"صرخ أحدهم في وجهي، من أين أنت؟، ماهي جنسيتك؟"، أجبته بأني من سوريا وأحمل جنسيتها لكن بيتي هنا في فيرجينا، عندها انفجر غاضباً في وجهي، أجابني بأنه لا يحق لي القول بأن بيتي هنا، فأنا لست أميركية. هكذا عوملت الشابة السورية نبيلة الحفار في مطار دالاس الأميركي.
نبيلة كانت واحدة من ضمن عدد كبير من المسافرين الذين خضعوا لإجراءات منع الدخول عقب إصدار الرئيس الأميركي دونالد ترامب لأمر تنفيذي يوم الجمعة 27 يناير/كانون الثاني 2017 يعلق دخول جميع اللاجئين إلى الولايات المتحدة لمدة 120 يوماً، ويمنع دخول السوريين إلى أجل غير مسمى.
القرار شمل أيضاً جميع القادمين من العراق إيران السودان ليبيا الصومال واليمن حيث تم منع دخولهم لمدة 90 يوماً، بما في ذلك حاملو التأشيرات السارية، والمقيمون بصفة قانونية وحاملو البطاقة الخضراء "الإقامة الدائمة".
تأشيرة دخولك ألغيت
يوم الجمعة 27 يناير/كانون الثاني غادرت نبيلة 26 عاماً الدوحة باتجاه منزلها في ولاية فيرجينيا في الولايات المتحدة الأميركية.
إجراءات المغادرة كانت سلسة كما في كل مرّة، تقول "غيّرت طائرتي في دبي قبل أن أصل إلى وجهتي النهائية في مطار دالاس بولاية تكساس الأميركية في تمام الساعة الثامنة صباحاً بالتوقيت المحلي للولاية".
وقفت الشابة العشرينية ومعالم الإرهاق على وجهها بعد رحلتها الطويلة،على خط الدور بانتظار إتمام معاملة ختم جواز السفر والدخول، خلال فترة الانتظار اقتربت منها إحدى مضيفات شركة الطيران التي سافرت على متنها، تأكدت من اسمها ومن عدد الحقائب المشحونة معها.
تقول نبيلة "حاولت بعدها الاستفسار عن سبب السؤال، لكنها لم تجب، قالت لي بأنها ستهتم بحقائبي ريثما أصل إلى موظف الجوازات ورحلت".
بدأ التوتر بالسيطرة عليها، جهزت أوراقها المطلوبة كالمعتاد، وعند وصولها إلى الموظف المسؤول عن معاملة الدخول أحالها إلى ضابط آخر، أخذ بصماتها وطلب منها أن تلحق به، توضح نبيلة "حاولت أن أستفسر عن سبب هذه الإجراءات التي أتعرض لها للمرة الأولى رغم سفري المتكرر من وإلى الولايات المتحدة لكنه لم يجبني".
تضيف "في هذه اللحظات زاد توتري ونتيجة إلحاحي في السؤال أجانبي بأن "التأشيرة" التي أملكها قد ألغيت وطلب مني الجلوس والانتظار".
لا يحق لك.. فأنت لست أميركية
لماذا، ما الذي حدث، لماذا ألغيت تأشيرتي، ما هي المخالفة التي ارتكبتها، زوجي هنا بانتظاري ولا يبعده عني سوى الموظف المسؤول عن تدقيق الجوازات، أريد أن أراه ، بيتي هنا أيضاً، أريد أن أذهب إليه، أشيائي وذكرياتي وتفاصيل حياتي الجديدة كلها هنا.
كانت هذه الأسئلة تسيطر على مخيلة الشابة السورية في تلك اللحظات، حاولت أن تجد الأجوبة لكن أحداً لم يساعدها، "مرت الدقائق كما لو أنها سنوات، طويلة باردة ومليئة بالخوف، خاصة بعد أن أخبروني بأن علي العودة من حيث جئت" على حدّ وصفها.
تقول نبيلة "توجهت إلى مجموعة من الموظفين، حاولت الاستفسار عن وضعي، فصرخ أحدهم في وجهي، من أين أنت؟، ماهي جنسيتك؟، أجبته بأني من سوريا وأحمل جنسيتها لكن بيتي هنا في فيرجينيا، عندها انفجر غاضباً في وجهي، أجابني بأنه لا يحق لي القول بأن بيتي هنا، فأنا لست أميركية.
وعند سؤالها عن سبب رفض التأشيرة أجابها "بأن التأشيرة هي ملك للولايات المتحدة الأميركية، وأنه لا يمكنها اعتبارها تأشيرتها، ويحق للولايات المتحدة إلغاءها في أي وقت تشاء، وأضاف "أنت غير مرحب بك هنا وعليك العودة إلى بلادك".
"بعد دقائق جاء أحدهم وصادر هاتفي النقال وكافة الأوراق الثبوتية التي أحملها، طلبت الحصول على محامٍ لكنه رفض وطلب مني الجلوس والانتظار".
التوقيع أو منع الدخول لخمس سنوات
لم يمضِ وقت طويل حتى اصطحبوني إلى غرفة جانبية حسبما تقول نبيلة، أخذوا بصماتي مرة ثانية صوروني كما يحدث مع الخارجين عن القانون وطلبوا مني التوقيع على مجموعة من الأوراق، رفضت ذلك، وعدت للمطالبة بمحام فأنا لا يمكنني التوقيع على أوراق لا علم لي بمحتواها.
تقول نبيلة "بدأوا بالصراخ في وجهي في محاولة لإجباري على التوقيع لكني دخلت في حالة من البكاء والانهيار فتركوني".
تتابع "بعد دقائق جاءني أحدهم، طلب مني بلطف التوقيع على الأوراق وأخبرني بأنه إجراء روتيني وأنه من الممكن لي الحصول على تأشيرة جديدة في حال راجعت السفارة الأميركية في البلد الذي سأعود إليه، أخبرني أيضاً باستحالة توفير محام وأنه في حال استمرار رفضي للتوقيع فسيتم منعي من دخول الولايات المتحدة لمدة خمس سنوات، لم يكن من خيار أمامي إلا الاستسلام والتوقيع".
أخذوا كل الأوراق الثبوتية التي كانت تحملها بما فيها عقد الزواج وصورة عن تصريح الإقامة الخاص بزوجها وأخبروها بضرورة الانتقال إلى الطائرة.
تقول "حاولت أن أقابل زوجي الذي كان ينتظرني في المطار توسلت إليهم لأحصل على دقيقة معه لكنهم رفضوا، انهرت باكية فأشفق علي أحدهم وسمحوا لي برؤيته لدقائق معدودة قبل أن يعيدوني على نفس الطائرة التي أتيت على متنها".
عادت نبيلة إلى الدوحة بعد أكثر من 45 ساعة قضتها في الطائرات دون أن تملك أي تصور عن مستقبلها وزوجها الذي ينهي تخصصه كطبيب في الولايات المتحدة الأميركية، على متن طائرة العودة وبسبب ما تعرضت له من ضغوطات أصيبت نبيلة بحالة من الاختناق وارتفاع الضغط، قدم لها طاقم الطائرة الإسعافات الأولية في الجو، وضعوها على جهاز التنفس لمدة ساعة تقريباً.
هافينغتون بوست عربي
↧