مسار جديد من العلاقات يفتح بين تركيا وإيران في سوريا. لا ينحصر ذلك في الإنعكاس التنسيقي الواضح في ريف حلب، ويتعدى مسألة الإتفاق السابق الذي رعته الدولتان بين الزبدني وكفريا والفوعة، ليصل إلى تقدّم إيجابي وحقيقي في المفاوضات بين حزب الله وجبهة فتح الشام لتبادل الأسرى. هذه المفاوضات لم تتوقف منذ فترة طويلة، وفق مصادر متابعة هذا الملف. لكنّها الآن وصلت إلى نقطة جدية متقدّمة قد تسرّع إتمام الصفقة وتنفيذها بناء على معطيات عديدة.
.
عوائق عديدة اعترضت إنجاز الصفقة في السابق، حتى أن جبهة فتح الشام أخضعت الإفراج عن أسرى الحزب لمطالب عديدة منها في حلب وإدلب وآخرها في القلمون، ولاسيما بعد تقدّم الحزب في وادي بردى وتهجير أهالي قرية هريرة، لكنّ المفاوضات والتنسيق الإيراني التركي أفضى إلى تهدئة الأوضاع على هذه الجبهات مرحلياً، وأسهم في تذليل بعض العقبات من أمام هذه الصفقة التي بدأ البحث في تفاصيلها وكيفية إنجازها والبحث في المطالب بشكل جدّي.
.
في السابق، كانت مطالب جبهة فتح الشام مرفوضة جملة وتفصيلاً لدى حزب الله وإيران والنظام السوري، ولاسيما أن المطالب تلك كانت تتركز على إنسحاب الحزب والجيش السوري من بعض المناطق التي دخلاها وتسليمها إلى النصرة وإعتبارها آمنة لإدخال المدنيين إليها. وأبرز تلك المناطق كانت في القلمون مع فتح ممرّ آمن للمسلّحين وإدخال المواد الغذائية والطبية. مع الإشارة إلى أن المطالب كانت مشمولة في إتفاق التبادل السكاني بين الزبداني وكفريا والفوعة، لكنها لم تطبّق. ومن هذه المطالب كانت فليطا ورأس المعرة حيناً ويبرود أحياناً.
.
لكن الآن وفق مصادر مطّلعة على مسار المحادثات، جبهة فتح الشام تنازلت عن مطالب الحصول على مناطق آمنة. ما أدى إلى تسهيل المفاوضات وإدخالها حيزاً جدّياً، خصوصاً مع تدخّل تركي لرعاية هذه العملية. وتكشف المصادر أن اجتماعات عدة عقدت في تركيا بين مسؤولين أتراك وإيرانيين لبحث كيفية إنجاز الصفقة، وخصوصاً بعد التدخل التركي في حلب. كذلك حصلت مفاوضات غير مباشرة بين الحزب وفتح الشام على بعض التفاصيل.
.
وتفيد المصادر أن وجود جثتي الطيارين الروسيين اللتين أصبحتا في حوزة المسلّحين في سراقب في ريف إدلب إثر إسقاط المروحية الروسية، لعب دوراً مهماً رئيسياً في المفاوضات، التي تتركز على إطلاق سراح الأسرى الأربعة الأحياء لحزب الله مع بعض الجثث، إضافة إلى جثتي الطيارين الروسيين، مقابل مئات المعتقلين لدى الحزب وفي سجون النظام من المعارضين السلميين أو المسلّحين التابعين للنصرة والجيش الحرّ.
.
وتعتبر المصادر أن المفاوضات تقترب من خواتيمها وقد يتم تنفيذ الصفقة في فترة قريبة ريثما تكتمل بعض اللمسات، وخصوصاً أن العدد الكبير من المعتقلين الذين سيطلق سراحهم من معتقلات النظام والحزب سينقلون إلى إدلب. وتلفت المصادر إلى أن التدخل التركي هو الذي ساعد على تقدّم هذه المفاوضات وتراجع مسلّحو المعارضة عن المطالب بالمناطق الآمنة، وتربط ذلك بما يجري أو سيجري في حلب في الأيام المقبلة.
.
في إنتظار تحديد موعد تنفيذ الصفقة، تقوم فتح الشام، وفق المصادر، بإعداد لوائح بأسماء المعتقلين الذين تطالب بإطلاق سراحهم، ومن بينهم أعداد كبيرة من الأطفال والنساء من سجون النظام، على أن يتم تسليمهم إلى الجهات المعنية لتحضيرهم لإطلاق سراحهم. وستكون عملية التسليم والتسلم برعاية الأمم المتحدة وفريق المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا.
المصدر: المدن - منير الربيع
↧