وسط تقلص الفارق في الاستطلاعات وتخبط أحد المرشحين الرئيسيين إثر فضيحة نفقات غير مشروعة، قد تتمكن زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان من الفوز بالرئاسة في مايو/أيار القادم، بحسب عدد من السياسيين والخبراء.
ويعرب المسؤولون في مقر حزب الجبهة الوطنية في نانتير بضواحي باريس، عن ثقتهم بأن العوامل التي دفعت إلى التصويت لصالح الانفصال عن الاتحاد الأوروبي (بريكست) في بريطانيا وانتخاب دونالد ترمب رئيسا لأميركا، ستوصل لوبان إلى السلطة؛ حتى أن بعض خصومها أقروا بإمكانية فوز ممثلة اليمين المتشدد.
وقال رئيس الوزراء المحافظ السابق جان بيار رافاران مؤخرا "أعتقد بأن السيدة لوبان يمكن أن تنتخب"، بينما حذر رئيس وزراء سابق آخر، الاشتراكي مانويل فالس، من مغبة الافتراض أن فوزها مستحيل.
وأشارت الاستطلاعات إلى دعم ثابت منذ أربع سنوات للسياسية (48 عاما) والمناهضة للهجرة والاتحاد الأوروبي، وتتوقع بلوغها الدورة الثانية في الانتخابات الرئاسية الفرنسية.
وبينما تستبعد الاستطلاعات حاليا فوز لوبان في الدورة الثانية، تمكنت السياسية اليمينية من تقليص الفارق المتوقع مع خصومها الرئيسيين.
فيون متهم بتقديم مئات آلاف اليوروهات لزوجته مقابل مهام برلمانية لم تقم بها (رويترز)
فضيحة فيون وصبت المشاكل القضائية التي تحيط بالمرشح المحافظ فرانسوا فيون في مصلحة لوبان.
فبعدما أبعد فيون آلان جوبيه الذي عُدّ الأوفر حظا للحصول على تسمية اليمين في آخر نوفمبر/تشرين الثاني، رجحت الاستطلاعات فوزه بـ67% مقابل 33% للوبان.
لكن في يناير/كانون الثاني الماضي تسربت معلومات حول استفادة فيون من رواتب تقدر بمئات آلاف اليوروهات لزوجته مقابل مهام برلمانية لم تقم بها.
وتشير الاستطلاعات إلى أنه في حال أجريت الدورة الثانية اليوم فإن لوبان ستحصل على 44% مقابل 56% لفيون.
وازداد الضغط على فيون (62 عاما) الجمعة عندما أعلن عن فتح تحقيق قضائي كامل في المعلومات بشأنه.
والصورة تقريبا مشابهة عند مقارنة نتيجة لوبان المتوقعة في الدورة الثانية بنتيجة إيمانويل ماكرون المرشح الوسطي الذي انتقل من وضعه كدخيل إلى منافس يحسب له حساب في عدة أشهر.
لكن رغم أن مقارنات أداء ماكرون ولوبان لم تبدأ قبل يناير/كانون الثاني، تراجع هامش فوز ماكرون على لوبان من ثلاثين إلى عشرين نقطة في غضون شهر.
وأعطت آخر استطلاعات المعهد الفرنسي للرأي العام (إيفوب) ماكرون 61.5% من نوايا التصويت مقابل 38.5% لزعيمة اليمين المتطرف.
لكن لوبان تواجه كذلك فضيحة نفقات اتهمت فيها بإساءة استخدام أموال تخص البرلمان الأوروبي، غير أنها على عكس فيون الذي تصدر السباق في مرحلة ما، لم يتراجع تأييدها بسبب هذه القضية.
ويحذر الخبراء من توقع نتائج الدورة الثانية في سباق أثار مفاجآت عدة حتى الآن، خاصة أن الاستطلاعات أخطأت سابقا في استحقاقات عدة.
انقسام الخبراء قال بيرنار سانان من مجموعة "إيلابي" إن فوز لوبان "ممكن ومستبعد في آن".
وأوضح جيروم سانت ماري من بولينغ فوكس أنها "أمام ماكرون تملك فرصة للفوز".
وقال جيروم فوركيه من (إيفوب) إنه في حال نسبت الاستطلاعات عشية الدورة الثانية 40% للوبان مقابل 60% لخصمها "فإن الفارق أكبر من إمكانية حصول مفاجأة".
وأضاف "لكن إذا بلغ 55-45 فالأمور تختلف"، مؤكدا أن أداء لوبان في الدورة الأولى ضروري لتقييم قدرتها على أحداث زخم يؤدي إلى فوزها.
ففي انتخابات 2002 الرئاسية هزّ والد زعيمة اليمين جان ماري لوبان الطبقة السياسية التقليدية بوصوله إلى الدورة الثانية.
لكن تلك الدورة شهدت تجمع ناخبي مختلف التوجهات على مضض خلف المرشح المحافظ جاك شيراك الذي فاز بنحو 80% من الأصوات ضد جان ماري لوبان.
وتوفر انتخابات ديسمبر/كانون الأول 2015 المحلية سابقة أحدث؛ فقد هزمت لوبان وابنة أخيها البالغة 27 عاما ماريون ماريشال لوبن في الدورة الثانية رغم نتائج مرتفعة في الدورة الأولى، مع تحالف الأحزاب الكبرى للتصدي لهما.
وبالنسبة للباحث جويل غومبان المتخصص في الجبهة الوطنية، اعتبر أن لوبان ما زالت بعيدة عن تسلم مفاتيح قصر الإليزيه.
المصدر: الجزيرة نت