خرج الشاب السوري وائل الزهراوي، خرّيج كلية الحقوق وطالب الدراسات العليا في جامعة حلب، من أقبية المخابرات في حلب لينقل ما عجز الكثيرون عن تذكّره مما حدث معهم في معتقلات النظام وأقبية التعذيب في أفرعه الأمنية.
كلماتٍ تقطر دماً دوّنها الزهراني الحلبي على صفحته الشخصية في "فيسبوك"، ليروي للعالم وحشيةً لم يشهد لها التاريخ وألواناً من الموت لم يعرفها التتار ولا المغول ولا حتى وحوش الغابات:
هكذا اعتقلوني
عندما بدأ يصفعني بعد أن كبل يديّ لم أكن أشعر بالألم بقدر ما كنت أشعر بالحزن على أمي التي كانت تنظر إلي وهم يضربوني…
أحدهم ضربني بعصاه على رأسي فسال دمي على وجهي، خطوت باتجاه الدرج كي لا أرى أمي وهي تسقط …
ركلني أحدهم فتدحرجت وأنا مكبل اليدين لا أستطيع أن أقي ذاتي من أي شيء كأن أضلاعي قد تكسرت..
في مدخل العمارة لم ألتفت باتجاه أمي التي كانت تصرخ باسمي من على شرفة بيتنا في حلب لا أريدها أن ترى الدم يغطيني..
في السيارة وضعوني بين المقاعد الأمامية والخلفية وجلسوا فوقي يضربوني بكل شيء تخدرت نسبياً لكن مسخاً منهم رفع بندقيته وهوى بها على رأسي الذي كان ملتصقاً بأرض السيارة فغبت عن الوعي تماماً ….
صحوت قليلاً بعد مدة لا أعرفها فقذفوني خارج سيارتهم تحت مكتب المجرم النقيب مازن المحمد مسؤول قسم المداهمة في فرع أمن الدولة بحلب صعدت الدرج على أربع وقفت أمامه مستنداً للحائط فقال :
أهلين بالأستاذ ليش هيك عاملين فيك الشباب الظاهر انك محبوب كتير شو أخبار المعارصه… كان فمي مخدراً فلم أرد فضربني واحد منهم وقال رد ولاك ابن العاهره…..
تدخل النقيب وقال خلص اتركوه ونزلوه لتحت… سحبني اثنان منهم على الأرض ..
تحت مكتبه وضعوا برأسي كيساً أسود وجروني لغرفة واغلقو الباب لم أكن أرى شيء كنت ملقى على الأرض مرت دقائق وفُتِحَ الباب سمعت أكثر من صوت كنت خائفاً جداً ..
قال أحدهم وهلق بدنا نعملك حفله يامعلم رح يحضرها الله ورفقاتوا…
ومع نهاية جملته شعرت بالكبل يشق لحم ظهري وعصا أمسكها آخر يضرب بها اقدامي وثالث كان يركلني على صدري ورأسي
أصابتني إحدى ضربات الكبل على أذني فصرخت يالله يا يوب.. يايوب وينك دخيل الله أبي رجل عجوز لن يأتي ولا يعرف أين أنا …
تحولت ضربات الكبل على رأسي وصدري شعرت أن الألم يخونني و يحتد لدرجة يكاد قلبي يتوقف من شدتها والدماء صارت تمنعني أن أفتح عيناي وفمي مملوء بطعم الدم وأنا اتقلب ببن ضرباتهم واصرخ ..
سمعت احدهم يقول خود، هي يا ابن الشرموطه وضربني على رأسي .. كأن رأسي قد انشطر نصفين ولم أعد أشعر بشيء ورأيت أبي يصلي كعادته وابنتي تضحك وتلاعبني وصوت الهتافات التي كانت حياتي في المظاهرات وكيف كنت طفلاً أركض في حارتنا….
عندما سكبو الماء على رأسي كنت أمام الزنزانات في قسم التحقيق قال لي المساعد :
وائل الزهراوي دراسات حقوق من حلب
معك موبايل وهويه وألفين ليره وهالاوراق في شي غيرهن أومأت له لا…
قال خدوه جرني أحدهم للزنزانة الثالثة التي كتب لكم منها ما رأيته وسأكتب أكثر ورماني هناك وأغلق الباب وبدأ أول يوم لي في التجربة التي قصمت حياتي لما قبلها وما بعدها..
