لم يكن مشهد التواجد الروسي في دمشق مستغرباً منذ ما قبل الحرب فكيف بذلك بعد كل التطورات السياسية والأمنية في البلاد التي أوصلت الكرملين ليكون لاعباً أساسيا في الملف السوري.
ومنذ الانخراط العسكري الروسي المباشر في الحرب السورية شهد مطار دمشق الدولي حركة إقلاع وهبوط شبه يومية لطائرات تقل دبلوماسيين وعسكريين وإعلاميين بالتزامن مع حركة مماثلة طالت القاعدة العسكرية في كل من حميمي وطرطوس في الساحل , غير أن تسارع الأحداث في حلب وإعلان اتفاق لوقف اطلاق النار بالتزامن مع عطلة نهاية العام دفعت بسيل من الشخصيات الروسية إلى دمشق بالدرجة الأولى وفيما وصل بالفعل وفد دبلوماسي مشترك مع الأوربيين والتقى بكبار قيادات النظام , شهدت العاصمة انتشاراً لكثير من الإعلاميين والمحللين الروس تنقلوا في كبرى الفنادق والمجمعات الضخمة فيما فضل بعضهم الاستقرار في بيوت مستقلة طبعاً دون أن تغيب عنهم عيون وزارة الأعلام التي لا تترك الصحفيين الأجانب يتجولون بحرية .
في المقابل يتنقل الدبلوماسيون بشكل مستمر بين مقر سفارتهم في المزرعة إلى مبنى الخارجية ومقر مكاتب الأمم المتحدة بالتزامن مع زيارات مستمرة لهيئات معارضة مثل هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير وهيئة العمل الوطني فيما بدا ملفتاً للغاية زياراتهم لمناطق مصالحات وهدن كما حصل في بيلا جنوب العاصمة وفي برزة التي رفض قياديو الفصائل فيها لقائهم خلافاً لما جرى في الغوطة الشرقية خاصة حرستا.
لا يحب الروس عموماً فتح أحاديث أو الدردشة مع السوريين ولكن المناخ يبدو مختلفاً قليلاً هذه المرة، يدعو بعضهم إعلاميين سوريين لدردشة مفتوحة في كبرى نوادي العاصمة لكنهم لا يتحدثون كثيراً بقدر ما يستمعون جيداً. الحدث اليوم هو وقف إطلاق النار والتفاهم مع الأتراك كما يقولون، تبدو الأمور جدية أكثر من أي وقت مضى بحسب تعبيرهم ولهذا السبب يرغبون في التواجد على الأرض ورصد تفاصيل جديدة لصورة مكونة لديهم بالأصل كما يقولون.
ولعل الملفت هنا هو الامتيازات التي يحظى بها الإعلاميون القادمون من موسكو مقابل نظرائهم من القنوات السورية أو الحليفة لها، إذ يردد مراسل احدى هذه المحطات انه قد استعان بأكثر من وساطة للدخول لبعض المواقع الحكومية وسط العاصمة وهي ذاتها قد فتحت أبوابها بسهولة أمام زملائه الروس، الأمر نفسه يسري على تصوير تقارير ومواضيع ولقاء الشخصية التي يريدونها دون أي اعتراض من وزراه الأعلام التي تكتفي بالتحرك معهم دون أي اعتراض بحسب ما يقول المراسل.
وبالحديث عن التواجد الإعلامي لابد من الإشارة إلى أربع مقابلات أجراها الأسد مع القنوات والصحف الروسية في العام الحالي في سابقة لم تحدث من قبل لعل أبرزها تلك التي أجرتها الصحفية “داريا اصلامبوفا” في الخريف الفائت.
في المقابل يتحدث أحد الفاعلين بالملف السياسي السوري أن الحضور الروسي قد تعزز بالفترة الأخيرة لضرورة ضمان كل ما يجري على الأرض مستشهداً بإصرار ضابط من الملحقية العسكرية على مرافقة قافلة مساعدات إلى داريا التي رافقت طائرات مروحية الحافلات التي أفلت ناشطيها ومقاتليها إلى إدلب قبل أشهر. بل يذهب الرجل ابعد من ذلك متحدثاً عن خطوط اتصال يجريها الضباط مع قيادات في مناطق الهدن تتصل بتسويات تبتعد عن المخطط السوري الإيراني لنقل المقاتلين إلى الشمال ويقدم هؤلاء أنفسهم للفصائل كأطراف قادرة على الضغط على دمشق للقبول ما تقرره موسكو.
في النتيجة يتعزز الحضور الروسي لدعم اتفاقهم المشترك مع انقره حيال سوريا ولكن تساؤلات تدور في الأروقة حيال تحركاتهم فهل أصبحت البلاد طوع بنانهم أم أن الفترة المقبلة ستشهد صراع النفوذ بين الحلفاء؟
المصدر: صوت العاصمة
↧