دفع النظام السوري بمئات المدنيين في أحياء حلب الشرقية للنزوح من المنطقة باتجاه أحياء خاضعة لسيطرة النظام، وأخرى خاضعة لسيطرة الأكراد في شرق مدينة حلب، وذلك إثر أعنف عملية توغل عسكري لقوات النظام إلى أحياء حلب الشرقية المحاصرة منذ عام 2012، حيث أحرز النظام «تقدمًا سريعًا» من الجهة الشمالية والشمالية الشرقية إلى العمق، عازمًا على فصل الأحياء المحاصرة إلى شطرين، فيما حققت قوات وحدات حماية الشعب الكردي تقدمًا في حي بستان الباشا إثر انسحاب قوات المعارضة منها، كذلك على أجزاء من حي الهلك.
وأكد مصدر معارض في حلب «نزوح المئات من الأحياء التي تتعرض لقصف عنيف باتجاه عمق الأحياء الجنوبية في منطقة شرق حلب»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن النظام «يسعى لتكرار تجربة جنوب دمشق في حلب، عبر إفراغ المدينة من سكانها». وبالموازاة، نزح المئات باتجاه الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام التي أخرجت المدنيين، فيما نزحت عشرات العائلات باتجاه حي الشيخ مقصود الخاضع لسيطرة الأكراد.
وأكد مصدر كردي في حلب لـ«الشرق الأوسط» أن المئات من سكان الأحياء المحاصرة المعرضة لهجمات عسكرية من قبل النظام «فروا باتجاه حي الشيخ مقصود»، قائلاً إن السكان الأكراد «تجاوزوا جميع الخلافات السابقة وفتحوا منازلهم للسكان للمدنيين النازحين إلى الشيخ مقصود بفعل الحرب».
هذا، وأكدت وكالة «آرا نيوز» خروج دفعة جديدة من العائلات المحاصرة في أحياء حلب الشرقية، باتجاه حي الشيخ مقصود الذي يقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية. ونقلت عن مصادر من داخل حي الشيخ مقصود أن «العشرات من العوائل الذين كانوا محاصرين في مناطق حلب الشرقية لجأوا إلى حي الشيخ مقصود الذي يقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية». كما أشارت إلى أن عدد العائلات التي تمكنت من الدخول إلى الحي يقدر بنحو 45 عائلة».
بدوره، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن «أكثر من 500 مدني من سكان حيي الحيدرية والشعار في شرق حلب، توجهوا ليلا إلى مساكن هنانو» مستغلين «تقدم قوات النظام داخل هذا الحي». وبحسب المرصد، «نقلت قوات النظام الفارين ليلا إلى مناطق سيطرتها شمال مدينة حلب وتحديدًا الشيخ نجار، قبل أن يصل قسم منهم، صباح أمس، إلى الأحياء الغربية في المدينة».
وهذه هي المرة الأولى، بحسب المرصد، التي ينزح فيها هذا العدد من السكان من شرق حلب منذ عام 2012، حين انقسمت المدينة بين أحياء شرقية تحت سيطرة الفصائل وغربية تحت سيطرة قوات النظام.
وبث التلفزيون الرسمي مشاهد فيديو تظهر عشرات المدنيين معظمهم من النساء والأطفال لدى وصولهم إلى مساكن هنانو، حيث كانت حافلات خضراء بانتظارهم لنقلهم. من جهته، اعتبر ياسر اليوسف، عضو المكتب السياسي لحركة نور الدين زنكي، أحد أبرز الفصائل المقاتلة في حلب، أن نزوح المدنيين من شرق حلب «أمر طبيعي جدًا بعد حملة القصف الجوي والاجتياح البري وتدمير منازلهم وحرمانهم من كل مقومات الحياة في أحيائهم ومناطقهم». واتهم اليوسف في تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» «النظام والروس والإيرانيين بأنهم قرروا إبادة الثورة في ثاني أكبر مدن سوريا، عبر اتباع سياسة (الأرض المحروقة)، مستفيدين من العجز الدولي الناجم عن التعطيل الأميركي». وأضاف: «على مرأى ومسمع الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، يتم تطبيق سياسة التجويع أو الركوع من دون أي التزام بمواثيق حفظ السلم والأمن الدولي».
وتأتي هذه الموجة الجديدة من النزوح من أحياء حلب الشرقية، في أعقاب حملة عسكرية يشنها النظام السوري على أحياء حلب الشرقية المحاصرة، حيث استطاع التوغل في بعض تلك الأحياء من الجهة الشمالية الشرقية، مسيطرًا على حي مسكن هنانو وحي هنانو. ويحظى الحي، وهو أكبر أحياء حلب الشرقية، بأهمية رمزية باعتباره أول حي سيطرت عليه الفصائل المعارضة صيف العام 2012.
وواصل النظام السوري حملة التوغل، حيث أحرز تقدمًا إضافيًا في منطقة جبل بدرو وأجزاء من حي الصاخور، محاولاً التقدم نحو الحيدرية والشيخ خضر، فيما أكد مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، أن قوات وحدات حماية الشعب الكردي سيطرت على مناطق في حي بستان الباشا المتاخمة لمنطقة الشيخ مقصود، وأخرى في منطقة الهلك المجاورة، إثر انسحاب قوات المعارضة منها.
وقال عبد الرحمن إن تقدم قوات النظام إلى الصاخور يمكنها من «فصل الأحياء الشرقية إلى جزئين عبر عزل القسم الشمالي منها عن الجنوبي». كما أكد، أن النظام أحرز تقدمًا في منطقة بعيدين حيث سيطر على الحي، إضافة إلى أجزاء من منطقة الحيدرية، وباتت تفصله مسافة 500 متر عن القوات الكردية التي تقدمت من جهة الغرب.
المصدر: الشرق الأوسط
↧