شاركت مجموعة كُتاب بصحيفة الغادريان في كتابة مقال حول تداعيات فوز ترامب على سير الأحداث ومستقبل 10 دول ومناطق في العالم.
ومن إجمالي قوة الجيش الأميركي البالغة 1.4 مليون جندي، ينتشر حوالي 150 ألف منهم خارج البلاد. ويوجد في منطقة الشرق الأوسط وحدها نحو 35 ألف موظف في هيئة الخدمات الأميركية، لكن واشنطن لا تفصح عن أي معلومات تتعلق بمناطق تمركزهم.
أفغانستان
"إيما غراهام هاريسون"
لم تحظ أفغانستان باهتمام ملحوظ خلال الحملة الانتخابية، لكن مع توليه مهامه كرئيس للولايات المتحدة الأميركية، لم يعد بمقدور دونالد ترامب تجاهل أطول حرب في التاريخ الأميركي.
يتمركز الآلاف من الجنود الأميركيين هناك ويستمر الوضع الأمني في التدهور مع مهاجمة حركة طالبان المدن الأفغانية وتعزيز سيطرتها على المناطق الريفية وانضمام تنظيم داعش للحرب هناك، بحسب ما ذكرت صحيفة "الغادريان" البريطانية.
ورغم عدم تنفيذ القوات الأميركية في أفغانستان أي مهام قتالية، فقد قُتل 11 جندي أميركي خلال العام الحالي، ما يجعل مهمة الجيش الأميركي هناك أكثر خطورة مقارنة بالعراق أو سوريا.
وكان رد فعل طالبان تجاه نتائج الانتخابات الأميركية هو مطالبة الإدارة الجديدة بسحب القوات الأميركية من أفغانستان، لكن العديد من الخبراء سيحذرون ترامب من أن غياب القوات الجوية الأجنبية والخبراء العسكريين سيجعل البلد فريسة سهلة لطالبان.
ويبدو من مواقف ترامب الحازمة تجاه تنظيم داعش والإرهاب الإسلامي بشكل عام، أنه لن يُسلّم بسهولة مقاليد البلاد، التي قتل بها آلاف الجنود الأميركيين، إلى فصيل إرهابي أقل تشدداً، في إشارة إلى حركة طالبان.
وقد أبدى الرئيس الأميركي الجديد أيضاً مخاوفه بشأن الأسلحة النووية في باكستان.
وكرر ترامب دعوته لحلفاء الولايات المتحدة لدفع مزيد من الأموال لضمان أمنهم، ولا يتوافر في أفغانستان أي سيولة مالية وتعتمد هذه الدولة، التي تعد واحدة من أفقر دول العالم، بشكل كبير على المساعدات الأجنبية لتمويل ميزانيتها. لذا من المرجح أن يظل ترامب عالقاً في الأراضي الأفغانية، ليدفع فاتورة بمليارات الدولارات لدعم وجود الولايات المتحدة والقوات الأفغانية هناك.
دول البلطيق
"لوكا هاردينغ"
تشعر دول بحر البلطيق بالقلق تجاه موقف إدارة ترامب بشأن الدفاع عنها ضد أي غزو روسي محتمل. ففي يوليو/تموز الماضي، قال ترامب لصحيفة "نيويورك تايمز" إنه لن يتدخل بالضرورة لنجدة ليتوانيا ولاتفيا وإستوانيا ما لم يدفعوا أموالاً كافية لخزائن حلف الناتو.
وكثف حلف الناتو من وتيرة تدريباته العسكرية في بحر البلطيق مؤخراً كرد فعل على تنامي نفوذ الكرملين في المنطقة. وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، ستبدأ حاملة الطائرات الأميركية 173rd تدريباً مع قوات لاتفيا في قاعدة عسكرية كانت تتبع الاتحاد السوفييتي سابقاً. ولم يعد واضحاً ما إذا كانت واشنطن ستستمر في هذا التدريب. هناك غموض يكتنف سياسات ترامب تجاه روسيا. وتتزايد المخاوف بشأن احتمال تنازل ترامب عن شرق أوروبا لروسيا.
وسيطلق هذا الوضع يد فلاديمير بوتين لتعبث بمنطقة بحر البلطيق، وستنمو مخاطر إفشال الانتخابات الديمقراطية بهذه الدول وربما يحدث غزو روسي شبيه بما حدث في أوكرانيا وشبه جزيرة القرم في 2014.
