مهدت فصائل المعارضة السورية لـ«معركة حلب» بمئات الصواريخ والقذائف المدفعية، طالت مطار النيرب العسكري في عاصمة الشمال السوري، بموازاة قصف مناطق على الساحل السوري، وصلت إلى أطراف مدينتي القرداحة وجبلة بريف محافظة اللاذقية، ومطار حميميم الذي تستخدمه روسيا كقاعدة عسكرية جوية لها على الساحل السوري، بحسب ما ذكرت «شبكة شام» السورية المعارضة.
ويشير هذا الزخم العسكري، إلى تعزيز قوات المعارضة وحلفائها لقدراتها النارية في سوريا، بعد وصول دفعات من الأسلحة والذخائر في سبتمبر (أيلول) الماضي، بحسب ما ذكر معارضون سوريون، في صفقة تسليح جديدة حازت على تغطية من الولايات المتحدة الأميركية، وتسلمتها فصائل معتدلة. تلك الأسلحة، استخدمت أمس، إلى جانب أسلحة تقليدية تمتلكها فصائل المعارضة منذ نحو أربع سنوات، أهمها صواريخ «غراد» ذات المدى القريب (18 كيلومترًا) والمدى البعيد (40 كيلومترًا) والتي عززت القدرات العسكرية المعارضة، و«أهلتها لتطال مواقع عسكرية في عمق المناطق التابعة للنظام على الساحل السوري»، بحسب ما قال قيادي عسكري معارض لـ«الشرق الأوسط».
وأفادت شبكة «شام» المعارضة أمس، باستهداف قوات المعارضة بستة صواريخ من نوع غراد «مطار حميميم العسكري بمحيط مدينة جبلة، حيث سقط صاروخان داخل المطار وصاروخان في قرية بديروتان وآخران في قريتي عين شقاق والشراشير، حيث أدت لسقوط جرحى تم نقلهم إلى مستشفى مدينة جبلة»، مشيرة إلى أن الثوار استهدفوا «معاقل النظام في محيط قمة النبي يونس» بريف اللاذقية الشمالي، «محققين إصابات مباشرة».
بدوره، أكد «مكتب أخبار سوريا» المعارض، أن عنصرًا من القوات النظامية قتل وأصيب أربعة مدنيين آخرين، جميعهم من عائلة واحدة، جراء استهداف فصائل المعارضة بصواريخ من طراز غراد ريف مدينتي جبلة والقرداحة الخاضعتين لسيطرة القوات النظامية بمحافظة اللاذقية. وقال قائد عسكري في الجيش الحر عامل بريف اللاذقية، لـ«مكتب أخبار سوريا»، إن فصائل المعارضة قصفت بستة صواريخ مطار حميميم العسكري بريف جبلة الشمالي، والذي تتخذه القوات الروسية كقاعدة عسكرية لها، مؤكدا ورود معلومات تفيد بوقوع إصابات داخل المطار، كما تم قصف القرداحة أيضًا.
ورغم أن أيًا من الفصائل العسكرية أعلن عن هذا الاستهداف، فإنه، إذا كان صحيحًا، يعد تطورًا في قدرات المعارضة النارية، ذلك أن المسافة التي تفصل أقرب نقطة لقوات المعارضة في شمال غربي سوريا عن مطار حميميم في اللاذقية، تتخطى الـ45 كيلومترًا «خط نار»، و55 كيلومترًا عن مدينة جبلة، وأكثر من 50 كيلومترًا عن القرداحة، بحسب ما قال قيادي معارض فضل عدم الكشف عن اسمه، مضيفًا لـ«الشرق الأوسط» أن هذه القدرات «تتخطى قدرة صواريخ الغراد بالمدى البعيد التي يصل مداها إلى 40 كيلومترًا كحد أقصى». وقال إن مواقع سيطرة المعارضة «باتت بعيدة أكثر من 40 كيلومترًا إثر التقدم الذي أحرزه النظام بدعم جوي روسي في الشتاء الماضي».
وقال القيادي في «أحرار الشام» محمد الشامي لـ«الشرق الأوسط» إن استهداف مناطق عمق النظام في الساحل السوري «تم من محورين أساسيين أولهما من الجانودية القريبة من جسر الشغور في ريف محافظة إدلب الغربي، والثاني من سهل الغاب بريف حماه الشمالي الغربي»، مشيرًا إلى أن القدرات النارية التي تمتلكها المعارضة «باتت قادرة على فرض توازن عسكري في الشمال». وقال: «الصواريخ التي نستخدمها، هي عبارة عن صواريخ امتلكناها جراء السيطرة على مواقع النظام في وقت سابق، وصواريخ محلية الصنع تم تطوير مداها في الفترة الأخيرة»، وهي الصواريخ التي استخدمت في التمهيد الناري الذي السبق الهجوم على حلب، بينما الصواريخ التي استخدمت لقصف مدن اللاذقية «فهي من الصواريخ التي وصلت أخيرًا إلى الفصائل المعتدلة».
عن معركة حلب، قال الشامي إن «أكثر من ألف صاروخ وقذيفة قصفت عمق النظام في المنطقة الخاضعة لسيطرته في المدينة، وعطلت مطار النيرب في حلب، بعد استهدافه بصليات من صواريخ الغراد»، مشيرًا إلى أن هذه الصواريخ «قلبت موازين المعركة، وهو ما أدى لتقدم قوات المعارضة وحلفائها خلال ربع ساعة فقط». وأشار إلى أن الصواريخ التي استخدمت فهي من نوعي «غراد» و«فيل» التي غنمت من مواقع النظام «وتم تفكيكها وتصنيع أعداد منها، رغم أنها لا تمتلك دقة بالإصابة، لكنها تستطيع أن تبث الذعر بالنظر إلى قوتها وضخامتها». فضلاً عن قذائف «مورتر» من أنواع مختلفة، بينها الجيل الثالث، وقذائف أخرى من نوع «جهنم» وقارورات الغاز المتفجرة.
من جانبها، عرضت جبهة «فتح الشام» مقاطع فيديو تظهر القدرات النارية لقوات المعارضة وحلفائها، وأظهرت منصات إطلاق صواريخ من نوع «فيل»، وأخرى من صواريخ غراد، وراجمات صغيرة لإطلاق الصواريخ تتفاوت بين الـ16 و24 فوهة مثبتة على آليات صغيرة. وقال الخبير العسكري المعارض العميد أحمد رحال لـ«الشرق الأوسط» إن الصواريخ الصغيرة «هي صناعة محلية»، بينما صواريخ الغراد «تستخدم من أكثر من ثلاث سنوات ونصف، وهي نوعان، بعيدة المدى وقصيرة المدى، ويمكن أن تشكل هيمنة نارية على المواقع المستهدفة». وقال إن تلك الصواريخ «تصل إلى الشمال السوري وتمتلك قوات المعارضة أعدادا منها تمكنها من أحداث فارق عسكري».
أما «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، فتحدث عن «مئات الصواريخ سقطت على أحياء مدينة حلب ومناطق الاشتباك ومطار النيرب العسكري خلال استهداف كل طرف لمناطق سيطرة الطرف الآخر، ما أسفر عن استشهاد 15 مدنيًا وإصابة أكثر من 100 آخرين بجراح»، كما أشار إلى سقوط سقطت قذائف على أماكن في حي المزرعة الذي توجد به السفارة الروسية وسط العاصمة السورية.
وجاء القصف بموازاة اندلاع اشتباكات متقطعة في عدة محاور بجبل الأكراد في ريف اللاذقية الشمالي، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من طرف آخر.
المصدر: الشرق الأوسط
↧