أًصبحت عبارة (وقف إطلاق النار) مرادفة لعبارة (خيبة الأمل) لدى السوريين، ومرّ أسبوع على اتفاق وقف إطلاق النار المزعوم دون أي نتائج واضحة على الأرض، باستثناء زيادة الفجوة بين تشكيلات الثوار في الشمال السوري والجنوب.
وللحديث عن اتفاق وقف إطلاق النار، وأسباب تمسك تشكيلات الثوار بالاتفاق الذي وُصف بـ "الهش"، بالإضافة للتباين بين تشكيلات الثوار في جنوب البلاد وشمالها، هذا الحوار مع الدكتور "إبراهيم الجباوي" مدير الهيئة السورية للإعلام
كيف تقيّم اتفاق وقف إطلاق النار بعد أسبوع على إقراره، وهل تقومون بتوثيق الخروقات؟
هذه "اتفاقات" كبيت العنكبوت، واهنة وضعيفة، ووقف إطلاق النار أو ما يسمى بـ "الهدنة" هو كسابقه من قرارات لا تسمن ولا تغني من جوع، فالمجتمع الدولي والمنظمات الدولية تشاهد وتراقب كيف يخترق نظام الأسد وميليشياته الهدنة لا يتقيدون بالاتفاق ولا حتى بقرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بسوريا.
قبل أشهر تم الاتفاق على هدنة، وكانت سبباً في استباحة نظام بشار الأسد وميليشياته لحلب وتدميرها وتهجير من تبقى من أهلها، على مرأى الجميع، وكان هذا كضوء أخضر للنظام المجرم لكي يمضي في سياساته الدموية، والتي لا تنصاع لسبل الحل السياسي، واليوم صيغت هذه الهدنة لتكرار السيناريو الحلبي في منطقة وادي بردى الذي يضم 14 بلدة وفيه أكثر من 100 ألف مواطن سوري يخضعون لحصار خانق، تفرضه ميليشيا حزب الله منذ شهور طويلة.
وبعد تهديد الثوار بالانسحاب من اتفاقية الهدنة قبل أيام، تقيد الأسد وميليشياته لساعات وأوقف القصف على وادي بردى، لكنه عاد وصعد من إجرامه ضد أهالي المنطقة، في ظل صمت الأطراف التي تبنت الهدنة، وهذا ما جعل الشكوك تدور حول نوايا هذه الدول في تطبيق الهدنة والحل السياسي، روسيا قالت إنها تضمن التزام نظام الأسد بالهدنة ولكنها على أرض الواقع لم تنفذ وعدها.
والحل في سوريا لا يحتاج إلا لقرار دولي صادق، بالوقوف مع المدنيين السوريين، يلجم القاتل ويأمره بالانصياع لقرارات مجلس الأمن، فنحن لا نحتاج إلى هدن بل نحتاج إلى آلية فعلية لتطبيق القرارات الأممية التي تنص على فك الحصار ووقف القصف والجلوس على طاولة الحوار ليتم بعدها انتقال سياسي في سوريا حسب مصالح وتطلعات الشعب السوري الذي طالب ويطالب بالحرية والعدالة.
وبالنسبة للشق الثاني من السؤال، نعم كافة الخروقات تُوثّق بشكل متناهي في الدقة.
من وجهة نظرك، لماذا تستمر الفصائل الثورية بالتزامها بالاتفاق على الرغم من تكرار الخروقات من قبل قوات النظام وبشكل يومي؟
الفصائل الثورية تلتزم بالقرارات الدولية وبأي حل يفضي لوقف القتل وتهجير الشعب السوري، وهي تتقيد بالجهات الضامنة والتي تعهدت التزامها بالهدنة، لذلك حذر ممثلو الثوار عدة مرات بأنهم في حل عن الاتفاق ما دامت روسيا التي تعهدت التزام نظام الأسد بالهدنة ووقف إطلاق النار غير قادرة على وقف إجرامه بحق الشعب السوري.