كندا
"جون هينلي"
تتخوّف كندا من مصير تجارتها مع الولايات المتحدة بعد فوز ترامب بالرئاسة. وتصدر كندا حوالي 72% من سلعها وخدماتها إلى الولايات المتحدة، ما يشكل 23% من ناتجها المحلي الإجمالي ويوفر حوالي 2.5 مليون وظيفة.
فقد تعهد ترامب بإعادة التفاوض بشأن اتفاقية التجارة الحرة بأميركا الشمالية NAFTA التي وصفها بـ"أسوأ اتفاق تجاري وُقّع في أي مكان على الإطلاق"، ما أثار قلق الحكومة الكندية في العاصمة أوتاوا.
لكن العديد من المحللين يشيرون إلى أن كثيراً من الصفقات التجارية بين الدولتين تنظمها قواعد منظمة التجارة العالمية. كما قال السفير الأميركي لدى كندا إن أوتاوا أبدت استعدادها لإعادة النظر في الاتفاق التجاري، في إشارة إلى حسن نيتها تجاه الإدارة الأميركية الجديدة.
وتمتد مخاوف الكنديين إلى آراء ترامب حول التغير المناخي، الذي وصفه بكونه خدعة ألّفها الصينيون. ولا تقتصر تداعيات موقف ترامب على تهديد اتفاق الأمم المتحدة المناخي في باريس بل يمتد إلى تهديد الاتفاقات الثنائية المبرمة بين باراك أوباما ورئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو التي تهدف إلى الحد من انبعاثات غاز الميثان في صناعة الغاز والنفط.
وفي المقابل، قد تكون مواقف ترامب إيجابية بالنسبة لصناعة النفط الكندية التي تعاني كغيرها من تدني أسعار النفط. رفض الرئيس الأميركي باراك أوباما تنفيذ مشروع خط أنابيب "كيستون اكس إل" الذي كان سينقل النفط من مقاطعة ألبيرتا الكندية إلى ولاية نبراسكا بعد مراجعته على مدار 6 سنوات.
وقال ترامب إنه سيوافق على المشروع، الذي سيسهل من مهمة شركات النفط الكندية في الوصول إلى الأسواق العالمية، إذا ما عرض أمامه مرة أخرى طالما ستحصل الولايات المتحدة الأميركية على نصيبها من الأرباح.
"فرنسا"
جون هينلي
غرّد فلوريان فيلبوت، نائب رئيس الجبهة الوطنية والذراع اليمنى للسياسية اليمينية مارين لوبان، على موقع تويتر مُعلقاً على فوز ترامب بقوله: "عالمهم ينهار، وعالمنا يبنى".
وباتت حظوظ لوبان للفوز بالرئاسة الفرنسية أكثر واقعية بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض. وعلى مدار العامين الماضيين، توقع أكثر من 40 استطلاع للرأي حلول لوبان في المرتبة الثانية أو فوزها بالرئاسة من الجولة الأولى خلال الانتخابات المزمع إجراؤها في 23 أبريل/نيسان 2017.
لكن الرأي التقليدي يذهب إلى تكبّد لوبان خسارة ثقيلة أمام منافسها المتوقع آلان جوبيه، رئيس الوزراء السابق السياسي المحسوب على تيار يمين الوسط. وينظر كثيرون إلى جوبيه على أنه طوق نجاة لفرنسا بعد رحيل رئيسين لا يحظيان بشعبية كبيرة.
ويتخوف الناخبون من بعض سياسات لوبان، منها تعهدها بإخراج فرنسا من منطقة اليورو. وتظهر استطلاعات الرأي الحالية خسارة لوبان أمام جوبيه بواقع 34% إلى 64% على التوالي.
وبعد خروج بريطانيا من منطقة اليورو وفوز ترامب، أدركنا أن استطلاعات الرأي قد تكون خاطئة. لكن حدوث خطأ نسبته تصل إلى أكثر من 30% سيكون أمراً نادراً أو استثنائياً. وتتوافر نفس الظروف التي أدت إلى فوز ترامب في فرنسا. لذا لا يمكننا استبعاد احتمال فوزها، خاصة إذا لم يصمد جوبيه حتى الجولة الثانية من الانتخابات.
إيران
"سعيد كمالي ديغان"
وتتجه الأنظار صوب الرئيس ترامب ويترقب كثيرون موقفه تجاه الاتفاق النووي الإيراني المبرم العام الماضي، الذي اعتبر انتصاراً للدبلوماسية الأميركية حال دون اندلاع حرب أخرى في الشرق الأوسط.
