عزيزي ترامب: أمس وأنا أطالع جريدة الشرق الأوسط اللندينة، تعجبت من سؤالك الذي تشير فيه إلى المسلمين خاصة، وعموم سكان العالم الثالث: لماذا يكرهوننا؟ أنت سألت هذا السؤال، في محاولة لتبرير قراراتك الأخيرة.
عزيزي ترامب، دعني أولا أسجل إعجابي بصراحتك الزائدة التي أخرجت كرش السياسة الأميركية إلى العلن، فأنت لا تملك مكر سابقيك في إضمار ما أعلنته أنت. ودعني أطمئنك أنّ الملايين مثلي في العالم الإسلامي ودول العالم الثالث كراهيتهم مأمونة الجانب، أي كراهية لطيفة صامتة ومقهورة لا تشكل أيّ خطورة من أيّ نوع.
عزيزي ترامب: يوم تنصيبك حاكما لعموم مديريات الكوكب، جلست أشاهد الحفل، كما جلس الملايين من عالمي البائس، ملايين لا تمثل غير أصفار علي شمال أي رقم، شاهدنا أنا وتلك الأصفار حفل تنصيبك ككائن كقدري حط علينا من عل (لاحظ أننا قدريون تماماً).
رأيناك في هذا الحفل أنيقاً ولامعاً، وكذلك أسرتك وقصرك غاية في الثراء والترف، كان كل هذا اللمعان والترف كفيلا وحده بإثارة ودغدغة وتحطيم نفسية الأصفار الشمالية .
عزيزي ترامب.. لماذا نكرهك؟
دعك من دعم بلادك الدائم والأبدي كل ديكتاتوريات العالم الثالث المهيمنة والمسيطرة والمستبدة والشافطة والناهبة والقاهرة والمعذبة والساحلة لشعوبها. دعك من دعمكم الأبدي الشوكة المزروعة في خاصرة الجسد العربي، المثقل بكل متناقضات الأرض.
ودعك أيضا من كلّ المآسي التاريخية التي تسبّبتم بها بدءاً من إبادة الهنود الحمر، سكان بلادكم الأصليين، مروراً بخطف الملايين من الساحل الغربي الإفريقي، واستعبادهم بوحشية منقطعة النظير في مزارع الغرب الأميركية، وليس انتهاءً بالهيمنة الإمبريالية لشركاتكم الكونية العابرة للقارات والمفقرة للشعوب.
تذكّر، سيد ترامب، أنه وأنت تستيقظ من نومك في سريرك الذهبي على وجه حفيدتك اللامع، وهي توقظك بحنان، بينما تلاحقها الخادمة راجية إياها أن تنزل لتناول فطورها على مائدة فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب طفل من العالم الثالث، أنّه في اللحظة نفسها ومع مراعاة فروقات التوقيت، فإن إدارة بلادك تهدي كلّ صباح عشرات الصواريخ العابرة للقارات في دول مثل الصومال وأفغانستان واليمن والعراق وبالوكالة في غزة وافتح القوس ولا تغلقة.
صواريخ عابرة للقارات بمئات الملايين تهدم أحياء بائسة، أرباب العائلات فيها لا يملكون ترف توفير ثلاث وجبات لأبنائهم، فضلا عن أدنى درجات الحياة الكريمة، أرباب عائلات لا تعنيهم لا من قريب ولا من بعيد الحرب الكونية الدائرة بينكم وبين تنظيمات من صنيعة أيديكم دربتموها وعلمتموها الذبح وسفك الدماء، وأطلقتموها ذات عقد من الزمن لحربٍ بالوكالة ضد أعدائكم، تنظيمات انقلبت عليكم فيما بعد، تماما كأسطورة فرنكشتاين.
في مثل هذه الصباحات، تهدون لعالمنا قصف ودمار وجثث وأشلاء أطفال ورجال ونساء وعجزة وكائنات من كل شكل ولون، ثم تجلس أنت ببراءة، لتتسأل لماذا يكرهوننا؟ ليتك تكن قارئا لتعلم أنّي أجبت.
المصدر: العربي الجديد - هاني بكري (مصر)
↧