واصلت موسكو عملية الترويج لفشل الجهود الأميركية - الروسية بالتوصل لصياغة حل سياسي للأزمة السورية، وذلك بعد إعلان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو يوم أمس أن «احتمالات البدء بتسوية سياسية وعودة الشعب السوري إلى حياة هادئة أرجئت إلى أجل غير مسمى». ويأتي تصريح شويغو بعد أيام على إقرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بفشل محاولات التوصل إلى اتفاق مع الرئيس الأميركي باراك أوباما لوقف سفك الدماء في سوريا.
وبينما وضع مراقبون التصريحات الروسية الأخيرة في إطار شد الحبال المستمر بين موسكو وواشنطن وسعي الأولى لجر الثانية إلى طاولة المفاوضات بأسرع وقت ممكن للحد من التكلفة التي تتكبدها نتيجة دخولها في المستنقع السوري وقتالها إلى جانب قوات النظام، اعتبر الأمين العام للائتلاف المعارض عبد الإله فهد، أن هذه التصريحات كما المعطيات الإقليمية والدولية تؤكد أن «لا حل، لا سياسي ولا عسكري في الأفق القريب، وبالتحديد بعد فشل النظام وحلفائه بالتوصل لحسم عسكري في حلب وإدلب وتكبدهم خسائر كبيرة»، مرجحا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن تكون هناك مساع لإتمام توافقات دولية جديدة للتوصل لحل سياسي حقيقي للأزمة السورية.
من جهته، وضع رياض طبارة، سفير لبنان السابق في واشنطن، المواقف الروسية الأخيرة في إطار «شد الحبال» المستمر مع الولايات المتحدة الأميركية لافتا إلى أنه وبعدما تراجعت موسكو خطوات إلى الوراء من خلال الهدن التي أعلنتها في حلب، لتشجيع الأميركيين على العودة إلى المفاوضات، عادت للتهديد والتصعيد، علما بأننا نعي تماما أن ما أعلنه وزير الدفاع شويغو لا يمكن أن يكون نهائيا. واعتبر طبارة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الروسي يريد العودة وبشكل ملح إلى المفاوضات لأنّه لا يستطيع أن يتكيف طويلا مع الحرب المكلفة له وخاصة على الصعيد الاقتصادي».
ورأى طبارة أن الأمور في سوريا لا تزال «معقدة وطويلة»، خاصة أن الرئيس الأميركي المقبل، خاصة في حال كان وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، «سيحاول مواجهة التمدد الروسي كما لن يتوانى عن مواجهة إيران داخل سوريا». وأضاف: «الأرجح أن المخطط الأميركي المقبل في سوريا يهدف لإغراق موسكو أكثر في الوحول السورية، كما فعلت واشنطن في أفغانستان لتأتي روسيا إليها بعد فترة تفاوض من نقطة ضعف».
وبالتوازي مع فشل أطراف الصراع السوري بتعبيد الطريق مجددا للعودة إلى المفاوضات ووضع حد للأزمة السورية المستمرة منذ عام 2011، عاد الحديث عن تقسيم سوريا كحل وحيد ممكن لفرض الأمن والاستقرار، وهو ما تحدث عنه أميتاي إتزيوني أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورج واشنطن في مقالة كتبها في موقع «المصلحة القومية» بعنوان «سوريا و100 يوم الأولى للرئيس الأميركي المقبل»، طرح من خلالها خطة لتسوية الأزمة يمكن بواسطتها تفادي التداعيات الراهنة الخطيرة. واعتبر إتزيوني، وهو أكاديمي إسرائيلي أميركي، أن «على الولايات المتحدة أن تدرك الحاجة إلى إعادة رسم خريطة سوريا والعراق الحالية، ومنح الأكراد الذين وصفهم بأنهم الحليف الوحيد للولايات المتحدة في المنطقة بعد إسرائيل، حكما ذاتيا على الأقل، ومنح مناطق السنة في العراق مستوى عاليا من الاستقلالية بما في ذلك حق تشكيل وحدات للدفاع عن مناطقهم». ورأى أن الحل أن تصبح سوريا عبارة عن دول فيدرالية، وأن تكون حدودها موضوعا لمفاوضات متعددة الأطراف.
وبدا لافتا تزامن طرح إتزيوني مع ما أوردته صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، بعنوان «التقسيم هو الحل الأفضل لإحلال السلام في سوريا»، أشارت فيه إلى أن «الحل الوحيد للحرب المستعرة في سوريا بالنسبة لأميركا وشركائها الأوروبيين، هو وضع (خطة تقسيم) وتجهيز جيش بأعداد ضخمة لتطبيق ذلك».
ولا يُعير عبد الإله فهد الكثير من الأهمية لإعادة الترويج لطرح التقسيم، لافتا إلى أن كل الدول الإقليمية ترفض هذا الخيار جملة وتفصيلا، أضف إلى أن أحدا من الدول الغربية لا تتبناها وتؤكد رفضها له. وقال: «قد يكون واقع أن سوريا حاليا مقسّمة بين جماعات تسيطر على أقسام مختلفة منها يعيد كل فترة الحديث عن حل للأزمة يعتمد التقسيم النهائي، إلا أن هذا غير مطروح على الإطلاق».
أما رئيس المركز الكردي للدراسات نواف خليل، فيرى أن «الفيدرالية هي الحل الوحيد للملمة الجسد السوري المقسّم والمتشظي، خاصة أن فدرالية روجافا تقدم نموذجا واضحا وتمنع مخططات التقسيم التي ترفضها كل المجموعات الكردية». واستبعد في تصريح «الشرق الأوسط» أن ينقلب الرئيس الأميركي الجديد على السياسة الأميركية المعتمدة في سوريا منذ عام 2011، مرجحا أن يكون هناك بعض التغييرات التي لا ترتقي إلى حد التحول أو الانقلاب، والتي ستترافق مع مزيد من التصعيد من قبل المعارضة بمقابل استخدام النظام لأعتى أنواع العنف.
المصدر: الشرق الأوسط
↧