أحدث الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب بخططه ومن قبلها وعوده فورة تاريخية في سوق الأسهم الأميركية يقول محللون ماليون إن لها ما يسوغها، لكنهم ينصحون المستثمرين الآن بالتمهل، لا سيما بعد أن تجاوز مؤشر داو جونز مستوى عشرين ألف نقطة لأول مرة في تاريخه مساء الأربعاء.
وبحسب بيانات وكالة بلومبرغ، فإن الصعود الذي سجله مؤشر داو جونز في الأسابيع الستة بعد انتخاب ترمب هو الأكبر مقارنة بكل الفترات المماثلة منذ عام 1900، ويبلغ 9.5%.
وترجع هذه الموجة التي ارتفعت أيضا بمؤشر ستاندرد آند بورز ومؤشر ناسداك في وول ستريت نحو مستويات قياسية إلى تفاؤل السوق بسياسات ترمب التي تدعم زيادة الإنفاق العام على المشروعات وتقليل القيود والضرائب على الشركات، وهو ما قد يعزز ربحية الشركات المدرجة في البورصة ويسوغ بالتالي ارتفاع أسهمها بهذه الصورة.
ترمب أقنع الأسواق ويبدو أن الخطوات التي اتخذها ترمب منذ تنصيبه في 20 يناير/كانون الثاني الجاري والأوامر التنفيذية العديدة التي أصدرها أقنعت أسواق المال بجديته في تنفيذ وعوده الانتخابية، فقد جرى تحديد مشروعات محتملة للبنية التحتية، وإقرار مشروعين لأنابيب النفط، بالإضافة إلى مطالبة ترمب لشركات السيارات الأميركية ببناء مصانع جديدة في الولايات المتحدة.
ولا تعتبر ارتفاعات الأسهم بعد هذه التطورات حركة خطرة في السوق، إذ أن وضع الشركات الأميركية ونتائج أعمالها في الفترة الأخيرة تسوغ ارتفاع أسعار أسهمها، وهو ما يرتبط بخلفيات أخرى بعيدة عن ترمب.
فخلال السنوات الثماني الماضية ارتفع مؤشر داو جونز بأكثر من 200%. ويعكس هذا -كما تقول شبكة "سي أن أن" ذات العلاقة المتوترة مع ترمب- متانة الاقتصاد الذي ورثه الرئيس الجديد عن سلفه باراك أوباما.
تركة أوباما الثمينة وتشير "سي أن أن" إلى أن الاقتصاد الأميركي واصل توليد فرص عمل جديدة في 75 شهرا على التوالي وهي فترة قياسية، كما أن رئاسة أوباما انتهت ومعدل البطالة قرب أدنى مستوياته في عشر سنوات.
وقد ارتفع داو جونز بأكثر من 12 ألف نقطة على مدى الفترتين الرئاسيتين لأوباما، وذلك بعدما هوى في مارس/آذار 2009 إلى مستوى 6440 نقطة عندما كانت الأسواق تخشى انهيارا كاملا للنظام المالي الأميركي.
لكن هذه الموجة الحالية هي من صنع ترمب على ما يبدو، وسيكون استمرارها مرهونا بقراراته وبإدارته للاقتصاد، وكذلك بعلاقاته الخارجية التي تثير مخاوف في أنحاء العالم، فما الذي ينصح به مديرو المحافظ الاستثمارية والمخططون الماليون؟
بحسب مسح أجرته وكالة بلومبرغ، ينصح هؤلاء المتخصصون بالحذر والتمهل لأمور عدة، من بينها الخشية من أن تكون أسعار الأسهم قد ابتعدت كثيرا عن قيمها الواقعية، فضلا عن استمرار الضبابية حول سياسات ترمب، رغم أنه أظهر جديته في بعض الملفات.
النصائح ودروس الماضي وتعلق بلومبرغ بأن التاريخ يدعم هذه التحذيرات، ففي المرات التي كان مؤشر داو جونز يكمل فيها صعود ألف نقطة كاملة، كانت الأسهم تواصل الارتفاع بعد ذلك لمدة شهر في الغالب، لكنها كانت تهبط على فترتي ستة أشهر و 12 شهرا.
ويستذكر المستثمرون أيضا فورة شركات "دوت كوم" قبل 17 عاما، حين تجاوز مؤشر داو جونز مستوى عشرة آلاف نقطة، وهو ما أغرى كثيرا من المستثمرين الأفراد بركوب هذه الموجة التي انتهت بخسائر كبيرة.
وتجدر الإشارة إلى أن مؤشر داو جونز يضم ثلاثين شركة فقط من الشركات الأميركية الكبرى مثل آبل ووول مارت وغولدمان ساكس، بينما يضم مؤشر ستاندرد آند بورز خمسمئة شركة.
وتشير شبكة "سي أن أن" إلى مخاطر تحدق بوول ستريت، منها احتمال أن تفشل سياسات ترمب التحفيزية في تحفيز الاقتصاد، فهي ترى أنه لا ضمانة لصدور التشريعات اللازمة لتنفيذ خطط ترمب لخفض الضرائب وزيادة الإنفاق في الوقت والطريقة التي تطمح إليها وول ستريت، وهناك بالطبع الخوف الكبير من اندلاع حرب تجارية وتوترات عالمية بسبب سياسات ترمب.
المصدر: الجزيرة نت