أنا السوري وريث عقود من الصمت والقهر ذبحت ألماً لأني صرخت لا لن أرضى بالذل ولن أخاف منكم أيها المسوخ…
أنا السوري الذي علم العالم اللغات وبات يخاف من الحرف
أنا السوري الذي يغطيني دمي لأني طلبت حريتي
أنا المعتقل وائل الزهراوي يااا وطني…..
في جويّة دمشق
في مطار المزة العسكري فرع المخابرات الجوية بدمشق رائحة الدم تفوح من كل شيء لا يوجد على وجه الأرض مكانٌ كذاك المسلخ
كنت أرتجف في تلكـ الليلة الباردة من ليالي كانون كانت الساعة تقارب الواحدة ليلاً
بدأنا نسمع اقتراب اصواتهم ومع ادخالهم المفتاح في قفل الباب كنا جميعاً قد وقفنا واستدرنا نحو الحائط …وجاء صوت المساعد :
عبد الغني الشيخ فقال حاضر سيدي
تعا يا ابن العاهره تعا .. إنه أبو رسول من غوطة دمشق كان قد تجاوز الستين من عمره قبل شهر بحة صوته لن انساها مدى حياتي…
مرت ثوانٍ قليله ثم صرخ المساعد وائل الزهراوي يا إلهي وقع اسمي عليَّ كالموت أنا بالكاد أقوى على الوقوف فقلت حاضر سيدي :
تعا تعا والله لألعن اللي خلقك شلاح تيابك ولاك.. فخلعت ثيابي وبقيت بالسروال الداخلي كان يحمل في يده كبل محرك الطائرات كل ضربة منه تشق اللحم إلى نصفين.. كبل يدي للخلف ثم كبل رجلي ووضع على عيني قماشة سوداء وشدها للخلف وجرني من شعري مشينا وهو يدق رأسي بالجدران كلما غيرنا وجهتنا
صعدنا الدرج ثم خرجنا إلى ساحة المبنى أَجلَسني على الأرض جاثياً كان البرد قاتلاً سمعت صوت الكبل يشطر الهواء ثم هوى على لحم صدري فأحسست كأن أحدهم صب علي زيتاً يغلي فصرخت آآآآآآه ووقعت على الأرض فقال المساعد :
أيوه خليك هيك حتى ارجعلك فهمت …
كانت الأرض أشد برودةً من الجليد ولم أكن أرى أي شيء دقائق قليلة و بدأت أرتعد تصلبت كل أطرافي… . بعد برهة لم أعد أشعر بقدميّ ولا بأصابع يدي أسندت رأسي على الأرض كنت أحاول أن لا أموت رغم أني كنت أرغب بالموت بشده…
بعد ما يقارب الساعة سمعت صوت المساعد :
نمت يا كلب ماهيك .. لم أستطيع النطق لكنه ضربني بالكبل على فخذاي مرتان متتاليتان فبدأ الدم ينزف وقال قوم ولاك عرصا…. فوقفت ثم وقعت وخوفاً من أن يضربني وقفت ثانيةً
أدخلني لغرفة التحقيق سمعت صوت المحقق ذاته ثنيت قدماي فأدخلوا الدولاب من ركبتي ثم أدخلو قضيباً معدنيا بين فخذاي وساقاي هكذا أصبحو يتحكمون بي كما يشاؤون لحظات و بدأ الكبل يمزق لحمي من كل مكان وانا أدور في أرض غرفتهم أحدهم كان معه كبل رباعي يضرب به ظهري وصدري والآخر معه كبل الطائرات يشق به لحم قدماي وأسفل جسدي كنت أصرخ كأني أموت واحتضر لعل أي شيء يخلصني لكن ما من مجيب …. أكثر ما كان يؤلمني حين يصيب الكبل رقبتي كنت أموت وأعود للحياة من جديد…
اقترب المحقق مني وضع رجله على صدري وامسك شعري وقال : مين عطاك الأسماء ولمين وصلتهن ولاك لمين يا ابن الشلكه لمين والله لادفنك هون اليوم مين ولاك احكي والله لرجعك لبطن يا ابن العاهره….
