من البوكمال إلى دير الزور والرقة إلى الحسكة وحلب وإدلب وحتى الحدود السورية التركية، انتشرت مئات الآلاف من العائلات العراقية عموماً والموصلية خصوصاً الذين نزحوا من بطش الحشد الشعبي المدعوم إيرانياً هناك، إلى إجرام النظام وحلفائه في سوريا.
كلّ ما يجري في سوريا، والحروب المنتشرة من أقصاها إلى أقصاها لم تثنِ العراقيين من اللجوء إليها هرباً مما هو أعظم في بلادهم، خاصةً مع تكرار الوقائع التي تشير إلى نية الميليشيات المدعومة من إيران شنّ حرب إبادة ضدّ سنّة العراق في نينوى وغيرها.
الرّقة ملاذٌ آمنٌ
حركة نزوح المدنيين من الموصل بدأت بالازدياد خلال الأيام القليلة الماضية، عقب اعلان القوات العراقية والمليشيات الشيعية وبعض القوى الإقليمية والدولية بدء العمليات العسكرية للسيطرة على “الموصل” العراقية المسيطر عليها من قبل تنظيم "داعش"، فشهدت الموصل حركة نزوح كبيرة نحو عدة مناطق ضمن سيطرة التنظيم، البعض من العائلات الموصلية اختارت محافظة الرقة السورية وجهة لها، رغم بعد الرقة الجغرافي عن الموصل إلا أنّهم يعتبرونها ملاذاً أمناً نسبياً، بحسب ما ذكره ناشطون من أبناء المدينة السورية.
ويشير ناشطو حملة (الرقة تذبح بصمت) إلى أن الموصليون يفضل مدينة الرقة على سواها، لكونها تتمتع بخدمات أفضل، إضافة لخوفهم من عمليات الانتقام حال نزوحهم إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة المليشيات الشيعية.
أبو المقداد، أحد المدنيين النازحين إلى الرقة، يقول للـ “الرقة تذبح بصمت”: ” في البداية انتقلنا إلى ريف محافظة دير الزور، ثم قررنا الانتقال نحو الرقة، كونها أبعد ولقلة عدد النازحين العراقيين فيها، إضافة لنوعية الخدمات التي تتوفر فيها”. وأضاف بالقول: ”ليس لدينا ملاذ آخر غير مناطق سيطرة "داعش" رغم كرهنا له وامانينا بالخلاص منه، الميليشيات الشيعية ارتكبت مجازر سابقة بحق الهاربين من المدينة، كلنا بنظرهم ننتمي لتنظيم داعش”.
وحذّرت الحملة من حدوث أزمة احتواء للعائلات النازحة مع غياب وجود أي منظمة إنسانية في الرقة أو ريفها، إضافة لقلة توفر المنازل في المدينة.
وفي المقابل يمنع التنظيم حركة النزوح خارج أراضي سيطرته، الأمر الذي يعرض المخالفين لعدد من العقوبات تتراوح بين الغرامة المالية والسجن والجلد، في خطوة يسعى التنظيم من خلالها للاستفادة من تواجد المدنيين كدروع بشرية قد تحميه من استهداف طيران التحالف الدولي.
ويعيش أهالي الرقة التي نزح إليها العراقيون هذه الفترة حالة خوف كبيرة، عقب اعلان مليشيات وحدات الحماية الكردية YPG، بدأ معركة “غضب الفرات” في نية منها لعزل مدينة الرقة والسيطرة عليها، الأمر الذي دفع العديد من قاطني الرقة للنزوح.
الحسكة ودير الزور
إلى ريف دير الزور الشرقي، يقول مراسل "كلنا شركاء" في المنطقة إن أهالي الريف قاسموا النازحين من الموصل العراقية الطعام والشراب والمسكن، مشيراً إلى أن المدينة وريفها الواقعين تحت سيطرة التنظيم شهدتا حركة نزوح كبيرة للفارين من معارك الموصل، لتبدأ تلك العائلات بافتراش الأرض في الجانب السوري.
