ارتفعت في الساعات القليلة الماضية حدة «المواجهة» الكلامية بين ما يسمى «حزب الله» وإسرائيل، على خلفية التهديدات التي أطلقها أمين عام الحزب حسن نصر الله، وردت عليها تل أبيب، ما أعاد الأنظار إلى الجبهة الجنوبية للبنان التي تشهد استقرارا منذ عام 2006. وفي حين أعلن الطرفان مؤخرا عن توسيع «بنك» أهدافهما، بما يُظهر استعدادهما عمليا لحرب مقبلة، اعتبر خبراء أن هذه الحرب منتظرة منذ 11 سنة، أي منذ انتهاء الحرب الأخيرة بينهما عام 2006. إلا أن تاريخ اندلاعها والسبب المباشر الذي سيؤدي لنشوئها لا يزالان مجهولين.
يسرائيل كاتس، وزير الاستخبارات الإسرائيلي، هدد بأنه «إذا أقدمت منظمة (حزب الله) على قصف العمق الإسرائيلي، فإن إسرائيل سترد بضرب كل الأهداف المتاحة في لبنان»، لافتا في تصريحات له نقلتها وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن «الأيام التي امتنعت فيها إسرائيل عن ضرب البنية التحتية اللبنانية قد ولت». وبينما اعتبر كاتس أن «نصر الله يخدم بصورة مطلقة المصالح الإيرانية، وأنه يستعد للتضحية بالدولة اللبنانية من أجل خدمة هذه المصالح»، حثّ على ضرورة «فرض عقوبات على هذه المنظمة الإرهابية تؤدي إلى شل نشاطاتها، وممارسة الضغوط على إيران لتكف عن تمويل وتسليح هذه المنظمة».
وجاءت التهديدات الإسرائيلية هذه ردا على مواقف عالية النبرة أطلقها نصر الله، مساء الخميس، خلال احتفال سنوي في ذكرى مقتل عدد من قادته. ودعا الأمين العام للحزب إسرائيل إلى تفكيك مفاعل ديمونة النووي؛ «لأن الحزب ينوي استهدافه في أي حرب مقبلة قد تشنّها تل أبيب ضد لبنان».
إلا أن رياض قهوجي، رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري – أنيجما»، وضع التهديدات التي أطلقها نصر الله في إطار مساعيه للحفاظ على «هيبة الردع» لديه: «وإن كان لا يجد مصلحة له في أي حرب مقبلة مع إسرائيل، كونه منهمكا بالحرب السورية، وأي مواجهة بينهما ستعني تحول ثكناته ونقاطه العسكرية في الداخل السوري لهدف مباشر للطائرات الإسرائيلية، ما سيزيد الأوضاع تعقيدا». ورأى قهوجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن روسيا «ستقف متفرجة على أي حرب مقبلة بين الحزب وإسرائيل، باعتبار أن مشروعها في المنطقة، وبالتحديد في سوريا، لا يشمل على الإطلاق التورط في حرب مع تل أبيب».
من جهته، اعتبر علي الأمين، الباحث السياسي المعارض لما يسمى «حزب الله»، أن كل المواقف التي أطلقها نصر الله إنما تعكس التوجه الإيراني. ولفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحزب وطهران «كلما تفاقمت مشكلاتهما الداخلية يسعيان للتعويض عنها برفع الصوت بوجه عدو خارجي. أحيانا يستخدمان الإرهاب وأحيانا إسرائيل». ووضع الأمين التطورات الأخيرة في هذا المجال في سياق «الاستعراض لاقتناع نصر الله أن الأولويات الأميركية في الصراع مع إيران لا تلحظ (حزب الله)، بل العراق، وبجزء ما سوريا، وأيضا هو سعي منه لتبييض الجريمة التي يتم اقترافها في سوريا، من خلال القول: نحن لا زلنا نستعد لمواجهة إسرائيل، ما يُخفف برأيه من تبعات ارتكاباته في الداخل السوري».
هذا، ولئن كان الأمين يستبعد حربا إسرائيلية مقبلة على لبنان من منطلق أن إسرائيل مطمئنة للاستقرار الحاصل على حدودها المشتركة مع لبنان، وبنفس الوقت لوضع ما يسمى «حزب الله» الغارق بالرمال السورية، يرى قهوجي أنّه «ومنذ عام 2006 الحرب بين الطرفين متوقعة في أي لحظة، نتيجة ظرف أو قرار ما». وتابع قهوجي أن تل أبيب وما يسمى «حزب الله» «يستعدان عمليا لجولة مقبلة، إلا أن تاريخها والشرارة التي ستؤدي لاندلاعها غير معروفة». وأضاف: «داخل إسرائيل هناك وجهتا نظر. الأولى تقول بأن «حزب الله» يُستنزف في الداخل السوري، وبالتالي، لا حاجة لتكبد أي خسائر إسرائيلية، أما الثانية فتعتبر أن الوضع الحالي للحزب المنهك بجبهة سوريا، إضافة للحصار العربي المفروض عليه، يشكلان فرصة سانحة لاستهدافه والانتقام مما حصل في حرب 2006».
المصدر: الشرق الأوسط
↧