مابعرف ياسيدي والله انا ما كنت هنيك يا سيدي والله يا سيدي اشتد الضرب أكثر وأكثر وعلا صوت صراخي لدرجة لم أعد أسمعها ثم لم أعد أشعر بشيء … عندما بدأت أرى ما حولي كان كل مافي جسدي يؤلمني لقد توقعت ما سيكون شبحوني …
علقوني بالسقف من يداي وأنا بالكاد ألامس الأرض بطرف أصابعي يااااااه كم تختزن أجسادنا أعماقاً من الألم كنت أشعر أن هناك من يفرم مفاصل كتفي ويدق غضاريفي أشعر بألم إلهي اللحظات…. وعلى حين موت نظرت أمامي ولم أصدق عيناي رجل مشبوح عينه اليمين مقلوعه ورجله مكسوره وبطنه مسلوخ فمه ينزف أنفه ينزف وعينه تنزف وهو عاري تماماً وكتفه مفصول تماماً عن جسده … يا إلهي يالله يارب السموات إنه أبو رسول .. لم أكن أعرف هل هو ميت أو حي… كان دوماً يهمس لي الأمل فيكن أنتو الشباب وحكاياته كانت تبعث فيَّ الدفء دوماً ولده مات في فرع الأمن العسكري بدمشق أغمضت عيناي وفقدت الوعي…
صحوت على وقع الكبل على جسدي كأنه يقصمني نصفين ولا زهراوي والله لألعن ربك لم يكن يخيفني تهديده ليس بعد ما أنا فيه سوى الموت وياليته يأتي …
نظرت لعمي أبو رسول كان لونه أزرق تماماً وأحدهم أمامه يقول :
سيدي هادا الكلب فطس…. حملوني، ورموني بزنزانتنا ومعي الكثير من الإحتضار و قليل من الإنتصار لأني لم أقل ما أعرف تذكرت جسد عمي أبو رسول وكيف مات معلقاً و مسحت دموعي بيدي التي طبعت على وجهي بقعة من الدم….
وليكتب التاريخ أن السوريين الحقيقيين سلخت جلودهم أحياء وقلعت عيونهم وتكسرت أطرافهم وذاقو كل أنواع الموت تعذيباً وحرقاً وغرقاً وشنقاً وجوعاً …..
ولم يركعو ولم يخنعو ولم يطلبو الشفقة من أحد ماتوا شامخين أبداً
ولتعلموا يا من تؤيدون النظام أنه ليس هناك على مر التاريخ عبيد كأنتم….
واشهد أيها العالم أننا سنبقى نطالب بحريتنا حتى نحقق ذاك الحلم أو نفنى دونه…. وبعدنا ستعرفون أي جريمةٍ ارتكبتم….
إبرة الإعدام
رغم أنه ليس سوى مجرد مسخ جبان إلا أن صوته وهو ينادي علينا كان يجعل الكثيرين يبولون على أنفسهم لا إراديا..
لم يكونوا جبناء أبدا … لكن أجسادنا ترفض تقبل الموت بأي شكل …في فرع المخابرات الجوية كنت معلقا بالسقف “مشبوحا” للمرة الثالثه وعلى وقع خطوات المساعد أبو إبره كما يسمونه يتشاهد البعض ممن يتوقعون أنه سيأخذهم معه للموت .. يحقنهم بالطابق السفلي هو والمسوخ الذين معه بإبر هواء في رقبتهم من الخلف أحد أعضاء السخره قال لي أحيانا منحط بالإبر مازوط وكان يضحك …
البارحة طلبوني للتحقيق ومنذ ذاك الوقت وأنا معصوب العينين لا أرى شيء … والمفارقة أن المساعد أبو إبره هو من رفع عن عيناي القماشة السوداء , نظر بعيناي وقال هادا أنت يا محامي الكلب لك مو مبارح لعنت ربك عند سيادة النقيب لك لسا ما فطست ولا شو كان اسمك ولاك عرصا .
اسمي وائل الزهراوي سيدي
فضربني بالكبل قال لا مو صحي اسمك محامي الكلب فهمت قول لشوف فقلت له انا المحامي الكلب سيدي فضحك …
عذبوني لدرجة الإغماء عدة مرات ليلة البارحة كنت أبكي وأتوسل وألعن جسدي الذي يجعلني ضعيفا إلى هذا الحد بعد ساعة على بدء التحقيق توقف الضرب ورفعوا الدولاب من رجلي، سمعت صوت واحدا منهم دخل الغرفه وقال : ليك سيدي ليك
مرت ثواني ثم سمعت عويلا كأنه عويل أهل القبور وانفجر الجميع يضحكون ..
