شهد مطلع الأسبوع الحالي، مجموعةً من التجاوزات والاتهامات الجديدة من خلال بعض البرامج التلفزيونية اللبنانية التي تُسمّى "اجتماعية"، أو تُصنَّف ضمن الإطار الهزلي الفكاهي أو "ستاند آب كوميدي". ولم يوفّر فريق إعداد هذه البرامج، فرصة التماهي مع مجموعة من القضايا التي طرحوها على الشاشة بدون حسابات، وما ترتَّب عليها من تداعيات؛ إذ يهجسُ المعدّون فقط بزيادة نسبة المشاهدة، عبر تناول بعض "المحرمات"، من أجل استمالة المشاهدين.
البداية، مع برنامج "هوا الحرية" الذي فتح بابه، يوم الاثنين، أمام مُبتزٍّ لبعض العائلات في مدينة زحلة البقاعية، ليروي قصّته على الهواء، وكيفيّة ابتزازه لامرأة، يقال إنَّها زوجة طبيب لبناني معروف. وكيف تمكَّن من تصويرها في أوضاع مخلّة بالآداب، وهي بحسب هذا الشخص، غير مهتمة بكل ما نشر أو تداوله الناس عبر هواتفهم. المبتز الذي عرّف عن نفسه بـ "البطة"، أكد أن السيدة كانت تعلم أنه يتم تصويرها، وهي لا تريد العيش مع زوجها، متناسياً أن للمرأة عائلة وأولادا.
وضجَّت مواقع التواصل الاجتماعي بمجموعة من الآراء المعترضة على الحلقة، واتَّهمت مقدّمها، جو معلوف، بأنّه حاول إثارة الموضوع من باب زيادة نسبة المشاهدة. الأزمة التي يعانيها الإعلام في لبنان، أصبحت تعرف باسم "رايتينغ". وتتسابق المحطات التلفزيونية على كسب المشاهد عبر هذا النوع من المواضيع المطروحة، والتي تدخل دائماً في قائمة المُحرمات، مثل الدين والجريمة والاغتصاب والصور الجنسية. كل ذلك أمام غيابٍ واضح للمجلس الوطني للإعلام، والذي حصد هو الآخر مجموعة من الانتقادات، خصوصاً بعد تظاهرة مليشيا "حركة أمل" أمام مبنى تلفزيون "الجديد" قبل ثلاثة أسابيع وحصارها المبنى بسبب ما وصفته الحركة، بالنقد لرئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، وتهاون رئيس المجلس الوطني للإعلام، عبد الهادي محفوظ، مع ما جرى، وتحيُّزه الواضح لـ "حركة أمل".
ولم تكد تنتهي الفضيحة على الهواء، والتي اعترف بها "البطة" أمام الناس، حتى خرج برنامج "لهون وبس" الهزلي، الذي يقدمه الممثل هشام حداد، على شاشة LBCI اللبنانية، والذي يعتمد على السخرية. ونقل حداد مجموعة من الأحداث والأخطاء التلفزيونية لمحطات وبرامج أخرى بصورة فيها من السخرية تتعدّى أحياناً إطار الترفيه.
وتحدَّث حداد في الحلقة عن فوز المشترك الفلسطيني، يعقوب شاهين، في برنامج "آرب أيدول"، يوم السبت الماضي. وقال إن السبب هو بفعل تصويت الهواتف المسروقة في مخيم صبرا في بيروت، في إشارة إلى الفلتان الأمني الذي تعانيه معظم المخيمات الفلسطينية المتواجدة في لبنان. اتهام حداد لم يمر بسهولة، وحصد مجموعة من ردود الفعل المُنددة، إذ اتهم حداد المخيم بأنّه مرتع للسرقات. ودافع سكان المخيم وآخرون عن المخيم وشنّوا هجوماً قاسياً على هشام حداد، رافضين زج اسم المخيّم في معرض الحديث عن السرقات، ووصف المتابعون ما قاله حداد بعنصرية مباشرة وكريهة ضد الفلسطينيين في لبنان.
وحفل موقع "تويتر" ببعض الردود التي طالبت هشام حداد بالاعتذار عن ما ورد في الحلقة. لكن حداد لم يعتذر، وقال في تصريح أنه قصد النكتة وراء ما تحدث به عن هذا الموضوع، خصوصاً أن المخيم يعاني من وضع أمني منفلت، على حد تعبيره.
ولم يقف حداد ضمن الحلقة نفسها على قصة الهواتف المسروقة، واتهامه الهزلي، بل تابع الجولة، وانتقد البكاء الذي حصل في الحلقة الأخيرة من "أيدول"، فردّ عليه مشجعو البرنامج بأنه يستهتر بدموع المشترك اليمني، عمار محمد، الذي تأثر كثيراً وهو يقدم أغنية فلكلورية عن اليمن، وبكى على المسرح، ما دفع أعضاء لجنة تحكيم البرنامج إلى التضامن معه حتى التأثر، وحاول هشام حداد توضيح ما قام به فقال إن البرنامج يدعو إلى الفرح، واستغرب لماذا كل هذا البكاء.
صورة عن استهتار الإعلام اللبناني بشعور المتلقي مرة جديدة، تحتاج إلى إجابات كثيرة حول دور التلفزيون مجدداً في يومياتنا؟
المصدر: العربي الجديد - كريستين أبيض
↧