الحزم أم الحذر؟
قبل أيام جرت انتخابات رئاسية في كل من جمهورية بلغاريا وجمهورية ملدوفا، فاز في كليهما تياران محسوبان على روسيا؛ إذ أنهما يدعوان إلى إقامة أقوى العلاقات مع روسيا. حيث فاز في الانتخابات البلغارية الجنرال السابق رومين راديف، فيما فاز في الانتخابات المولدوفية إيغور دودون.
.
ويوم الثلاثاء الماضي -الثامن من الشهر الجاري- خسرت مرشحة الحزب الديموقراطي هيلاري كلينتون الانتخابات الرئاسية الأمريكية، كما سبق أن تعرض الحزب الديمقراطي المسيحي الألماني، الذي ترأسه المستشارة أنغيلا ميركل، لخسارة كبيرة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. علماً بأن الحزبين المذكورين يتبنيان سياسة مناهضة للسياسة يتبناها النظام الروسي.
.
إن القراءة الموضوعية لنتائج هذه الانتخابات، مضاف إليها نتيجة الاستفتاء الخاص بانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تظهر تقدما ملموساً للنهج الهجومي الحازم الذي ينتهجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على حساب النهج الانطوائي المتردد الذي تبنّته الإدارة الأمريكية على مدى السنوات الثماني الماضية، وذلك على الرغم من الفارق الهائل بين القدرات الاقتصادية والعسكرية بين الطرفين.
.
وإذا ما مضينا بالمقارنة بين النهجين على المستوى الإقليمي، سنتوصل بالتأكيد إلى نفس النتيجة. إذ أن نظام الملالي في إيران الذي طالما توخى الحذر (التقية) واتبع أسلوب القوة الناعمة، رمى بكل هذه الأساليب جانباً واتخذ موقفاً هجومياً حازماً إزاء ما يجري في منطقتنا، التي يَعتبرها "منطقة مصالح استراتيجية" بالنسبة له.
.
وعلى الجانب الآخر، نجد كيف أن تركيا ـ ممثلةً بحزبها الحاكم "حزب العدالة والتنمية الحاكم" ورئيسه رجب طيب أردوغان ـ اتخذت موقفاً غاية في الحذر والتردد إزاء المتغيرات الجذرية التي أخذت تطرأ على كامل المنطقة، التي تُعتبر بحق امتداداً جغرافياَ وبشرياً وثقافياً لها.
.
لقد اكتفت تركيا بالتحذير والتهديد والوعيد، إلى أن حوصرت وفُرضت عليها تنازلات مهينة ومؤلمة. لقد خسرت تركيا الرهان أمام منافِستَها (إيران) على الرغم من تفوقها عليها في المجالين الاقتصادي والعسكري، إضافة إلى عامل ثقافة سكان منطقتنا، الذي يميل بشكل كبير لصالح تركيا.
.
نعم، إنه قدرنا أن نلعب دور المراقب، فنعد لهذا الطرف نجاحاته، ونحصي على الطرف الآخر خيباته، لأننا ارتضينا أن لا نكون فاعلين، بل مفعول بنا على مدى الأزمان.
↧