كانوا يأتون بمعتقل ويعلقون عليه عشرات اكياس النايلو التي بللوها بالبنزين ثم يشعلونها ويفكون له يداه فيبدأ المسكين وهو معصوب العينين بإطفاء النار التي تأكل جسده فيحرق يداه بالنايلون فيرقص محترقا من الألم وهم يضحكون نعم كانو يضحكون يا إلهي كانو يضحكون
صفعني أبو إبره ولم يأخذني معه للموت تركني معلقا بحزني لأخر العمر …
اختار ثلاثة منا لديه أسماؤهم ,,,, واحد منهم صار يبكي بكاءا غريبا ويذكر اسماء اطفاله اذكره وهو يقول ياسحر يا محمد إلكن الله ياروحي إلكن الله
الذي لازلت أذكر تماما ذاك الرجل الذي كان قبلي شعره الأبيض كان مختلطا بلون دمه وهو معصوب العينين رأيته قبل أن يعلقوني البارحه للحظه أمامي &8230;
ضربني أحدهم على وجهي فأزاح القماشة السوداء فلمحته قبل أن يعيدها على عيناي
بعد ذهاب أبو إبره أدخلوا اثنين وعلقوهما أحدهم كان مخدرا لا يشعر بشيء والثاني كان معصوب العينان ودمه مشى على كل جسده حتى صنع بقعة تحته …
بعد ساعتين أتى المساعد ليمرر قارورة الماء على شفاهنا كي لا نموت فالموت هم من يختارون متى وكيف وأين يتم
"اعدموني واتركوا أبي"
بعد أن غادر المساعد الغرفة صحى قليلا ذاك الشاب الذي كان مخدرا قبل ساعات وبدأ يلتفت لم أكن أستطيع رؤية وجهه وهو معلق كان في زاوية لا أراها لكني بدأت أسمع ذاك الصوت الذي كلما تذكرته هزمني ارتجاف اصابعي ولم اعد ارى الحروف وهي تتوارى خلف الدموع كان يقول بصوت خافت :
يابي يابي .. ابي باللهجة الشاميه يابي ابي يابي
كنت أظن أنه يهذي لكن الحقيقة غير ذلك تماما الحقيقة أمر بكثير
لقد كان ذاك الرجل السبعيني المعلق والده
بقي ذاك الشاب اكثر من ساعتين وهو يقول يابي ويبكي ويعيد الكلمة ذاتها أبي يابي
صحى والده مساءا وبدأ يحرك رأسه والشاب لا زال يقول يابي يابي وبدأ يلتفت باتجاه الصوت وهو معصوب العينين وقال مين حسن حسن عرف ولده من صوته ..
انت هون حسن ويحاول ان يلتفت باتجاه صوت ولده وأنا أراه وهو لا يراني
استمر الشاب بقوله يابي فرد عليه ابوه المعلق والمضرج بدمه حسن يا ابني انت هون كان يحرك رأسه وهو لا يرى شيء يحاول أن ينصت باتجاه صوت ولده
الاكثر ألما أني كنت أرى وجه الشاب من خلال انعكاس صورته ببقعة الدم التي نزفها الشاب المقابل معه الذي ادخلوه معه كنت ارى من خلال الدم كي يبكي الوطن بأكمله هناك
ياحسن يا ابني وبدأ يبكي ويقول يا حسن شلون أمك وخواتك يا ابني والشاب يبكي
ويقول مابعرف يابي مابعرف انا بعدك بيوم اجو اخدوني يابي بس كنت عند الأمن العسكري يابي وبعدين جيت لهون ياروحي انت يابي
انت اللي روحي ياحسن ياعيوني انت ياحسن ما بتعرف شي عن امك وخواتك يا ابني
لا ما بعرف يابي شلونك يابي يابي شبك يابي ليش هيك رجلك ورمانه يابي يابي خلي يعدموني ويطالعوك يابي اه يابي اه
حسن يا ابني انا رح موت يابني دير بالك عأمك وخواتك يابي الله يرضى عليكن كلكن
وعلى أثر كلمته الله يرضى عليكن انفجرت بالبكاء لم اعد احتمل حسن وأبوه ذبحاني من الوريد إلى الوريد بعد ساعات أتى المساعد وأمسك الكبل وضرب أبو حسن على بطنه وحسن يصرخ عدموني وطالعو ابي عدموني وطالعو ابي
