بعد هدوء لأشهر عدة يعود الحديث عن إمكانية حصول توترات في جرود القلمون وجرود عرسال. لفترة طويلة غابت أخبار شنّ طائرات النظام السوري غارات على مواقع الفصائل المسلّحة في تلك المنطقة، خصوصاً بعد فترة من الهدنة غير المعلنة وما شهدته من مفاوضات بين المعارضين من جهة وحزب الله من جهة أخرى. توحي المعطيات القلمونية بأن الجبهة هناك قد تشتعل في الربيع المقبل، ولم تكن الغارات الست التي شنتها الطائرات السورية على مواقع لجبهة النصرة سوى تلويح بالضغط العسكري لفرض شروط سياسية على المقاتلين في الجرود.
تتتزامن هذه الغارات مع فشل جولة مفاوضات بين الفصائل وحزب الله في شأن إنسحاب المقاتلين من الجرود في اتجاه إدلب، مقابل إعادة اللاجئين في عرسال إلى خمس قرى قلمونية. فبعد فشل هذه الطروحات، أدخلت بعض التعديلات عليها، من خلال قبول الحزب والنظام السوري ببقاء المسلحين في القرى القلمونية لكن يجردون من سلاحهم على أن يتم ضبط الوضع هناك بالتنسيق بين الفصائل المنضوية في سرايا أهل الشام وبين الحزب والجيش السوري. لكن هذا المطلب أيضاً قد رفض بسبب الرفض القاطع للمعارضين بالتنسيق مع الحزب والجيش السوري.
وتشير مصادر متابعة إلى القلمون سيكون على موعد مع معركة كبرى، وهذا ما يستعد له حزب الله. إذ أنه، وفق المصادر، اتخذ قراراً في شأن تنظيف تلك المنطقة لضمان حماية نهائية لمناطق نفوذه. ويهدف من خلال ذلك إلى ضرب أكثر من عصفور في هذا الحجر. فهذه المعركة سيخوضها الحزب إذا ما فشلت التسوية. وتكشف المصادر أن هناك محاولات أخيرة لعقد تلك التسوية ويستخدم الحزب الضغط عبر أكثر من جهة لإنجازها. أما في حال فشلت فإن الخيار الوحيد الذي سيكون هو المعركة.
ومن أهداف الحزب لخوض تلك المعاركة هو إنهاء تلك المناطق الخارجة على سيطرته، للحدّ من إنتشاره في كل تلك البقع المكشوفة نسبياً، إذ إن لديه مواقع في مناطق سهلية قد تكون عرضة لأي ضربات إسرائيلية إذا ما طرأ أي جديد على صعيد الجبهة مع العدو الإسرائيلي، خصوصاً في ظل معلومات تتحدث عن أرضية جاهزة لإندلاع معركة مع إسرائيل. لذلك، فهو لا يريد لهذه المواقع أن تبقى على ما هي عليه، كي لا تكون عرضة للطيران. ما يكبده خسائر كبرى. لذلك، يريد السيطرة على الجرود والخروج من المناطق والمدن المأهولة والمكشوفة، واللجوء إلى المغاور التي يصعب تحقيق إصابات مباشرة فيها.
ويهدف الحزب من خلال معركة الحسم في القلمون إلى وقف عمليات إستنزافه في تلك المنطقة، سواء على صعيد العديد والعتاد أم الأموال. ويعتبر أن طرد المسلحين منها، يريحه نوعاً ما ويسمح له بنقل المئات من عناصره من تلك المنطقة إلى مناطق أخرى، بعد ضمان إبتعاد أي خطر عليه فيها.
ولكن، في ضوء الحديث عن هذه الجرود، مازالت مسألة جرود عرسال غير واضحة، إذا ما كان الحزب سيعمل على دخولها عسكرياً، أم أن الضغط على المناطق الأخرى من الجرود قد يدفع المسلحين إلى القبول بالتسوية والخروج منها بلا أي معارك، خصوصاً أن الدخول في معركة بجرود عرسال قد يؤدي إلى توتر في الداخل اللبناني.
منير الربيع: المدن
↧