كركوك تقبر مخططات الدواعش لاحتلالها
فواد الكنجي
بعد إن شد شعبنا العراقي الخناق على أخر معاقل الإرهابيين الدواعش في مدينة موصل والقضاء عليهم وعلى ما تسمى بـ(دولة الخلافة الإسلامية)، وقبل إن يلتقطوا أنفاسهم الأخيرة على يد الجيش العراقي وقوات البشمركة والحشد الشعبي ومقاتلين من الأشوريين وأبناء العشائر العراقية، راحت بعض من فلول هؤلاء الدواعش المتخفين بأثواب الحريم والمتسليين عبر اسر النازحين إلى مدينة كركوك والحويجة لينفذوا صبيحة يوم الجمعة 21 من تشرين الثاني هجومهم الغادر على مدينة كركوك لتخفيف الضغط عن مقاتليهم الأوغاد المحاصرين في وسط مدينة موصل والذين يتلقون ضربات موجعة وهزائم ساحقة على يد الجيش العراقي والمقاتلين البشمركه والحشد الشعبي والأشوريين وأبناء العشائر.
فهؤلاء الدواعش الإرهابيون ما إن وطئت إقدامهم النجسة ارض العراق الطاهر حتى ابتلى شعبنا ووطننا بجرائمهم بما ارتكبوه من عمليات القتل البشع والخطف والذبح والتفجيرات التي طالت الأبرياء من المدنيين والتي أدت إلى تفاقم معانات الإنسانية جراء نتائج إعمالهم الإجرامية حيث النزوح ألقسري وانعكسا ته الوخيمة على ملايين العراقيين نزحوا ديارهم تحت ظروف قاسية هربا من بطش هؤلاء المجرمين الذين انتهكوا حرمات الأسر بالأسر والاغتصاب وسبي النساء، ومما زاد من فاعلية إجرام هؤلاء الدواعش التكفيريين الاوغاد، دعم بعض دول الإقليمية ومنظمات وشخصيات ساندت ودعمت هؤلاء الدواعش بشكل علني وغير علني، مباشر وغير مباشر بل تمادوا في تبريك جرائمهم تحت تسمية الجهاد، فأفتوا بباحة كل شيء يفعلونه ويرتكبونه من جرائم وفواحش ومحرمات، وكل ذلك حدث نتيجة تقاطع مصالح الدولية في المنطقة، فاستغلت هذه التنظيمات الإرهابية القضايا القومية والدينية لتأجيجها واتخاذها ستارا لتغطية أعمالها وأهدافها، وبذلك اتسعت المساحة الفاعلة للعمليات الإرهابية. وما كان لهؤلاء الإرهابيين الدواعش وأذيالهم، إلا إن وجدوا من ظروف العراق الصعبة بعد إن تم تدمير كل مؤسسات الأمنية على يد المحتل الأمريكي فرصة استغلوها لإرباك استقرار العراق والمنطقة، وما شجع هؤلاء الدواعش وأذيالهم لارتكاب جرائمهم، دول إقليمية تقاطعت مصالحها مع توجهات العراق واتخذوا الطائفية ذريعة لنيل من وحدة الشعب العراقي وأمنه واستقراره لكي لا تقوم عليه قائمة في منطقتنا، فاتخذ من هذه المنظمة الإرهابية الداعشية، ورقة يتم اللعب بها ضمن حرب المصالح السياسية والاقتصادية والتصفيات حسابات دولية وشخصية، وهكذا نجد تضارب دولي في اتخاذ مواقف حاسمة ضد هؤلاء الإرهابيين الدواعش فان كانت في العلن كل دول الإقليمية في المنطقة وحتى العالم يتجه نحو محاربتهم والدعوة إلى التكاثف الجهود والاتفاق على ملاحقة عناصر الدواعش ومطاردتهم ونبذ أفكارهم، إلا إن من خلف الكواليس تظهر الحقيقة المرة لهؤلاء، فالعديد من هذه الدول التي تدعوا إلى محاربة الدواعش، نراها تتملق وتحايد القول، وبين من يقف معه بشكل مباشر وغير مباشر ولكنه واضح ومتردد في مواجهة هذا التنظيم وغيره من المنظمات الإرهابية التي تعشعشت في المنطقة، وفي مواقفهم اتجاه حرب العراق وسوريا الشقيقة القائم ضد الدواعش وأذياله.