رد عليه السجان والله لأحطك انت وهالعرصا ابن الشرموطه ابوك بنفس القبر يا ابن الشلكه وقف راجعلك وفك أبو حسن فوقع على الأرض وجروه اثنان منهم وهو يخرج اصواتا لم اعد أدركها ولم ارى أبو حسن بعدها وجروني في اليوم الثاني للزنزانه وحسن بقي معلقا ينادي علي أبوه الذي التهمته وحوش هذا الزمن …
أنا المحامي الكلب كما سماني أبو إبره … لم أكن يوما محاميا لكني لأجل العدالة درست الحقوق
الحقوق التي صار يراها المواطن السوري منة وفضلا من أولئك المسوخ الذين يمثلون قبح هذا العالم
الحقوق التي افتتحنا بها نحن السوريين أول معهد قضائي في العالم قبل التاريخ
نحن السوريين من كنا وسنبقى سادة المعرفة وضوء الحقيقة ومناط العطاء و رسل الكبرياء ورحم الرجولة وصناع التاريخ سنهزم حفنة االحقد هذه سنهزم ثلة الإجرام ممن اتفقو على تسمية أنفسهم نظاما كل مواهبه أن يجرب جميع أنواع الموت بأهل وطنه وبلده
سننتصر ولو بعد حين
أشجع من رأيت &8230;
عندما بدأ يشتمهم لم أصدق ما أسمع.. ليس هناك مكان للشجاعة في أفرع الأمن&8230;
شو مسوي حالك زلمه يا اخو الشر.. زلمه غصباً عنك
رد السجان علي وقال طيب&8230; هلق منشوف والله لخلي مصارينك تطلع من تمك يا ابن العاهره &8230;
بدأت أسمع صوت كبل الدبابه.. قلت لأحدهم همسا بدي أشوف قال والله العظيم ان حسو ليعدموني ويعدموك.. قلت له ما بئى تفرق بدي شوف&8230;
انحنى صديقي الذي كنت قد حملته سابقاً في كثير من الأوقات على ظهري &8230;.
بدأ رفيقي ينهض و بدأت أرى من الطاقة الصغيرة التي تفصلنا عن الممر وغرف التحقيق..
كان ضخم الجثة له شارب خفيف وذقن طويله .. تكاثروا عليه علي وشادي وزكريا والسجان القاتل أحمد.. اثنان بكبل الدبابه وواحد كبل رباعي وأحمد أمسك عصى غليظه&8230;
بدأو يضربونه وهو يصرخ كلاب شوية كلاب أنتو ولا كلاب
وهم يلتئمون اكثر تمنيته لو يسكت دمه غطى كل الجدران
والله لو بموت لك كلاب خاينين كلاب آه آه ياولاد الحرام
اقترب السجان علي بكبله القاتل ضربه عدة ضربات على قفى رأسه بالكبل&8230; ثم أكمل أحمد بالعصى على وجهه وفمه ورفع شادي يديه وضربه على أعلى رأسه استند للحائط ثم سقط للأرض وهو يحرك شفتيه دمه مشى في الممر&8230;
عيناه لم تعودا موجودتان&8230;.
وضع علي رجله فوق رأسه ودعس عليه وقال : شو شايفك خرست يا سبع زمانك&8230;.
لك نحنا داعسين على راس أبوك ولاك ابن الشلكه&8230;
اراد أن يتكلم.. أمسكه علي من رأسه وشده قلو شو
حاول أن يبصق على علي لكن كل ما خرج من فمه كان دماً خالصاً &8230;. وأغمي عليه
رماه علي للأرض وقال هلق شي ربع ساعة بيفطس جهزولو بطانيه
لم يأخذ كل ذلك ثلاث دقائق شعرت أنها تاريخ بأكمله
لأشجع رجل رأيته في حياتي واجه الموت وهو يشتمهم هناك
هناك حيث لازال جزء مني يسمع صرخات المظلومين
ذكرى أبو الوفا مات بتاريخ 19 /2 / 2012
كانت هذه العبارة أمامي كل الوقت محفورة بشيء حاد على جدار الزنزانة الثالثة في فرع أمن الدولة بحلب….. كنت قد يئست من الحياة تماماً نسيت ملامح الجميع وذاكرتي لم تعد تمتد لأبعد مما تصل إليه صرخات التعذيب..
