أخبار السوريين: حالة انتقاد "واسعة" طالت بالأمس الصورة أو مضمون الصورة التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي لأعضاء من وفد فصائل المعارضة وهم يؤدون الصلاة في واحدة من قاعات فندق "ريكسوس" في العاصمة الكازاخية "أستانة"، حيث تجري المفاوضات.
قد نستوعب أن ينطلق أحدهم في انتقاده من أن المفاوضات حالة عالية الحساسية وأن كل حركة وسكون يفترض أن تُدرس بعناية وأن ينظر إليها من زاوية ما تحققه من مكاسب للقضية موضوع التفاوض.
والتفاوض لاشك أنه علم قائم بذاته يعلمه ويخبره من خاض التجربة أو من درس ومارس العمل الدبلوماسي أو قرأ عنه بالحد الأنى.
إلا أن ما حصل بالأمس وربما سيستمر لأيام مقبلة من إساءات يكشف مدى الانسلاخ عن أبسط مفاهيم التربية المنزلية لثلة المتحذلقين، بات يلطمنا بها فضاء الفيسبوك وغيره، وأصبح التطاول على كل القيم بكل ما تمثله للملايين من السوريين بابا للبحث عن التميز، تميز أصبح مقياسه عدد الإعجابات بهذا المنشور أو ذاك، أو عدد المشاهدات لخدمة البث المباشر التي حولها البعض لسياط نجلد بها ليل نهار.
وحتى في هذا المقياس غير السوي، نثبت فشلنا وسقوطنا، في وقت يفترض فيه أننا نخوض معركة مصير، فمنشور يحمل مفردات جنسية، كفيل بأن يجلب عشرات الإعجابات أو المئات، ومنشور له صفة البحث يكثفه مؤرخ أو أديب ورائي، ولا أريد أن أذكر أسماء، تمر عليه ميليشيات الفيسبوك مرور الكرام.
وهنا أستعير شاهدا أورده الكاتب أحمد دعدوش في واحدة من مقالاته: "في مقابلة صحفية شهيرة، قال الفيلسوف الإيطالي أمبرتو إيكو قبل موته بقليل إن مواقع التواصل الاجتماعي تمنح حق الكلام لجيوش من الحمقى، فقد كانوا في الماضي يتكلمون داخل البارات فقط وهم سكارى دون أن يتسببوا بأي ضرر للمجتمع، وكان يتم إسكاتهم فوراً.
أما الآن فأصبح لهم الحق بالكلام مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل، ويضيف في حسرة إنه (غزو الحمقى)، كان المثقف المخلص لقضيته يعمل جاهدا على رفع مستوى العامة بتوعيتهم وتنويرهم، أما اليوم فبات مضطرا لإرضاء العامة بتقديم ما يحبونه عبر منبره الافتراضي، وإلا شنوا عليه غزوة هاشتاغية تهوي باسمه في بورصة الشهرة".
في هذا العالم الأحمق، تتكشف يوما بعد يوم هشاشة انتمائنا لعموم البنية المجتمعية السورية، لتصبح كل المفاهيم الخارجة عليها، عند كثر، انفتاحا ومواكبة للعصر وإطلاقا لحرية العقل، مثلما تصبح عند آخرين كثر أيضا، عودة لمنهج السلف الصالح، فليس أدهى من وقاحة أقصى يسارنا إلا بلاهة أقصى يميننا، مع التأكيد أن الأخير أقل ميوعة.
نعم صلى أعضاء من الوفد في الأستانة، وهي لقطة أراها تستحق الاحترام وليس الإساءة، ثم أنها وبحسب التعبير الدارج هذه الأيام حرية شخصية، أم أن الحرية الشخصية يا سادة هي فقط في (هات كاس الراح واسقني الأقداح؟؟!!).
زمان الوصل.. حسين الزعبي
↧