وخلال اجتماعه بلجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية "إيباك" في مارس/آذار الماضي، قال ترامب: "إن التخلص من الاتفاق الكارثي مع إيران" على رأس أولوياته. لكن لم يتضح حتى الآن المسار الذي سيتبعه ترامب بعد فوزه. لقد صرح سابقاً بآراء متناقضة حول الصفقة عندما قال إنه من الصعب إبطال هذا الاتفاق دون دعم أوروبي.
إن تقلص مصداقية ترامب لدى الحلفاء الأوروبيين التقليديين للولايات المتحدة الأميركية جعل كثيرين يعتقدون بأن فوزه لن يسبب الكثير من المتاعب لطهران.
ويؤكد القادة الإيرانيون أن الاتفاق النووي معاهدة دولية، مُعلّق مصيرها بين أيدي أوروبا وروسيا والصين. وإن كانت هناك صعوبة في إبطال الاتفاق النووي، تعي إيران جيداً أن ترامب قادر على الحد من إمكانية وصولها إلى الأسواق العالمية.
ويثير التقارب بين إسرائيل والإدارة الأميركية الجديدة مخاوف إيران بشأن الحرب، لكن علاقة ترامب الجيدة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين تطمئنهم، إلى حد ما.
العراق وسوريا
"إيما غراهام هاريسون"
وتعهد ترامب من قبل بهزيمة الدولة الإسلامية، وقال إنه من بين أولوياته الاجتماع بالقادة العسكريين لمناقشة تنفيذ عمليات جديدة ضد المجموعة الجهادية. وطغت مشاعر اليأس على المعارضة السورية بعد نبأ فوز ترامب الذي أبدى انفتاحه لتشكيل تحالف مع روسيا، فيما استقبل نظام الأسد خبر فوزه بالفرح.
فقد شكّل الطيران الروسي وغيره من أشكال الدعم العسكري نقطة تحول في مسار الحرب السورية لصالح نظام بشار الأسد.
وألمح ترامب أيضاً إلى عدم التزامه بأي تخفيض لعدد القوات الأميركية في العراق أو سوريا. لكنه قد يواجه تحدياً إذا ما استمرت معركة الموصل، التي تعتبر آخر أقوى معاقل تنظيم داعش، عند تسلمه مقاليد الأمور في البيت الأبيض.
وأدان ترامب الهجوم على الموصل واصفاً إياه بـ"الكارثة"، وقال إن القوات الأميركية غاصت في مستنقع، لكنه لم يقدم أي اقتراحات بديلة للوضع الحالي.
ويتوقع أن تدافع بغداد بقوة ضد محاولات ترامب تنفيذ وعوده بالاستيلاء على النفط العراقي لتعويض الولايات المتحدة عن النفقات التي تكبدتها منذ غزو العراق في عام 2003. يعد النفط مصدر الدخل الرئيسي للحكومة العراقية، ويقول خبراء قانونيون إن أي محاولة للاستيلاء على نفط العراق بالقوة سيكون إجراءً غير شرعي وفقاً للقانون الدولي.
إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة
"بيتر بومونت"
ولا تبشر رئاسة ترامب بالخير لعملية السلام المحتضرة في الشرق الأوسط التي انهارت في عام 2014. منذ ذلك الحين، تنامى الصراع في غزة وتبعته موجة عنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين بدأت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي وتوقفت في الربيع. وستعمق سياسات ترامب، التي أعلن عنها خلال حملته الانتخابية، حدة التوترات في المنطقة.
وتعهّد ترامب بتغيّر عقود من السياسات الأميركية تجاه نقاط الخلاف بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقد تعهّد بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها. كما عبر مساعدوه عن آراء مغايرة لتوجهات الإدارة الأميركية على مدار سنوات، التي كانت تعارض بناء المستوطنات الإسرائيلية وتعتبرها حجر عثر في طريق السلام، بينما لن يبدي ترامب أي اعتراضات تجاه هذه القضية. وستتزامن هذه السياسات - في حالة تنفيذها عندما يتسلم ترامب الحكم في يناير/كانون الثاني القادم - مع الذكرى الخمسين لاحتلال الأراضي الفلسطينية في وقت ضعفت فيه آمال الفلسطينيين في عملية السلام.
وقد يؤدي اقتراح ترامب بالتنصل من اتفاق إيران النووي إلى تجدد التوتر بين طهران وإسرائيل.
اليابان وكوريا الجنوبية
"جوستين ماكوري"
دبَّ الذعر في طوكيو عندما أعلن ترامب نيته بشأن إجراء تغيير جذري في العلاقات الأمنية التي تجمع اليابان بالولايات المتحدة لأكثر من 60 عاماً.