كل ما كنت أريده بشده أن أموت بهدوء أن أنام ولا أصحو بعدها..
أظافر رجلي اليسار قلعوا اثنين منها وعيناي لا أرى بهما جيداً ورقبتي كأنها مكسورة من آثار آخر جلسة تحقيق….
منذ ثلاثة أيام جاؤوا بأبي صابر منذ البارحة بعد أن عاد من التحقيق وهو يبكي لم يتوقف أبدا.. كنت لا أتكلم إلا نادراً …
قلت له : عمي أبو صابر تعى قعود جنبي هون وطول بالك وحاج تبكي
هون ان متت ماحدا بيسأل ياعم
هدي حالك ..
لم يكن قادراً على الوقوف ولم يأكل منذ أتى
المساعد أحمد ضربه على ظهره ومن لحظتها لم يعد يمشي عاد من التحقيق زحفا عندما رموه بالزنزانة وضع المساعد أحمد رجله فوق رأسه وقال له شايف هالكلاش أشرف من أمك …
همست له عندي شئفة خبزه يابسه تاكلها معي رفع يده وقال لا الله يخليك ثم قال :
أنا زبال يا أستاذ أي زبال أنا صرلي 18 سنه بكنس محطة بغداد وفوق جسر تشرين عندي ست ولاد بنتي الكبيرة عم تدرس بالجامعة وبتقول لرفقاتها أبوي عندو دكان بتخجل مني لأني زبالـ،،
الأصغر منها كان لازم يكون عرسها مبارح.. وبكى ثم قال : ادينت 25 ألف من رفيئي مشان اصرفهن عبنتي بيوم عرسها
وانا رجعان كانو عم يستنوني عراس الحاره ولما دخلوني عالسياره ماعدت لئيت المصاري
القهر اللي بقلبي بس الله بيعرفوا رح أموت من وجع رجلَّي دبحوني من الضرب بالكبل وفوق هاد يقلي صرمايتو أشرف من أمي.. أمي الله يرحمها ميته من تسع سنين..
دعاء بنتي اللي كان لازم يكون عرسها اليوم قالتلي يابو لازم نشتري كاتو لا تخجلني قدام اهل خطيبي الله يخليك يا يوب …. وماقدرت… و خجلتها خجلتها ،،بس والله مو بإيدي
آه يا دعاء يا يوب لو تعرفي شئد بحبك آه يا بنتي يا روح أبوكي لو تعرفي شئد مقهور لأني ما كنت معك والله ماكان بدي أخجلك يابنتي رح يوقف قلبي من القهر يا ضناي انتي يا يوب…
في صباح اليوم التالي لم يصحُ أبو صابر
شعره الأبيض كقلبه توقف من القهر والبكاء أبو صابر أبكاني بعد ذلك أياماً …. مات أبو صابر هناك ولم يرى ابنته دعاء مرة أخرى……. بعد ساعة وضعوه في بطانيه وأخذوه ودعاء ابنته لازلت تنتظر
طبيب الأشعة
الساعة الحادية عشر أدخلوه لزنزانتنا عارياً
سألته ما اسمك قال محمد كريم النايف قلت له ماذا تعملـ
قال :طبيب أشعه .. قلت له انت بفرع امن الدولة لاتخف
بعد دقائق طلبوه. ..
عرفت من ملامحه أنه لن يتحمل التعذيب الأصوات التي خرجت منه لا يمكن تصديق أن من يخرجها بشر
أعادوه بعد ساعه كان يشبه ذاته قبل أن يطلبوه كسروا اصبع رجله وشقو أذنه وكسروا له ضرسين وعيناه لايرى بهما
بدأ يصرخ في الغرفه..