وقد أيقن العراق حقيقة ما يجري على الأرض، وحقيقة المتآمرين على أمنه وسيادته الوطنية، ولهذا قرر العراق حسم أمر ضد هذه الفصائل والمنظمات الإرهابية بإرادة شعبية حرة بعيدة عن أية أملاءات خارجية، فعزم وحزم أمره في إعلان الحرب ضده وملاحقته أينما وجد على الأراضي العراقية، بعد ان توسع هذا التنظيم الإرهابي في ظروف استثنائية كانت ظروف الوطن أصعب من اتخاذ موقف حازم وشجاع لبتر دابر الإرهاب من كل الأراضي العراقية آنذاك، وحين أتيح اليوم فرصة لتقريب وجهات النظر بين الأحزاب العراقية والكتل المشاركة في إدارة الدولة والاتفاق على خطوط عريضة لمصالحة الوطنية الشاملة وما عقبه من قرار بعفو عام، حتى قررت الحكومة العراقية ببدء حربها ضد تنظيم الدواعش، وفعل استطاع إن يلحق بهم هزائم ساحقة في أكثر من جبهة و محافظة عراقية وخلال فترة قياسية، حيث تم تحريرمدينة تكريت وديالى والانبار ليحاصرهم في أخر معقلهم في مدينة موصل.
وحين شد الخناق علية من جميع الجبهات في مدينة موصل، شن فلول الدواعش هجومهم الغادر على مدينة (كركوك) لفتح جبهة جديدة في هذه المدينة ألأمنه ، لإشغال القوات العراقية التي تقاتل في الموصل معاقل الدواعش الإرهابيين الأوغاد، والتي تأتي متزامنة مع انتصارات التي يحققها الشعب العراقي على طول خطوط التماس حول مدينة موصل متقدمين باتجاه وسطها.
وقد جاءت هجمات على مدينة كركوك من خلال بعض عناصر من خلايا النائمة لدواعش في منطقة حويجه متسلسلين باتجاه المدينة، ليقوموا هؤلاء الأوغاد التكفيريين بمهاجمة بعض المقار والمواقع الأمنية في مدينة كركوك ضنا خائبا من هؤلاء الدواعش بكون المدينة تفتقد من عناصر حماية المدينة، بكون قوات الحماية داخل المدينة والمتمثل بقوات البشمركة - و حسب ضنهم الخائب - أرسلوا إلى مدينة موصل، إضافة بعلمهم بان الجيش العراقي لا يوجد على ارض كركوك بكونه انسحب منذ عام 2014 اثر احتلال الدواعش مدينة موصل، فان البيئة الممهدة لدخولهم ستكون ممهدة إمامهم دون أية مقاومة كما حدث لهم اثر احتلالهم لمدينة موصل دون مقاومة ...!
ولكن نسوا بان مقاتلي الاتحاد الوطني والبشمركة يمسكون زمام الأمور في مدينة كركوك ويتحكمون بأمنها واستقرارها، وفعلا فاجئهم البشمركة ومقاتلو الاتحاد الوطني، برد حازم وشجاع وسريع، بعد إن سيطر الإرهابيين الدواعش لساعات معدودة على حي غرناطة والممدودة وحي العسكري وحي العروبة والنصر وإحياء أخرى فيما قام نفر أخر من هؤلاء المجرمين بشن هجمات انتحارية متعددة في مناطق متفرقة من محافظة كركوك، و ضد حواجز تفتيش ودوريات للشرطة في حي دوميز والأسرى والمفقودين، كما فجر انتحاريا نفسه عند مدخل مقر شرطة كركوك السابق فيما هاجم إرهابيون آخرون مقرا أمنيا في حي تسعين وسط كركوك، إضافة إلى مقرات أمنية في منطقتي دومير و واحد حزيران، جنوبَ المدينة.
وفي غضون ذلك، أكد مصدر أمني في القوات البيشمركة التابع لاتحاد الوطني الكردستاني البطل، بان إرهابيين الدواعش شنوا هجوما عند الساعة الخامسة من فجر نفس اليوم، على محطة كهرباء (الدبس) الغازية ومشروع محطة (دبس) الجديدة المجاورة لها في محافظة كركوك، وأسفر الهجوم عن استشهاد ثمانية من منتسبي المحطة من الفنيين العزل، وإصابة منتسب واحد إصابته خطرة، فضلا عن جرح خمسة من منتسبي شرطة الكهرباء، وقد أدى هذا الهجوم إلى توقف المحطة بالكامل جراء تفجير غرفة السيطرة للوحدة التوليدية رقم 6 وتخريب القاعة الرئيسية.