وكان انتصار كلينتون سيطمئن اليابان بشأن مستقبل العلاقات الأمنية بين البلدين في وقت تتزايد فيه مخاوف طوكيو بسبب الأنشطة الصينية العسكرية في بحر الصين الجنوبي وامتلاك كوريا الشمالية لقوى ردع نووية.
وقال ترامب إن من بين أولوياته سحب القوات الأميركية الموجودة في اليابان البالغ عددها 47 ألف جندي واستدعاء 28500 جندي آخر منتشرين على طول الحدود الجنوبية التي تفصل بين كوريا الشمالية والجنوبية.
ويثير إضعاف الوجود العسكري الأميركي بالمنطقة مخاوف طوكيو التي تلقت وعوداً سابقة من واشنطن بمساعدتها إذا ما حاولت الصين استعادة جزر سينكاكو المتنازع عليها بالقوة. وتخضع جزر بحر الصين الشرقي، التي تعرف في الصين باسم دياويو لإدارة اليابان، لكن بكين تطالب باستعادتها.
وربما كانت أكثر الاقتراحات المقلقة لترامب مطالبته لليابان وكوريا الجنوبية بالتوقف عن الاعتماد على المظلة النووية الأميركية لحمايتهم ومحاولة تطوير قوة ردع نووية خاصة بهم. ويرى العديد من المحللين أن مثل هذه الدعوة قد تشعل سباق تسلح في منطقة تعاني بالفعل من توتر شديد.
المكسيك
"جون هينلي"
وقد تراجعت العملة المحلية المكسيكية “البيزو" بنحو 13% بعد فوز ترامب. ويتخوّف الجيران الجنوبيون للولايات المتحدة من مواجهة رئيس تعهد بتمزيق الاتفاقات التجارية معهم وترحيل 5 ملايين مهاجر لا يحمل وثائق والذين وصفهم بـ"المغتصبين والمجرمين"، وبناء حائط على الحدود على مسافة 2000 ميل.
وتتوقع المكسيك أن تعاني اقتصادياً إذا ما نفذ ترامب تعهده بتمزيق اتفاق تجارة أميركا الشمالية (نافتا).
تذهب 80% من الصادرات المكسيكية إلى الولايات المتحدة، وقد قال محافظ البنك المركزي المكسيكي أوغستين كارستينز إن فوز ترامب سيكون بمثابة إعصار للاقتصاد المكسيكي.
وتحاول الحكومة المكسيكية صياغة خطة طارئة لمواجهة التداعيات السلبية لرئاسة ترامب والتي من بينها عودة المهاجرين للمكسيك من الولايات المتحدة.
أوكرانيا
"شون ووكر"
وكان العديد من الأوكرانيين يشعرون بالخذلان من الموقف الغربي وعدم دعمهم بما فيه الكافية في حربهم ضد الانفصاليين المدعومين من روسيا. لكن رئاسة ترامب ستأتي بمستوى جديد من الخوف.
ويثير رعب الحكومة الأوكرانية في العاصمة كييف ما ألمح إليه ترامب بأنه سيكون أكثر مرونة في مفاوضاته مع بوتين وتبني سياسة من نوع "اتفاقات القوى العظمى" التي قد تكون على هيئة لقاءات فردية لإبرام صفقات جيوسياسية. وبالنظر لأهمية أوكرانيا بالنسبة لخطط بوتين، فسيطلب على الأرجح الاعتراف بالمصالح الخاصة لموسكو بها.
وفي أحلام بوتين وكوابيس كييف، قد يدخل الاعتراف بشبه جزيرة القرم المحتلة كجزء من الأراضي الروسية ضمن المفاوضات التي ستجمع واشنطن بموسكو.
وأطلق الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو تصريحات متوترة يهنئ خلالها ترامب على فوزه، وقال فيها: "إن السفير الأميركي طمأنه بشأن استمرار واشنطن كشريك يعتمد عليه في كفاحها من أجل الديمقراطية".
وفي الواقع، لا أحد يعرف تحديد موقف ترامب تجاه روسيا وأوكرانيا. فقد أدلى الرئيس الحالي بتصريحات متناقضة، يقترح في بعضها ضرورة توفير دعم كافٍ لأوكرانيا ضد روسيا، ويقول في بعضها الآخر إن شبه جزيرة القرم ينبغي أن تكون جزءاً من الأراضي الروسية.
- هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية.
المصدر: هافينغتون بوست عربي -
↧