اخرجوه ثانية ربطوه ببساط الريح ثم غسلوه بماء بارد اعادوه عاريا ومعصوب العينين ومكبلا للخلف بدأ يتقيأ أمر السجان أن نربطه بالتواليت
وامر البقية ان يتبولوا عليه
الخامسة صباحاً أيقظني شخص قال قوم قوم :
اللي، جابوه اليوم مات
كالعادة أبكي عليهم ثم أكتب عنهم ..
بعد أن ركله السجان واغلق الباب استدرنا نحوه
كان منظره مريعاً .. ظهره نصف مسلوخ وقدماه متورمتان لدرجة مرعبه وذقنه طويله من طرف ومحروقة من الطرف الآخر والقمل اكثر من مسامات جسده وقفصه الصدري واضح جدا لم يكن يلبس سوى نصف بنطال
رفع يديه وقال كرمال الله لا حدا يضربني يا شباب كرمال الله !!!
نظر إلي رئيس الغرفة وكان شبيحاً مجرماً .. لكن أسئلته عن قضايا قانونية تخصه جعلت لي حظوة عنده .. سحبت المعتقل من يده وجلسنا .. قلتلو من وين جايبينك :
-من المخابرات الجويه..
وشئد صرلك هنيك:
-خمس شهور ..
سألته عن اسمه : قال محمود عموري .. شو بتشغل يا محمود قال استاذ رياضه..
في صباح اليوم الثالث بدأ محمود يصرخ راسي .. عم يوجعني راسي كرمال الله راسي
في الليل صار يدق رأسه بالجدار ويصيح رأسي راااااااسي بأعلى صوته .. عرفت أن نهايته اقتربت . .. استمر صراخه وأنا أدعو أن لايسمعه علي السجان ..
هذا السفاح كان قد قتلَ بفرع أمن الدوله بحلب أكثر من تسعة معتقلين… لكن القدر سبق .. صاح السجان علي مين عم يوجعوا راسوا مين والله لألعن ربك..
وقفنا جميعاً استعداد قبل أن يفتح الباب واستدرنا نحو الحائط .. فتح الباب .. بدأ قلبي يتسارع خوفاً على ذاك المسكين .. نظر إليه السجان علي وقال ويلي ولك انت شو حيوان شو عم يوجعك من وين جاي هايا ..
رفعت يدي فقال التفت فاستدرت وانا أنظر للأرض قلت له من فرع المخابرات الجويه سيدي… قال انتى مو محامي..
أجبته بخوف : أنا الموقوف وائل الزهراوي سيدي .. قال طيب خلي الكل وشو للحيط وخليك واقف هون حتى جبلو حبة لراسو.. لم أصدقه طبعاً .. لقد نوى السفاح قتل محمود … مرت لحظات كأنها سنوات
عاد ومعه كبل الدبابه والأغلال كبل له يديه للوراء وكبل رجليه ثم نظر إلي وأنا مطرق برأسي الى الأرض ، قال شوف هالحبه هي .. وضرب محمود بكل قوته على رأسه بالكبل فأطلق صرخةً حسبت أن السماء انشقت لها .. ثم ركله بكل قوته على فمه فخرخ الدم من أنفه كأنه صنبور… صاح محمود وهو يغوص في دمه .. يا يوووم دخيل الله ..
قال لك لسا عم يطلع صوتك .. مسكه من شعره وقربه نحو الباب جعله ينحني كالركوع وبدأ يسحبه للخلف ويدق رأسه بالجدار الإسمنتي بكل قوته .. يسحبه للخلف ويدق رأسه بالجدار الإسمنتي بعد المره الرابعة توقف محمود عن الصراخ… صار يئن.. ضرب رأسه بالحائط احد عشر مرة…
ثم أمسكه السفاح ووضعه بين الباب وطرف الحائط وصار يفتح الباب ويغلقه على رأس محمود .. يفتحه ويغلقه على رأسه .. والمسكين دمه يصب من كل خليه في رأسه عيناه وأنفه، وفمه وأذناه .. صار رأسه كتلة من الدم..
وفجأة تقيأ دماً جامداً..
ضحك السجان علي وقال، ايوه، هلق، طبت،
مابقى فيك شي وأفلته فوقع على الأرض وعيناه جاحظتنان…. رماه للداخل واغلق الباب…
رؤية محمود وهو يسبح في دمه أبكت الجميع .. مرت دقائق حزينة
كان محمود يحتضر ثم شهق شهقتين واسلم روحه ..
↧