ويضيف مراسلنا "نصر القاسم" أن أهالي المنطقة سارعوا إلى تقديم الطعام والشراب لتلك العائلات الهاربة من جحيم الحرب واستقبلوهم في منازلهم وفتحوا لهم الدوائر الحكومية والمدارس محاولين تقديم المساعدات الغذائية والإنسانية. ومع كل ذلك لاتزال الكثير من العائلات العراقية تقطن في العراء.
وشمالاً في الحسكة، المحافظة الأقرب إلى العراق، يستمر وصول العائلات العراقية إلى مخيم الهول على الجانب السوري من الحدود، ويقدّر عدد العائلات التي وصلت الحسكة بأكثر من 500 عائلة قاسمت القاطنين في المخيم خيامهم.
وفي المقابل، تستمر الميليشيات التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي في الحسكة بمنع النازحين القادمين من العراق ودير الزور من العبور إلى الحسكة، حيث حذر حقوقيون في دير الزور من أن النازحين من مناطق سيطرة تنظيم “داعش” في محافظة دير الزور يعانون أوضاعاً مأساوية أثناء توجههم إلى مدينة الحسكة، حيث توقفهم وحدات الحماية الكردية ضمن الحدود الإدارية للمحافظة وتجبرهم على المبيت في العراء في أجواء صحراوية تفتك برودتها بأطفال النازحين.
اقرأ: نازحو دير الزور يحفرون قبورهم في انتظار العبور إلى الحسكة
وصولاً لإدلب
من أقصى الشرق السوري إلى أقصى الغرب، نجحت مئات العائلات العراقية مناطق تخضع لسيطرة قوىً متصارعة، ووجدت طريقها إلى إدلب عبوراً في مناطق سيطرة "داعش" ثم الثوار ثم الـ (ب ي د) ثم مناطق الثوار في إدلب مجدداً.
الناشط معاذ الشامي، وفي تقريرٍ مصوّر له، قال إن عدداً كبيراً من العائلات العراقية وصلت مخيم أطمة على الجانب السوري من الحدود السورية التركية، قادمين تحديداً من محافظتي نينوى وصلاح الدين في العراق. مشيراً إلى أنهم هربوا من حربٍ طائفيةٍ تدور رحاها في بلادهم.
والتقى الشامي بـ "أم ياسين" وهي امرأة عراقية قتل الحشد الشعبي العراقي زوجها وفرّت بأولادها إلى إدلب، وقالت إن "الحشد الشيعي" داهم بلدتها العراقية وسرقوا أموالهم وقتلوا العشرات من الرجال والأطفال هناك، وحرقوا المنازل وسرقوا أموالهم
وسردت "أم ياسين" المخاطر والصعوبات التي عانوها للوصول إلى سوريا على مدى أربعة أيام متتالية مشردين على الطرقات حتى وصلوا إلى إدلب.
بينما قال رجلٌ عراقي إن سوريا كانت الخيار الإجباريّ لهم، فلو حاولوا النزوح إلى الداخل العراقي هربا من معارك الموصل، فمصيرهم هو الموت المحتم "ذبحاً" على يد عناصر الحشد، أو بالقصف المكثف هناك.
وقال العراقيّ إن أصعب جزءٍ من الطريق بيع الموصل وإدلب كان بين الرقة وإعزاز، حيث اضطروا للمشي عشرات الكيلومترت بين مناطق تنظيم "داعش" في الرقة، ومناطق الثوار شمال حلب.
https://www.youtube.com/watch?v=MxWX-RWKiLM
إلى تركيا
كما أفاد مراسل "كلنا شركاء" بأن التشديد الأمني الشديد الذي تفرضه السلطات التركية على حدودها مع سوريا لم يمنع مئات العراقيين خلال الأسابيع الماضية من العبور إلى إقليم "هاتاي" التركي الحدودي مع إدلب، بعد دفع مبالغ تصل لآلاف الدولارات ببعض الأحيان للمهربين السوريين والأتراك الذين ييسرّون عملية دخولهم إلى تركيا.
المصدر: كلنا شركاء
↧