استأنفت المعارضة معركتها غربي حلب، ظهر الخميس، وباشرتها بتفجير سيارتين مفخختين في حي حلب الجديدة، بعدما توغلتا مسافة جيدة في الحي المحصن. وقالت المعارضة إنها تمكنت من نسف تحصينات المليشيات، وقتلت عدداً كبيراً منهم، من جنسيات عراقية ولبنانية وإيرانية. وأتبعت المعارضة تفجير السيارتين بتمهيد عنيف بالأسلحة الثقيلة، من صواريخ ومدفعية، على مواقع المليشيات في الحي.
ودخل مقاتلو المعارضة من غرفتي عمليات "جيش الفتح" و"فتح حلب" أطراف حي حلب الجديدة، و"مشروع 3 آلاف شقة" في الحمدانية، بعد كسر الدفاعات الأولى للمليشيات. وتدور معارك عنيفة بين الطرفين وحرب شوارع، الآن، وسط قصف متبادل. وأعلنت المعارضة أن "المرحلة الثانية" من معركة "كسر الحصار" قد بدأت، وتهدف إلى السيطرة على حيي حلب الجديدة وأجزاء من حي الحمدانية، التي ستؤمن لها فك الحصار، ووصولها إلى الأحياء الشرقية المحاصرة.
وكان النظام وحلفاؤه، قد نجحوا في وقف تقدم المعارضة غربي حلب، وتسلموا منها زمام المبادرة، وشنوا هجمات متواصلة برية وجوية لاستعادة مواقعهم التي خسروها بداية الأسبوع. وكان الهجوم الرابع والأعنف للمليشيات، الأربعاء، قد استهدف منطقتي منيان و"ضاحية الأسد"، لتدمرهما صواريخ ومدفعية المليشيات وغارات الطيران بشكل شبه كامل. ورغم ذلك، لم تتمكن مليشيات النظام من استعادة المنطقتين من قبضة المعارضة، التي بدت متمسكة بمكاسبها البرية، الأمر الذي كان له دور كبير في استئناف العمليات، الخميس.
وكانت المليشيات قد عززت من تواجدها العسكري في أطراف حلب الغربية من جديد، ونشرت مزيداً من القوات في جبهات الداخل تحسباً لأي هجوم يأتي من قبل المعارضة المحاصرة في الأحياء الشرقية. وكان نصيب أحياء صلاح الدين وسيف الدولة والحمدانية وحلب الجديدة، هو الأكبر، من الدعم القادم من دمشق وحماة والساحل، والذي وصل حلب تباعاً خلال الأيام الثلاثة الماضية عبر طريق البادية.
وعلى الرغم من الهجمات المتكررة للمعارضة التي استهدفت أرتال التعزيزات التابعة لمليشيات النظام في البادية، إلا أنها لم توقفها. وانتشر ما يزيد عن ألفي عنصر جديد من "حركة النجباء" العراقية و"حزب الله" اللبناني و"صقور الصحراء" و"القوات الخاصة" مدعومين بأسلحتهم وآلياتهم الثقيلة والمتوسطة في الجبهات الأكثر سخونة، والتي يتوقع النظام اشعالها في أي لحظة من قبل المعارضة.
وفي موازاة ذلك، أحرق الطيران الروسي الأطراف الغربية للمدينة، والتي أحرزت المعارضة تقدماً في محاور متعددة فيها. وتستهدف الغارات الروسية، الريف والضواحي القريبة، بالقنابل العنقودية والارتجاجية والصواريخ الفراغية، بأكثر من 200 غارة يومياً على مدى 24 ساعة. ويطال القصف المركز كلاً من المنصورة والراشدين و"البحوث العلمية" وسوق الجبس و"مشروع 1070 شقة" و"ضاحية الأسد" ومنيان ومعمل الكرتون وكفرنوران وكفرناها وخان العسل وجمعية الكهرباء وجمعية المهندسين و"الفوج 46" وخان طومان وطريق حلب–دمشق. كما تواصل الطائرات من دون طيار، طلعاتها الجوية، واستهدافها المتواصل لتعزيزات المعارضة غربي حلب.
وأثّر القصف الروسي بشكل كبير على المعارضة، وأعاق تحضيراتها في مفاصل متعددة خلال اليومين الأخيرين، كما تسبب القصف الروسي بوقوع مجازر بحق المدنيين آخرها في بلدة ميزناز في ريف حلب الغربي قرب كفرنوران، بعد استهداف منازل يقطنها مدنيون بعد متصف ليل الأربعاء/الخميس، ما أسفر عن مقتل 9 أشخاص.
ويواصل الطيران المروحي التابع للنظام، شن هجماته الكيماوية غربي حلب، ملقياً المزيد من براميل الكلور والغازات السامة المتفجرة. واستهدف القصف ليل الأربعاء، جمعية الكهرباء بالقرب من خان العسل، بعدد من البراميل أدت لحدوث حالات اختناق في صفوف المدنيين.
وعادة ما يكثّفُ النظام القصف بالغازات السامة، بعيد منتصف الليل، مراعياً حركة الرياح واتجاهها، لتفادي وصولها مرة أخرى إلى الأحياء التي تخضع لسيطرته في حلب الغربية.
وتزامن حشد مليشيات النظام مع إعلان روسيا هدنة جديدة تهدف إلى إخراج السكان المدنيين والعسكريين من حلب الشرقية المحاصرة. وقد وجه النظام وروسيا دعوات متكررة خلال الـ24 ساعة الماضية للمُحاصرين بوجوب الاستسلام والخروج، عبر رسائل نصية على الهواتف الخليوية، ومنشورات ورقية ألقتها الطائرات.
المتحدث باسم "حركة نور الدين زنكي" النقيب عبدالسلام عبدالرزاق، قال لـ"المدن"، إن هجوم المعارضة الجديد، الخميس، هو "ردنا على الهدنة الروسية الكاذبة، والتي كان من المقرر أن تبدأ الجمعة. فالروس لم يوقفوا غاراتهم على حلب، وهم يخدعون المجتمع الدولي باستمرار، فحصار حلب لن يكسره إلا القتال، والمعركة مستمرة حتى تحقيق أهدافها".
وأضاف عبدالسلام أن "روسيا تحاول المراوغة برعاية الهدن الوهمية وهي طرف أساسي في المعارك وفي قتل الشعب السوري". فالقوات الروسية موجودة على أرض حلب وقد عززت وجود الضباط وحتى الجنود في الآونة الاخيرة، وتحاول استيعاب وامتصاص معركة فك الحصار بالهدن. و"تستعرض روسيا قواتها وأساطيلها الخارجة عن الخدمة في البحر المتوسط، وأغلب البوارج الروسية هي اضحوكة الصناعات العسكرية ولا تصلح حتى للعرض وهي للضغط النفسي فقط". ولكن الطيران الروسي مستمر في غاراته، و"ربما روسيا سوف تزيد طلعات الطيران بالفترة القادمة لكن ذلك لا يعني تراجع لنا على الجبهات أو في خطط معاركنا، فنحن نتوقع أي شيء من دولة محتلة مجرمة".
المصدر: المدن - المدن - عرب وعالم
↧