بعد العجز الفاضح لأجهزة الأمن والشرطة في التصدي لظاهرة الفلتان الأمني المستمرة منذ أعوام في السويداء، أخذت مجموعات محلية في مدينة شهبا على عاتقها أمر تحقيق الأمن الذاتي في المدينة، من خلال تشكيل لجان أهلية تتولى مهام مواجهة مجموعات الخطف والسلب المتواجدة في شهبا، ومعاونة الضابطة العدلية في عمليات إلقاء القبض على عناصرها المتمتعين بغطاء أمني، على الرغم من وجود عشرات الأحكام القضائية بحقهم.
.
قرار تشكيل "لجان دعم الضابطة العدلية"، جاء بإجماع شعبي في شهبا، بعد بلوغ ممارسات تلك العصابات حداً غير مسبوق، وانتشار الجريمة بشكل أثر على سير الحياة العامة في شهبا، وقوض الحياة الاقتصادية فيها، حتى بات يطلق على الحيز الجغرافي الذي تقع فيه شهبا مسمى "مثلث الرعب" نتيجة لكثرة وقوع حالات الخطف والقتل فيها. أدهم وهبة، أحد سكان المدينة، قال لـ"المدن"، إن مجموعات من شباب المدينة بدأت خلال الأيام الماضية بالعمل بشكل منظم، على ملاحقة وتسليم بعض المجرمين الضالعين بتلك الأعمال، بهدف إعادة الأمن لمدينتهم وطمأنة السكان. ولقيت تلك الخطوة تأييداً واسعاً ودعماً من قبل السكان الذين بادروا بدورهم لعقد اجتماعات أهلية، سرعان ما ترجمت بإقرار تشكيل "لجان دعم الضابطة العدلية".
.
وسرعان ما ترجم الأهالي تأييدهم لتلك اللجان من خلال قيامهم بوقفة احتجاجية، الأحد، احتشد فيها المئات من الأهالي وسط ساحة شهبا، كتعبير عن وجود قوة مجتمعية مؤيدة وداعمة لها، لكن أفراد العصابات وجدوا في تلك الخطوة خطراً على وجودهم، فقابلوها بإشهار السلاح بوجه المحتجين، وقام أحد عناصرها بإلقاء قنبلة وسط الساحة بعيد الاعتصام مباشرة، ما أسفر عن جرح خمسة أشخاص. وبحسب وهبة، تمكن المعتصمون من إلقاء القبض على المهاجم، بعد محاولاته الاحتماء داخل مبنى شعبة "حزب البعث" وسط المدينة، وأوسعوه ضرباً وتم تسليمه إلى مديرية المنطقة، ليتم سوقه إلى القضاء في دمشق مباشرة تحت إشراف تلك اللجان. الحادثة الأخيرة تأتي ضمن سلسلة حوادث مماثلة تعبر عن المواجهات المندلعة بين السكان والعصابات في شهبا.
.
فقد شهدت المدينة ليل الجمعة الماضي، محاولات لقطع الطرق المؤدية إليها من قبل عناصر العصابات، كرد على قيام شبان ورجال المدينة بإلقاء القبض على أحد أفرادها، لقيامه بسلب سيارة تنقل الخضار في وضح النهار داخل شهبا. وفي الوقت الذي تتسلح فيه "لجان دعم الضابطة العدلية" في شهبا بتأييد السكان، لا يزال أفراد العصابات يتسلحون بامتلاكهم لكميات هائلة من السلاح والذخيرة، حصلوا عليها من خلال ضلوعهم بتجارة السلاح.
.
كما أن أفرادها يمتلكون موارد مالية ضخمة نتيجة أعمال التهريب والسرقة، بحسب ما قال أبومناف، لـ"المدن"، وهو أحد سكان المدينة. يرى أبومناف أن القوى الأمنية رفعت الغطاء عن تلك العصابات، نظراً لما ساهمت به جرائمها في نقمة تجاه أجهزة الأمن، وبعدما أصبحت العلاقة مع تلك العصابات تشكل حرجاً للقيادات الحزبية والأمنية في السويداء.
.
وأشار إلى أن الأهالي باتوا يعرفون أسماء عناصر تلك العصابات، ما ساهم في تبرؤ العائلات من أفرادها المتورطين بتلك الأعمال، وطلبهم من القضاء والزعامات الاجتماعية إنزال العقاب الذي يستحقونه. وبحسب مصادر حقوقية، تعتبر منطقة شهبا من أكثر المناطق التي شهدت ارتفاعاً في معدلات الجريمة في السويداء خلال الأعوام الخمسة الماضية، إذ سجّل وقوع 200 حالة سرقة لسيارات خلال شهري يناير/كانون الثاني، وفبراير/شباط من العام 2015 فقط، عدا عن عشرات حالات السلب والخطف، الأمر الذي ساهم في تراجع حركة التجارة والأعمال، وجمّد السوق العقارية على وجه التحديد، نتيجة لقيام عشرات العائلات بالهجرة من شهبا، وخاصة عائلات النازحين الذين كانوا يستأجرون بيوتاً فيها.
المصدر: المدن - سالم ناصيف
↧