بات اتفاق "المصالحة" في حي الوعر غربي مدينة حمص، معلقاً مرة أخرى، وسط تبادل الاتهامات بين النظام ولجنة مفاوضات الحي حول خرق الهدنة، وذلك بعد مضي شهرين من الهدوء والعودة للعمل ببنود الاتفاق المبرم في كانون الثاني/ديسمبر 2015.
ووفق مصادر مقربة من "لجنة المفاوضات"، فإن نبرة النظام في حديثه مع اللجنة تغيرت كثيراً منذ نهاية أيلول/سبتمبر، إذ بات النظام يطالب اللجنة بضرورة الإسراع في إفراغ الحي بالكامل، وتسليمه في مدة تصل إلى شهرين. وأشارت مصادر "المدن" إلى أن النظام مازال مصراً على أن تكون المرحلة القادمة هي خروج سريع لكامل أهالي الوعر وتسليم الحي للنظام على دفعات، وسط اكتفاء النظام بكشف مصير بعض المعتقلين الذي تم تسليم بعض القوائم بهم إلى اللجنة من دون الإفراج عنهم.
وتواصل قوات النظام، قصفَ الحي المُحاصر، بقذائف الدبابات والاسطوانات المتفجرة منذ الأحد، حيث قُتل 5 مدنيين وأصيب نحو 25 أخرين بينهم أطفال ونساء، كما تعرض برج سكني مؤلف من 14 طابقاً للانهيار بشكل كامل. وكانت "لجنة المفاوضات"، قد أصدرت، السبت، قراراً بعدم التعامل مع النظام وعدم الخروج من الحي حتى إشعار اخر.
وحي الوعر محاصر منذ العام 2014 بشكل جزئي، وشهد في آذار/مارس 2016 حصاراً خانقاً استمر نحو 6 أشهر، قبل إعادة العمل ببنود الاتفاق مرة أخرى.
وكان من المقرر عقد اجتماع جديد بين لجنة مفاوضات الوعر ووفد النظام، الإثنين، بعد تأجيله الأحد، قبيل ساعات من بدء تصعيد قوات النظام ضد الحي.
أحد أعضاء "لجنة المفاوضات" في الحي، قال لـ"المدن"، إن محافظ حمص أبلغ اللجنة بأنه سيتم الاتصال بهم لاحقاً لتحديد موعد استئناف المفاوضات.
ولا يزال الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين قوات النظام "ولجنة المفاوضات" في حي الوعر، لإخلاء مقاتلي المعارضة معلقاً، بسبب خلافات بين الجانبين على مصير أكثر 7 آلاف معتقل لدى النظام. وينص الاتفاق على خروج 7 آلاف من المعتقلين، مقابل دخول عناصر فرع "أمن الدولة" والشرطة، إلى الجزيرتين السابعة والثامنة (مناطق سكنية في الوعر)، وتفعيل القصر العدلي والمؤسسات الواقعة بجواره.
وقال عضو آخر من "لجنة التفاوض في الوعر"، لـ"المدن"، إن النظام يهدف إلى الضغط على اللجنة قبيل الاجتماع للتنازل عن بند إطلاق سراح المعتقلين. وأشار إلى أن النظام يريد سيناريو الخروج من الوعر مشابهاً لما جرى في داريا ومعضمية الشام في ريف دمشق، من دون إطلاق سراح المعتقلين.
كما أقدم النظام، الإثنين، على حركة "مفاجئة"، أثارت إستغراب سكان الحي، عندما أُعيد التيار الكهربائي إليه لساعات، في وقت باتت فيه مظاهر الحياة في الوعر متوقفة مع إعلان "لجنة المفاوضات" توقيف المدارس، الإثنين، والامتناع عن إقامة تجمعات بغية اتخاذ التدابير اللازمة نظراً لقصف قوات النظام للحي.
النظام برر تصعيده على حي الوعر وتعليق تنفيذ "الاتفاق" بأنه رد على مصدر إطلاق رصاص قناصة، مصدره حي الوعر، قتلت أحد عناصر قوات النظام وأصابت أخر.
وأخبر محافظ حمص طلال البرازي، "لجنة المفاوضات" في الحي، الأحد، بأنه لم يعد يرغب في متابعة المفاوضات مع اللجنة، مطالباً بنقل التفاوض إلى لجنة أخرى مشكلة من المدنيين فقط.
ويسعى النظام لزيادة الضغط على المدنيين، للإسراع في اتخاذ اللجنة قرارها، والقبول بما يمليه النظام بخروج الأهالي وتسليم الحي بشكل كامل من دون تنفيذ بند "إطلاق سرح المعتقلين". ولا يمكن للنظام تحييد "لجنة المفاوضات" الحالية في الوعر، إذا أراد الاستمرار في "المفاوضات"، كونها ممثلة لفئات مدنية إضافة إلى ممثلين عن الفصائل العسكرية المعارضة داخل الوعر، ودورها الأساس يتمثل في التفاوض على أي اتفاق يخص الحي.
امتناع النظام مرتين عن تنفيذ شرط اطلاق سراح المعتقلين، تراه "لجنة المفاوضات" دليلاً على أن مصير هؤلاء المعتقلين أو غالبيتهم مجهولاً، أو قد يتسبب تنفيذ البند باكتشاف فظائع خطيرة ارتكبها النظام في السجون. ويرفض النظام التطرق إلى قضية المعتقلين منذ بداية الثورة السورية، في وقت اقتصر فيه إطلاق سراح السجناء على عمليات تبادل أسرى بين النظام والمعارضة.
المصدر: المدن - أسامة أبوزيد
↧