وبعد أسبوع من إعلان وقف إطلاق النار، الثوار أثبتوا صدقهم ونيتهم على وقف القتال والانصياع لأي حل كفيل بحقن الدماء، لكن نظام الأسد أثبت مجدداً دمويته ومضيه في سياساته التي يعرفها العالم أجمع، ولذلك فإن نقض الاتفاق من قبل الثوار هو شرعي ومباح لأن هدفهم الأول والأخير هو حماية الشعب الذي يقتل في كل ثانية، في ظل استمرار الهمجية والقتل.
هل تعقد بأن هناك تباين في المواقف بين تشكيلات الثوار في الشمال والجنوب السوري، وإلى ما تعزو هذا التباين إن وجد؟
التباين في قرارات الثوار مرده عدم وجود قيادة موحدة تجمع الجميع تحت مظلة واحدة، ولعدم وجود منصة سياسية توحد الخطاب السياسي والإعلامي والعسكري، ولكن من دون أدنى شك فإن جميع الثوار سواء في الجنوب أو في الشمال هم مع أي قرار يفضي لحل سياسي ويوقف قتل الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ، فعندما يجدون طرفاً صادقاً بالتزاماته وتعهداته فإن الجميع سيسير وفق رؤية واحدة مقصدها إحلال السلام والأمن وعودة المهجرين لديارهم.
وفي حال تم تأمين الطرف الضاغط على نظام الأسد وميليشياته، فإن الثوار جميعهم سيلتزمون، فلا يوجد هناك شقاق ولا خلاف، وإنما تشتت بسيط سرعان ما ينتهي بمجرد إيجاد صيغة ترضي مطالب الشعب السوري.
ماذا عن العام 2017 هل تتوقع بأنه عام لحل سياسي أم تعتقد بأننا ذاهبون لمزيد من التصعيد العسكري؟
ما دام الضوء الأخضر الدولي متاح لنظام الأسد فإن الجرائم بازدياد مستمر والحرب في تصعيد، تابعنا في إعلام حزب الله وإيران نيتهم مواصلة الحرب والقتل في سوريا، ولا يمكن لأحد ولا حتى لروسيا وقف مخططاتهم ومشاريعهم الطائفية الهادفة إلى طرد السوريين من مدنهم وجلب بديل إيراني وعراقي عنهم (في عملية تغيير ديموغرافي لم يشهدها التاريخ من قبل) فهم من يوجه نظام الأسد اليوم وهم المحتلون لسوريا.
ولذلك فإن التصعيد والقتل سيستمر في سوريا، لأعوام طويلة إذا لم يكن هناك موقف دولي موحد بوجه روسيا وحلفائها يأمرهم بوقف مجازرهم المرتكبة بحق الأبرياء.
وماذا عن الجنوب السوري ولا سيما محافظة درعا، هل تعتقد بأن النظام وحلفاءه سيسعون للسيطرة على المناطق المحررة؟ وهل لديك تخوف من تكرار سيناريو حلب؟
لا توجد منطقة في سوريا بمأمن عن مجازر الأسد وميليشياته، والسيناريو الحلبي سيتكرر في كل المناطق المحررة، والجنوب ليس بمنأى عما يحدث في سوريا، فقبل يومين شهدت منطقة مثلث الموت اشتباكات عنيفة بين الثوار وميليشيات إيران وحزب الله، بعد محاولتهم التقدم باتجاه المنطقة والسيطرة عليها، فضلاً عن القصف الذي لا يهدأ.
وعلى غرار معظمية الشام وخان الشيح وأخواتهما، نعيش اليوم على وقع إنذار عصابات الأسد لأهالي بلدة محجة (5 كم شمال غرب مدينة إزرع) لتسليم البلدة وإجراء مصالحة كما يدعي ممثلو بشار الأسد، ومن لم يرغب بذلك فالباصات الخضراء جاهزة لنقله إلى إدلب!!! لذلك نجد بأن عصابات ما تبقى من نظام الأسد وميليشياته حددوا هدفهم: إما قتل السوريين أو تهجيرهم، ولذلك بات اليوم على جميع الثوار الوقوف في صف واحد في وجه هذه الجرائم، والنضال حتى إزاحة هذه الطغمة القاتلة عن أرض سوريا، ليحل السلام في ربوعها ولتكون دولة فاعلة في محيطها، دولة العدل والمساواة بين كافة أبنائها من مختلف الأعراق والطوائف والمذاهب.
↧