داريا بين فك الأسد ومخالب بوتين
26.08.2016
د. محمد أحمد الزعبي
استمعت هذا المساء إلى أحد ضباط جيش عائلة الأسد " العقائدي " (ولفظة العقائدي هنا هي الإسم الحركي للفظة الطائفي ) وهو يوضح لمستمعيه أسباب استسلام داريا لقوا ت حماة الديار!! التي يرأسها هو بصفته " الرفاقية !!" . قال لافظ فوه " لقد خيرناهم بين الموت أو الإستسلام فاختاروا الإستسلام " . لله درك " يا رفيق !! "، لماذا أشرت إلى أنك خيرتهم بين الموت أو الاستسلام ، ولم تذكر آلاف البراميل المتفجرة التي ألقتها طائرات جيشكم " العقائدي !! " الباسل ، حماة الديار ( !! ) على بيوتهم فدمرتها ، وتركتها أثراً بعد عين ، وقتلت جميع الأطفال والنساء والشيوخ المتواجدين فيها ؟ ! ، لماذا لم تشر " يارفيق !!" إلى أن جيشكم العقائدي الباسل !! و بالتعاون مع روسيا وإيران وحزب الله اللبناني ومعهم قلق بان كيمون قد حاصر هم ومنع عن أطفالهم الماء والدواء والغذاء لمدة أربع سنوات كاملة ؟!، لماذا لم تأت " يارفيق !! " على ذكر المذابح الوحشية والهمجية التي نفذتها طائراتكم وصواريخكم واسلحتكم المحرمة دوليا ، ولا سيما مجزرة ٢٥/٨/٢٠١٢ التي قتلتم فيها اكثر من ٧٠ سبعين مواطنا عربيا سوريا قحّاً من مواليد ومن سكان داريا نفسها ، ذبحاً بالسكاكين ؟!،إنهم لم يكونوا إرهابيين قادمين من خارج الحدود على مافتئتم تزعمون بل قل تكذبون ؟! لماذا لم تذكر " يا رفيق !! " كيف قدم لكم غياث مطر أحد أبناء داريا ، التي تفتخرون اليوم بقدرتكم على إخضاعها بسلاح الجوع والعطش والمرض ، الورود، فرددتم عليه بالرصاص الحي فأرديتموه شهيدا ؟!، لماذا تجاهلت " يارفيق !! " نضال داريا ضد المستعمر الفرنسي في عشرينات القرن الماضي ،
إنك إذا نسيت تاريخ سوريا ، بل وتاريخ الأمة العربية كلها أيها الضابط " المحترم !!" . بل أيها " الرفيق !! " فإن هذا التاريخ لن ينسى الدور اللا وطني الذي لعبه وما يزال يلعبه نظام بشار الأسد الديكتاتوري العسكري منذ نصف قرن في سوريا والذي تفتخر أنت وأمثالك اليوم ، بانتصاركم على أطفال داريا وباستخدامكم سلاح الحصار والتجويع إضافة إلى أسلحة الطائرات والبراميل المتفجرة والصواريخ والقنابل العنقودية التي جعلتهم يرفعون الراية البيضاء ، أمام بطلي هذا الصراع الوحشي الذي غابت عنه كل أخلاق وقيم الحرب والسلم على حد سواء : بشار الأسد ، وفلادمير بوتين .
إن مايرغب الكاتب أن يقوله لك ولبشار الأسد اليوم ، وبصوت عال ، وبلغة عربية فصحى لاغمغمة فيها ولا تأتأة : إن نظاما يستعين بالقوى الأجنبية ( إيران ، روسيا ، حزب الله ، وغيرهم ممن تعرف ونعرف ) على أبناء وطنه ، لايمكن أن يكون نظاما وطنيا . وأن مكانه الطبيعي هو " مزبلة التاريخ " التي سيلعب فوقها في يوم لن يكون بعيدا إنشاء الله أطفال داريا .
نعترف الآن أن الباطل، قد تغلب على الحق في داريا ، في هذه الجولة ،جولة صراع الحق مع الباطل ، ولكن القاعدة الذهبية في مثل هذا النوع من الصراع تقول : إذا كان للباطل جولة ، فإن للحق جولات وصولات ، ولن يكون بعيدا ذلك اليوم الذي يعود فيه أحباؤنا أطفال داريا إلى بيوتهم، ومعهم من بقي على قيد الحياة من آبائهم وأمهاتهم وذوي قرباهم . أما أنت يا "رفيق !! " فستجد آنئذ من يلتمس لك العذر ،فيما قمت به في داريا ، ويعطيك المجال للتكفير عن أخطائك ، فثورة آذار ٢٠١١ إنما جاءت للحرية والكرامة ، وبالتالي للوفاق والمحبة ، وليس للانتقام .
↧