انتشرت مؤخراً العديد من الشائعات حول وضع رأس النظام واحتمالية تعرضه للتصفية، وحتى بعض الأقاويل التي تقول أنه تعرض لجلطة تسببت في شلله، وأنه طريح الفراش، حسب تصريحات لفيصل القاسم الذي نشرها، متحدياً نفيها بظهور الأسد على الهواء مباشرة.
حلقة في سلسلة طويلة
يبدو نظام الأسد معرضاً لصدمة كبيرة، سببها الأخبار التي تتحدث عن تصفية أو جلطة أصابت بشار الأسد، الذي لا يمكن بحال من الأحوال أن يكون موته أو قتله أو شلله معدوم التأثير على النظام كما يعتقد البعض، وخصوصاً مع الفكرة المتشكلة التي مفادها أنه معدوم السيطرة على أي شيء في سوريا، وأنه فقد كل دور له بمجرد دخول إيران إلى الساحة وأنه يفقد المزيد يوما بعد يوم مع الروس.
لكن هذه الأفكار تنسى أهمية رأس النظام بشار الأسد، خصوصاً أنه يمثل المحور العقائدي لطائفة المؤيدين، ويعتبر المركز الروحي للنظام، وهو الذي يهتف باسمه كل صباح ويعبده المؤيدون علانية.
ففي حال حدث وقتل بشار الأسد فعلاً، أو أصبح عاجزاً، وانتشر ذلك علناً، وأقر به النظام أو أحد حلفائه وبخاصة إيران، فسوف تتعرض بعض أجزاءه للتداعي، ولكنها لن تكون فعلياً كافية لسقوطه، فعلى الرغم من أن النظام يتمحور حول بشار الأسد وقبله والده، لكن السيطرة الطائفية على النظام ستسمح بإعطائه الوقت لإيجاد قيادة أو شخصية للحكم، تسمح باستمرار النظام وبنفس الوضع، على مبداً (مات الملك – عاش الملك).
خصوصاً أن معركة الطائفة العلوية في سوريا مع النظام هي معركة وجود، وليس مجرد معركة حكم، حسبما استطاع النظام أن يزرع في عقول المؤيدين، ما يعني أنهم سوف يتابعون العمل تحت إمرة "القائد" الجديد بسرعة وبسلاسة، وبدون الكثير من الاعتراضات، خصوصاً إذا اختير من عائلة مهمة، أو شخصية لها دور مهم للدفاع عن النظام في الحرب الحالية.
ساحة فارغة!
أسوأ ما يتعلق بخبر مقتل الأسد أو شلله، هو عدم إمكانية استغلال اللحظة من قبل الثوار، والذين لم يعد لهم وجود في معظم محيط دمشق، وتبقى لهم جيوب يعمل النظام على تفريغها تدريجيا، وخروجهم من حلب، إضافة لوضعهم المتشرذم المتوتر في إدلب، والذي يبدو أنه سيكون معطلا لأقصى حد في حال حصل إعلان عن نهاية الأسد.
ما يعني أن اللحظة التاريخية التي انتظرها السوريون، قد تمر دون أي يحصل أي شيء حقيقي سوى إطلاق رشقات الرصاص في الهواء من قبل الثوار ابتهاجا بمقتل الديكتاتور، والذي لا يمكن القول بأي شكل أنه ضمن انتصار الثورة.
إعادة إنتاج
وجود دعم دولي وبخاصة روسي له الأثر الأكبر، فهي في حال حصل وتعرض الأسد للتحييد، سوف تعمل روسيا على إزالة بعض الأجزاء من النظام، والتي لا تغير من جوهر النظام ولكنها تحسن شكله الخارجي، وتضيف عليه بعض الشخصيات الممكن التعامل معها بالنسبة للروس، والذين سيعتبرون واجهات غير طائفية للنظام، وقد تشكل حكومة من المدنيين، وحتى تصل لمرحلة الانتخابات التي تكون فيها نسبة ما من المصداقية، والتي ستستخدمها لتمرير الشخصيات التي ترغب بوصولهم لسدة الحكم بشكل "ديموقراطي"، ثم تستخدم هذه الكتلة لتكوين ثورة معاكسة، تعيد عمل النظام السابق وربما تصل لمرحلة إعادة التطهير الطائفي، وعودة إنتاج النظام بشكله الطائفي الكامل خلال عدة سنوات، خصوصا أن الفترة الماضية كانت تعاني من استنزاف في حملة الشهادات الجامعية من السوريين المعارضين، في حين أغدق النظام على المؤيدين الشهادات الجامعية، وبخاصة العلويين منهم، بحيث يستطيع استخدام هذه الكتلة في التحكم في المناصب الادارية لاحقا لمصلحته.
ما يعني أن النظام وحتى لو حصل تغير في واجهته بمقتل بشار الأسد، فستبقى نواته المتمثلة بالأفرع الأمنية، التي تعتبر وسيلة إعادة تشكيل النظام من جديد، والركيزة التي تعتمد عليها روسيا لاحقا لإعادة تسليم الجيش والدولة لمؤيدي الروس من العلويين تحديداً، والسماح لهم بالتغلغل أكثر بغية الوصول لمناصب القيادة المهمة تدريجيا، وبخاصة بعد استبعاد الشخصيات التي تقبل الحلول السياسية معهم، وتمنع أي عمليات محاسبة أو مقاضاة للمتورطين في قتل السوريين، وتسمح لهم بالحفاظ على مكتسباتهم من دماء السوريين وأموالهم.
بلدي نيوز - (أيمن محمد)
↧