«صحيح ان بعض هذه الشخصات الواردة اسماؤها بادرت بالنفي، واكدت انه لم يتم اي اتصال معها، ولكنه كان نفيا “غير حازم”، ولم يعارض الفكرة من اساسها، وربما جاء هذا النفي تجنبا للاحراج، لان المكان المقترح لعقد المؤتمر الوطني الموسع كان العاصمة السورية دمشق، وتجري محاولات حاليا لتبديد هذا الاحراج، بإقتراح عاصمة عربية او موسكو لاستضافة الاجتماع الاول للجنة التحضيرية.»
هذا ما كتبه الأستاذ عبد الباري عطوان في مقاله الافتتاحي في صحيفة الرأي اليوم. و انا أود أن أقول للأستاذ عطوان مع احترامي له ان هذا الكلام غير صحيح على الاقل بالنسبة لنصف الأسماء التي أوردها و منها اسمي شخصيا.
يا استاذ عبد الباري كلامك يعني أننا فعلا دعينا و أننا الآن نحزم حقائبنا استعدادا للسفر الى دمشق و الانخراط في المؤتمر لكنا نشعر بالحرج و لذلك نحن ننكر.
من منا لا يتمنى ان يكون في دمشق غدا؟ لكن حكاية المؤتمر مسألة أخرى و عندما تطرح علينا بصفة جدية و رسمية سيكون لنا فيها كلام يأتي في وقته. لكن صدقني حتى الآن لم أسمع بالموضوع إلا عبر صحيفتكم المحترمة و لو كان الأمر خلاف ذلك لأعلنا ذلك دون اي حرج.
.
ثم لماذا الحرج و ممن؟ أنا شخصيا لا شئ يحرجني ابدا في ان أقوم بأي فعل اقتنع بجدواه. فأنا مستقل ليس ورائي حزبا و لا جيشا، و لا يوجد لأحد دالة علي، و اي شئ يخدم بلدي و اهلي و يحقق الانتقال الديموقراطي في سوريا سأكون معه و سأسعى من أجله بصرف النظر عن أي اعتبار . هل الحرج من الذهاب إلى دمشق ام من التفاوض مع النظام؟ بالنسبة للأولى كنت مع معظم السوريين اللذين تمنوا ان لا تخرج قضيتنا خارج دمشق و ان لا يتدخل فيها لا صديق و لا عدو و لكن النظام خوننا و حاربنا، وسار بالبلد إلى ما وصلت إليه.
أما الثانيه: إذا لم يكن التفاوض مع النظام فمع من سيكون؟!!!! -(طبعا ان قبل النظام، فهو أساسا لا يستسيغ كلمة تفاوض مع مواطنين سوريين). و لكن السؤال الأهم من كل ذلك هو: التفاوض من أجل ماذا؟
الموضوع ليس المكان يا استاذ عبد الباري، الموضوع هو ماذا بعد حوالي نصف مليون ضحية؟
ماذا بعد عشرات آلاف المعتقلين؟
ماذا بعد هذا البازار من المليشيات و الجماعات و العصابات و التنظيمات المدفوعة بهذا الكم من الطائفية و المذهبية و العنف؟
ماذا بعد كل هذه المصالح المتشابكة و المشاريع المتناحرة التي اتخذت من بلدنا ساحة صراع لها؟
ماذا بعد هذا الدمار البشري و المادي؟
هذه هي الأسئلة التي تدور بالذهن و هي جوهر التفاوض المأمول، و التي لن تقف الحرب و لاسوريا على قدميها ما لم يكن هناك إجابات واضحة عليها. عندما نؤمن ان سوريا فوقنا جميعا سنجد لهذه الاسئلة الأجوبة المناسبة سواء في جنيف او دمشق او اي مكان آخر، و سيكون عندها العتب مرفوع و الحرج ممنوع.
جمال سليمان: فيسبوك
↧