وعلى اثر ما شاهدته محافظة كركوك من إحداث دامية و هجمات إرهابية وبما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى، دفع بالقوات الأمنية إلى فرض حظر التجوال، واتخذت قوات الاسايش – وهي قوات الأمن الكردية - والبيشمركة إجراءات أمنية مشددة في أحياء كركوك المختلفة، حيث قامت على الفور قوات البيشمركة ومكافحة الإرهاب و قوات الأمن الكردية(الاسايش) في تطهير إحياء المدينة من الإرهابيين، بعد إحباط محاولتهم الفاشلة للهجوم على المدينة بغية احتلالها، وقد قتل كل المهاجمين والانتحاريين الذين نفذوا هجماتهم على المدينة وحاولوا احتلال بعض المباني الحكومية وفنادقها .
وفور وقوع هذه الهجمات الإرهابية من قبل فلول الدواعش الإرهابية وصل كركوك النائب الأول للامين العام للاتحاد الوطني الكردستاني الأستاذ (كوسرت رسول ) إلى محافظة كركوك لمتابعة لعمليات الأمنية وتفقد عملية السيطرة على المدينة بعد الهجوم الذي شنه عناصر من فلول الدواعش الإرهابية على مناطق متفرقة من مدينة كركوك، وقد التقى مع سيادة محافظ كركوك لاطلاع على أخر تطورات المشهد في المدينة، كما وتفقد عددا من المواقع والإحياء في مدينة كركوك لمواكبة التطورات الأمنية والتضحيات التي قدمتها القوات من الشرطة والاسايش والبيشمركة والأجهزة المشتركة وتفانيهم في مواجهة عصابات داعش الإرهابية جراء الإحداث التي وقعت في المدينة .
وفي وقت ذاته كان محافظ كركوك الدكتور (نجم الدين كريم ) قد اصدر بيان أكد للمواطنين وللإعلام الداخلي والخارجي (( ...بان قوات الشرطة والاسايش والبيشمركة والأجهزة الأمنية المشتركة المنضوية تحت اللجنة الأمنية بالمحافظة قد نجحت في إحباط واحدة من اكبر الهجمات الإرهابية التي نفذتها عصابات داعش في سعيها الخائب للسيطرة على مبنى محافظة كركوك وعددا من الدوائر والأبنية الحكومية واخذ اكبر عدد ممكن من الرهائن سواء كانوا من أهالي مدينة كركوك أو من الأحبة (المسيحيين) النازحين الذين يدرسون في كليات جامعة كركوك، لكن القوات الأمنية الشجاعة وبدمائها الطاهرة حمت مجددا كركوك، وان شرف التصدي والقضاء على عصابات التكفير هو سيكون بأيدي العراقيين دون تدخل من إي قوة أجنبية....
وقد أوضح سيادته إن إدارة كركوك تلقت عددا من الطلبات التي تقدمت بها دول صديقة للعراق لتقديم الدعم لمحافظتنا العزيزة لكننا شكرناهم لمواقفهم ومشاعرهم تجاه مواطني كركوك ..مؤكدا في الوقت نفسه عدم حاجة كركوك لأي مساعدة وفي حال رغبتنا بها سنطلبها مباشرة من القائد العام للقوات المسلحة رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي... ((.
فيما أكد عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني الأستاذ ( آسو مامند) بان ((أكثر من 100 مسلح لداعش كانوا قد دخلوا إلى كركوك، و أوضح بأن وضع المدينة عاد إلى طبيعته بشكل كامل، مشيرا إلى أن السلطات المختصة ستقوم بإجراء تحقيق مع الأشخاص الذين تم اعتقالهم على خلفية ما جرى في كركوك، وللذين الذين قدموا الدعم لمسلحي داعش في المدينة(( .
وخلال تطور الإحداث في مدينة كركوك ، أكد كل من مجلس محافظة كركوك ولآسايش والاتحاد الوطني الكردستاني بأن الأوضاع الأمنية في المحافظة مسيطر عليها بعد الهجمات التي نفذها تنظيم داعش، داعيين الأهالي إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية.
وهكذا تُقبر مخططات الإرهابيين الدواعش مجددا في مدينة كركوك الذين حاولوا النيل من حرية الموطن وأمنه واستقراره لتكون كركوك بإرادة أبنائها وبقيادة الاتحاد الوطني قلعة حصينة ضد إطماع الطامعين لنيل من أمنها واستقرارها.
المصدر: فواد الكنجي
↧