مع أن الدولة اللبنانية، بأجهزتها الأمنية والعسكرية، نجحت إلى حدّ كبير في تفكيك عشرات الشبكات الإرهابية، وأحبطت كثيرا من مخططات التفجير والاغتيالات التي كانت تستهدف مناطق حساسة وشخصيات بارزة، فإنها لا تزال عاجزة عن وضع حدّ لعمليات الخطف التي تنفذها مافيات مسلحة، وتطال مواطنين وتهدد حياتهم مع عائلاتهم، وتفاوض هذه المافيات على تحريرهم لقاء فدية مالية كبيرة.
هذه الجرائم غدت مهنة لكسب المال، بعدما اختارت هذه المافيات ضحاياها من المتمولين وأطفالهم، والتجار الميسوري الحال، وآخرهم التاجر سعد ريشا الذي خطف يوم الأربعاء الماضي من أمام متجره في وضح النهار، وظهرت صور الخاطفين التي التقطتها كاميرات المراقبة، ولا يزال مصيره مجهولاً.
كان مسلحون مجهولون، قد أقدموا قبل ظهر يوم الأربعاء الماضي، على اختطاف سعد ريشا (74 سنة) وهو ابن مدينة زحلة المسيحية، في شرق لبنان، من أمام متجره عند مفرق بلدة قب إلياس القريبة من زحلة، واقتادوه بسيارة سوداء رباعية الدفع، ذات زجاج داكن، وفرّوا به إلى جهة مجهولة، ولقد التقطت كاميرات مراقبة مثبتة في المكان، عملية الخطف بتفاصيلها.
وتعيش زحلة حالة غليان منذ حصول عملية الخطف، إذ نفذت أمس إضرابًا شاملاً وأقفلت جميع المتاجر والمؤسسات، وأقام أبناؤها اعتصامات تنديدًا بالحادثة، محذرين من أي أذى يلحق به؛ لأنه يعاني من أمراض في القلب، ويتناول كثيرا من الأدوية غير الموجودة لديه. كما جرى إقفال طرق في البقاع بالسواتر الترابية والإطارات المشتعلة. من جهة ثانية، قال النائب العام الاستئنافي في البقاع، القاضي فريد كلاس، الذي يتابع مسار القضية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مخابرات الجيش والأجهزة الأمنية كلها مستنفرة، لتحرير المخطوف وإعادته سالمًا إلى عائلته». وأوضح أن «الخاطفين معروفون بالأسماء، وهم من أصحاب السوابق في هذه المهنة، وممن صدرت بحقهم مذكرات قضائية متعددة في مثل هذه الجرائم، ولم يجر توقيفهم بعد». وقال القاضي كلاس: «حتى الآن لم يتصل الخاطفون لا بعائلة المخطوف ولا بالأجهزة الأمنية للإعلان عن طلباتهم، لكن ثمة تفاوض معهم عبر وسطاء على معرفة بهم»، مشيرًا إلى أن هذه المفاوضات «لم تفض حتى الآن إلى نتيجة، لكنها لا تزال مستمرة».
هذا، وكان مسؤول النقابات في حركة «أمل» بسّام طليس، قد توجه إلى بلدة بريتال (التي يعتقد أن الخاطفين لجأوا إليها)، موفدًا من رئيس مجلس النواب نبيه برّي، للتواصل مع الخاطفين عبر وسطاء، واستمرت المفاوضات حتى فجر الجمعة، لكنها لم تفلح في إطلاق سراح ريشا. وأشار طليس - وهو من بريتال - إلى أن مساعيه لم تتوقف منذ كلفه الرئيس برّي بهذه المهمة. وأبلغ «الشرق الأوسط» بوجود «تنسيق تام بيننا وبين الأجهزة الأمنية وفاعليات المنطقة، ونتعاطى مع الموضوع بشكل دقيق». وتحدث طليس عن «خيوط ومعطيات نأمل أن تستثمر، خصوصا أن بعض هذه الخيوط ذات طابع أمني، ويفترض التصرف بها على قاعدة السرية».
إلى ذلك، أوضح مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، أن «عمليات الدهم لم تتوقف منذ إعلان نبأ اختطاف ريشا». لكنه لفت إلى أن «الإجراءات المتبعة تخضع لحسابات مختلفة عن المرات السابقة، لكون المخطوف رجلا مسنًا، ويعاني من أمراض في القلب، ولذلك تعطي الأجهزة حيّزًا أوسع لإطلاقه بالتفاوض، من دون استخدام القوة». وأكد المصدر الأمني، أن «المعلومات التي جمعتها الأجهزة، تمكنت من تحديد الجهة التي سلكها الخاطفون، وهي منطقة بريتال»، (من دون أن يحدد ما إذا كان داخل البلدة أو في جرودها)، لافتًا إلى أن الخاطفين «لم يستخدموا هاتف ريشا ولا هواتفهم الشخصية، تحسبًا لكشف النقطة التي يتواجدون فيها بدقة». وتوقع المصدر الأمني أن «تتمكن القوى الأمنية من تحرير المخطوف خلال الساعات المقبلة»، مؤكدًا أن «الضغط التي يمارسه الجيش والقوى الأمنية وعمليات الدهم في موازاة التفاوض، ربما تجبر الخاطفين على إطلاق سراحه».
المصدر: الشرق الأوسط
alnahar
وصل المواطن سعد ريشا يرافقه موفد رئيس مجلس النواب نبيه بري المسؤول في حركة امل في البقاع بسام طليس، الى منزله في قب الياس حيث كان في استقباله حشد من الاهل والاصدقاء.
وقد شكر المواطن المحرر ريشا جميع المسؤولين الذين عملوا جاهدين للافراج عنه، كما شكر الخاطفين لانهم "لم يذلوني ولم يتعرضوا لي بالسوء وكانت معاملتهم لي جيدة". كما واشكر سيدتنا مريم العذراء التي اعادتني سالما الى منزلي. وشرح ريشا بأنه منذ لحظة اختطافه ووضعه في السيارة لم ير اي شيء لحين عودته الى منزله.
بدوره، هنأ طليس ريشا بعودته سالما الى منزله. وقال: " كلفني الرئيس بري التعاون مع العميد علي عواركة للعمل للاسراع في الافراج عن السيد ريشا، وانا اؤكد انه لم يتم دفع اي فدية، ولم نفاصل حول هذا الموضوع، كون لا كرامة الرئيس بري، ولا كرامة الاجهزة الامنية والعسكرية ولا كرامات اهل البقاع وفعالياتها تسمح بالتكلم عن دفع فدية مالية مقابل الافراج عن سعد ريشا".
↧