"تواجد الأرمن منذ القديم في حلب و يرجع تواجدهم الى مئات السنين . لم يعرف بالتحديد تاريخ وصولهم لحلب . اقدم ذكر لوجودهم يعود لسبعمائة سنة على حاشية مخطوطة ارمنية ذكر فيها بأنه تم نسخها في عام 1329 م بحلب في كنيسة السيدة بحارة الصليبة (الجديدة) و هي كنيسة أرمنية قائمة حتى الان.
.
شكلوا في المدينة قوة صناعية وتجارية وعلمية مهمة وكان قد انتخب منهم التاجر مانوك قراجيان في مجلس المبعوثان الاول وهو المجلس النيابي في السلطنة العثمانية عام 1877 م كأحد النواب عن ولاية حلب.
.
منهم التجار والصناعيين وأشهرهم أسرة سكياس، و منهم الأطباء واشهرهم الدكتور أسادور التونيان صاحب مشفى ألتونيان الشهير و د. أواديس جبه جيان، و المحامون و منهم المحامي طوروس شادرفيان، والصيادلة وأشهرهم الصيدلي اسكندر بيراميان وكابريل خانجيان وميساك كشيشيان عام 1898 م
.
قدرت السالنامة العثمانية وهي الكتاب العثماني الإحصائي السنوي عدد السكان الأرمن بحلب بحوالي أربعة آلاف و خمسمائة أرمني. تجدر الإشارة إلى أن الكثيرين كانوا يتجنبون السجلات العثمانية ولذلك يُعتقد ان العدد الحقيقي أكبر من ذلك.
.
كان للأرمن مدرسة رئيسية تسمى مدرسة نرسيسيان في حي الصليبة (الجديدة) و عدد طلابها في الفترة ما قبل عام 1915 م حوالي سبعمائة طالب.
.
خلال الحرب العالمية الاولى في عام 1915 م وصل لحلب النازحون الأرمن من مناطق مختلفة من كيليكيا شمالي حلب تمهيدا لنقلهم من قبل رجال السلطنة العثمانية إلى دير الزور و الجزيرة السورية. توفي منهم الكثيرين جوعاً وبرداً ومرضاً أثناء مسيرهم على الأقدام الذي طال لعدة أشهر وهم حفاة عراة حتى وصلوا لمناطق دير الزور ومسكنة والشدادة.
.
كان أغلب النازحون من النساء والاطفال. استطاع بعض المهاجرون الأرمن البقاء في حلب مختبئين عن عيون السلطات العثمانية. حضنهم الحلبيون ومدوا يد المساعدة لهم وتزوجوا نساءهم كزوجات على الوجه الشرعي واعتنوا بأولاد الأرمن واعتبروهم كأولادهم.
.
يعترف الأرمن بأدبياتهم بالجميل وبكرم الضيافة الذي قدمه الحلبيون لإخوتهم الأرمن النازحين. لم يبن الأرمن في تلك الفترة أي حي خاص بهم خلافاً لما يذكره بعض الباحثون الحلبيون فهم كانوا تحت تهديد السلطة العثمانية ولا يمكنهم ان يظهروا على الملأ.
.
عندما انتهت الحرب العالمية الاولى وسقطت السلطنة العثمانية، دخل الجنود الفرنسيون إلى كيليكا فسارع الأرمن للخروج من مخابئهم التي كانوا فيها خلال فترة التهجير وعادوا الى بلادهم. ولكن عندما اتفق الأتراك مع الفرنسيين عام 1921 على أن ينسحب الفرنسيون من كيليكيا لقاء أن يوقف الأتراك دعمهم للثوار في سوريا، خاف الأرمن من التنكيل بهم فعادوا بهجرة جديدة من كيليكيا الى سوريا ومنهم من هاجر الى لبنان.
.
كان نصيب حلب من النازحين الأرمن عدد قدره بعض المؤرخون بحوالي ستون ألف نسمة وكان عدد سكان حلب الاجمالي عام 1921 م حوالي مئتي ألف نسمة فيكون سكان حلب قد زاد عددهم بما يعادل الربع من اللاجئين في ذلك العام.
.
بنى الأرمن عام 1922 أول مخيماتهم في منطقة الرام الواقعة في المنطقة التي تسمى حالياً إشارات السليمانية الضوئية. كانت أبنيتهم السكنية من الخشب وزاد عددها على الألف براكة سكنية من الخشب وصلت حتى منطقة الميدان وحي الفيلات الحالي ومناطق بستان الباشا.
.
يعد قسما كبيراً من أراضي منطقة الحميدية والسليمانية من أراضي وقف الحاج موسى أغا الأميري، سكن اللاجؤون الأرمن على مساحة تعادل حوالي سبع هكتارات من تلك المنطقة تعود جميعها لوقف الأميري، و تعهدت بلدية حلب بدفع بدل إيجار الأرض عن اللاجئين الأرمن لصالح الوقف.
.
استطاع هؤلاء اللاجؤون بناء مدارس بسيطة خاصة بهم وكنيسة صغيرة في منطقة البراكات بمحلة السليمانية أُطلق عليها كنيسة الصليب المقدس. استطاعوا العمل وانشاء ورشات حرفية بدائية وعرف عنهم الدقة والأمانة بالعمل.
.
يروي الحلبيون عن الارمن انهم كانوا يرفضون الحصول على الصدقة من مال وملابس وطعام ويصرون على الحصول على ذلك لقاء الأعمال التي يؤدونها. اندمج الأرمن في المجتمع الحلبي وباتوا يشكلون جزءاً رئيسياً من سكانها، اشتهروا في مجال الأعمال الصناعية الدقيقة، استطاعوا بناء أحياء كاملة في المدينة بدلاً من براكاتهم الخشبية خلال زمن قياسي نسبياً.
.
أما أرمينيا الحالية بعاصمتها يريفان الواقعة حينها في الطرف الشرقي من السلطنة العثمانية فقد آثر قادتها الانضمام إلى الروس في دولة الاتحاد السوفييتي عام 1920، لتقوم دولة أرمينيا السوفيتية. استقلت جمهورية أرمينيا السوفيتية عن الاتحاد السوفيتي عام 1991 لتسمى جمهورية أرمينيا "
↧