دخلت مدينة داريا في غوطة دمشق الغربية دائرة الخطر العسكري المرعب، عقب قرابة العام من معارك الاستنزاف المستمرة من قبل النظام السوري والميلشيات الموالية، والتي وصلت في مراحلها الحالية إلى استخدام الأسلحة المحرمة دولياً في ضرب المنشآت المدنية والطبية، فيما أكدت المعارضة المسلحة بأن الوضع العسكري غير مطمئن، وسط تخوفها من حرب إبادة بحق المدنيين يمارسها النظام السوري في حال استمر قضمه للمزيد من الأراضي وتشديد الحصار عليهم.
قائد لواء شهداء الإسلام في المدينة النقيب المهندس سعيد نقرش أشار إلى أن "التصعيد العسكري الكبير الممارس من قبل النظام السوري على داريا سببه استغلال النظام لاتفاق وقف الأعمال العدائية المزعوم والمطبق من قبل طرف واحد (ثوار درعا والقنيطرة)، إضافة إلى هدوء الجبهات هناك مقابل تكثيف للهجمات العسكرية على داريا وحسم المعركة المستمرة فيها منذ ثلاث سنوات ونصف نهائيا، بغية السيطرة على المدينة بشكل كامل".
النقيب "نقرش" قال في تصريح لـ"عربي21" خلال اتصال خاص معه عقب استهداف مستشفى المدينة بالبراميل والنابالم الحارق وإخراجه كلياً عن العمل الطبي: "الاستهداف لا يشمل فقط المستشفى الميداني، فقوات النظام تستهدف جميع المرافق الحيوية في المدينة والتجمعات السكنية، غير أنه يركز بشكل كبير على المستشفى الميداني، وهناك استهداف شبه يومي للمستشفى بالبراميل المتفجرة والنابالم والطيران الحربي والهاون".
الوضع العسكري يدخل مرحلة الخطر
كما أشار قائد لواء شهداء الإسلام، أحد أكبر التشكيلات العسكرية للجيش الحر في داريا، إلى أن "الوضع الميداني على الجبهات ليس على أفضل حال من الوضع المدني الداخلي، فهناك استنزاف كبير بسبب المعارك المستمرة منذ عام كامل، ولم تتوقف إلا لشهرين ونصف، أثناء التزام النظام بوقف العمليات العدائية، وقوات النظام أحرزت تقدما كبيرا خلال الشهر الأخير، ولكن بين الحين والآخر نقوم بتنفيذ عمليات إغارة مفاجئة بهدف استرجاع بعض النقاط أو بهدف تعطيل تقدم قوات النظام نحو عمق المدينة".
وأضاف القيادي المعارض: "نعم الوضع في داريا اليوم خطير بشكل كبير، ولا يبشر بالخير، ومناطق سيطرتنا تتضاءل بشكل يومي، والقصف الشديد يطال كل المدينة وهناك استنزاف كبير في الإمكانيات المادية والبشرية، مؤكدا وجود تجاهل كبير من قبل غالبية الأطراف لما تشهده داريا".
المدنيون مهددون بالإبادة الجماعية
كما عبر النقيب نقرش عن تخوفه من "كارثة بشرية" قد تطال آلاف المدنيين على يد النظام في حال استمرار تقدمه، مشيرا إلى أن "المحاصرين في داريا مهددين بالإبادة الجماعية، فلا يوجد أي منفذ إليهم أو أي طريق للنجاة وباتوا يواجهون مصيرهم مع قوات النظام التي لن تتوانى في إفراغ حقدها والتشفي بهم عندما تتمكن من ذلك".
بدوره، أكد الناشط الميداني في داريا مهند أبو الزين أن "نسبة الدمار الكلي التي ألحقها النظام السوري والميليشيات الموالية له بالمدينة تجاوزت 70%، وأما الدمار الجزئي والمتنوع فقد بات بنسبة 100%، فلا يخلو مكان أو منزل أو محل تجاري أو سوق من برميل أو صاروخ أو قذائف مدفعية".
وتابع أبو الزين خلال اتصال هاتفي خاص بـ"عربي21": "الأهالي في داريا يعيشون حالة من القلق والرعب المستمرين منذ أشهر بسبب الحملة العسكرية الأعنف التي تنفذها قوات النظام، والنسبة الكبرى من الأهالي والعائلات تقضي وقتها في الأقبية، وفي ساعات الهدوء القليلة يخرجون للبحث عن شيء يسد جوع أطفالهم".
وأردف المصدر، بأن "المدينة وأهلها يتعرضون لحرب إبادة حقيقية تستخدم فيها قوات النظام الأسلحة المحللة والمحرمة والمدمرة دون أي رادع أخلاقي، خاصة أن النسبة العظمى من القصف المباشر تستهدف الأحياء السكنية ومكان تواجدهم، وأن الحالة الإنسانية العامة في المدينة كارثية".
المصدر: عربي 21
↧