدت للجزيرة إسقاطها طائرة إيرانية تحمل صورا لمواقع أردنية حدودية حساسة، وهو ما طرح تساؤلات عن النوايا الحقيقية لإيران في الجنوب وعن الخيارات المطروحة لدى الأردن بشأن التعامل مع سيناريو جديد قد يُفرض عليها.
فمن شأن الاقتراب الإيراني من الحدود السورية الأردنية أن يعبث بإستراتيجية " النأي بالنفس"، التي التزم بها الأردن طيلة السنوات الماضية لحماية أراضيه، رغم تأكيدات مسؤولين أردنيين أن عمان حريصة على تلك السياسة.
فالأردن الذي ظل يناور في خياراته إزاء الأزمة السورية فضل كثيرا الوقوف على الحياد، فلا هو قدم دعما حقيقيا للمعارضة المسلحة وصولا إلى إسقاط النظام, ولا هو تحالف مع نظام دمشق للقضاء على خصومه.
وفي نظر متابعين, فإن سياسة "النأي بالنفس" التي اتبعتها عمان كانت سببا مباشرا لصعود تنظيم الدولة الإسلامية وعناصر متشددة في حوض اليرموك والمنطقة الشرقية، إضافة إلى ذلك فقد تسبب أيضا في الحضور الطاغي لإيران وحليفها حزب الله والتنظيمات الشيعية متعددة الجنسيات في الجنوب السوري.
وبحسب معلومات حصلت عليها الجزيرة فإن مقاتلي حزب الله إلى جانب قوات شيعية متعددة الجنسيات يسيطرون على مواقع الاشتباك الرئيسية في الجنوب، إضافة إلى وجود مقاتلي الحزب قرب منطقة الجمرك القديم وحي المنشية التي تبعد بضعة كيلومترات عن الحدود الأردنية.
قلق حقيقي ويعبر قيادي ميداني سوري للجزيرة نت عن قلق حقيقي نتيجة سيطرة قوات الأسد وميليشيات شيعية على غالبية طريق "دمشق- درعا" القديم, مما سيمهد لوصول النظام إلى نقطة المعبر الحدودي القديم مع الأردن.
ويقدّر القائد الميداني في الجبهة الجنوبية المقدم نجم أبو المجد أعداد مقاتلي حزب الله في الجنوب بثلاثة آلاف، ينتشرون في مناطق عدة ويتحركون بحسب ما تقتضي الحاجة، ولهم مراكز تدريب قرب مطار دمشق وفي جبال القلمون.
كما يشير إلى أن عدد مقاتلي الشيعة القادمين من إيران والعراق وأفغانستان يقدّر بأربعة آلاف، يشاركون ضمن العمليات العسكرية في الجنوب بالمدفعيات وراجمات الصواريخ.
رأس حربة في السياق ذاته، يقول الكاتب الصحفي حافظ قرقوط للجزيرة نت إن "أتباع حزب الله يشكلون رأس الحربة في إدارة العمليات العسكرية في درعا، باعتبار أن للنظام السوري قوات حقيقية على الأرض".
ويضيف أن الحضور الإيراني لا يقتصر على البعد الميداني العسكري لردع المعارضة المسلحة بل إنه أخذ بعدا عقائديا من خلال العمل على "تشييع" سكان المناطق في درعا والسويداء، لكنه استدرك بأن محاولات التشييع هذه في الجنوب السوري " ثبت فشلها وقوبلت برفض شعبي واسع، رغم المبالغ الطائلة التي أنفقت والإغراءات التي قدمت".
من جهته ، قلل الكاتب والمحلل السياسي الأردني سلطان الحطاب من أهمية الوجود الشيعي عند حدود بلاده، وقال للجزيرة نت "إن عناصر حزب الله الذين يشار إليهم لا يملكون القدرة على فرض سيطرتهم لاسيما أن أعدادهم قليلة"، معتقدا أن "الحزب لا ينظر إلى الأردن باعتباره دولة معادية، كما أنه لا يضعه ضمن أجندته".
لكن الحطاب تحدث بلهجة حازمة عن الموقف الأردني عندما قال إن "عمان تنظر إلى الفصائل المقاتلة في سوريا سواء كانت موالية أو معارضة بعين الحذر والقلق".
وعلى النقيض من رأي الحطاب، يرى الكاتب في صحيفة الدستور ماهر أبو طير أن ثمة خشية أردنية من تسارع التطورات عند الحدود ومن تعاظم نفوذ الميليشيات الشيعية هناك.
ويقول للجزيرة نت "ما من شك أن هناك تحسسا أردنيا من احتمال وصول قوات إيرانية ومقاتلين يتبعون حزب الله إلى حدوده الشمالية".
ويضيف أن "موسكو قد تتخلى عن كل التفاهمات مع الجانب الأردني بخصوص وصول ميليشيات شيعية إلى حدوده رغبة منها في إرباك واشنطن، الحليف الأقوى للمملكة، وهو ما قد يتسبب بتوتر العلاقات الأميركية الروسية باعتبار أن أمن الأردن أولوية لدى الولايات المتحدة .. وفي التداعيات يمس أمن الإقليم وصولا إلى أمن إسرائيل الذي تنظر إليه أميركا باعتباره خطا أحمر".
ويخلص مصدر أردني رفيع إلى القول متحدثا بلهجة صارمة ومتوعدة خلال حديث مقتضب للجزيرة نت إن "كل من يحاول المساس بأمن المملكة وحدودها سيجد الموت مصيره المحتوم"، مستشهدا بأن لدى بلاده قدرات عالية المستوى لحماية حدودها.
المصدر: الجزيرة نت