بات واضحاً أن المذيعة في التلفزيون السوري، كنانة حويجة، ليست مجرد إعلامية "منحبكجية" لنظام آل الأسد، وذلك بعدما ترأست وفد النظام السوري للتفاوض مع أهالي وثوار داريا، قبيل أيام من إعلان اتفاق إخلاء المدينة من سكانها وتهجيرهم نحو إدلب، شمالي البلاد، لتكشف بوضوح عن دورها ضمن الأجهزة "الأمن-إعلامية" التي يشتهر بها النظام. وليس غريباً أن يكون إعلاميو النظام السوري، مجندين في أجهزة المخابرات والقوى الأمنية. لكن تلك المعادلة المعروفة في البلاد باتت اليوم تجري على العلن، من دون أقنعة، ليتحول معها مفهوم الصحافي التقليدي من مدافع عن الحريات إلى "مدافع عن النظام"، تحت صفة "الوطنية"، التي يتم الترويج لها لإعلاميي النظام، والذين يرتفع مستوى الوطنية لديهم مع ارتفاع رتبهم الأمنية على ما يبدو. ونقلت وسائل إعلام سورية معارضة، عن مصادر من داخل داريا، أن حويجة دخلت داريا في 24 آب/أغسطس الجاري مع مرافق لها، "لبحث مصير مَن بقي في المدينة"، بعد الحملات العسكرية الأخيرة التي أدت لسيطرة قوات النظام على أجزاء واسعة منها، بالإضافة لاقترابها بشكل كبير من الأحياء السكنية، "لتعرض في ما بعد على عناصر المعارضة المسلحة والمطلوبين لقوات النظام، إما تسوية وضعهم أو نقلهم إلى المكان الذي يريدون تحت إشراف جهة دولية". وحويجة واحدة من أشهر مذيعات التلفزيون السوري، ليس لأداء إعلامي مبهر وبرامج مميزة بالتأكيد، بل بسبب شهرتها كـ"مُخبرة". ويتردد كلام دائماً عن خشية زملائها منها في أروقة التلفزيون، بسبب الدعم الكبير الذي تتمتع به هناك، والقسوة التي تدير بها عملها، وكل ذلك في إطار الاختلاط بين دوريها الإعلامي والأمني ضمن مؤسسات السلطة المحكومة لأجهزة المخابرات. هذا ليس مفاجئاً بالنسبة للمذيعة العاملة في التلفزيون السوري منذ أكثر من عشر سنوات. فوالدها هو الضابط ابراهيم حويجة، المدير السابق في أحد فروع الاستخبارات الجوية، والتي تتمتع باستقلالية عن كافة الأجهزة الأمنية الأخرى، وأسسها حافظ الأسد بعد انقلاب حزب البعث العام 1963، لتشتهر بأنها أكثر فروع المخابرات السورية دموية ووحشية، وتحديداً لناحية اعتقال خصوم النظام المدنيين، وفي العمليات الخارجية السرية، ولها خمسة مراكز في دمشق باستثناء المقر الرئيسي فضلاً عن ثلاثة فروع في حلب وحمص واللاذقية. ومن السهل افتراض تجنيدها ضمن المخابرات السورية منذ وقت طويل. فتصرفات المذيعة في برامجها "السياسية" وفي مواقفها عامة، تثبت ذلك، إضافة الى ترؤسها وفود النظام الإعلامية - الأمنية للاستحصال على تصريحات المدنيين أمام الكاميرات في مناطق المعارضة الخاضعة لحصار النظام، تحديداً في مناطق قريبة من العاصمة (التل، ببيلا، ..). ويرتبط ذلك بكل الخلفيات التي تكشف، بلا مواربة هذه الأيام، علاقة الإعلام الرسمي السوري بأجهزة المخابرات. والحال أن داريا ليست أول مدينة تدخلها حويجة كمفاوضة عن النظام، ففي آذار/مارس 2015 أصر النظام السوري على دخول حويجة ضمن طاقم إعلامي كامل إلى مدينة معضمية الشام، قرب العاصمة دمشق، كأحد شروط "المصالحة"، بأوامر من العميد في الفرقة الرابعة غسان بلال. وكانت حويجة حينها تصور برنامجها "سوريا تتحاور" الذي روج لأفكار النظام حول طبيعة أي مفاوضات مع المعارضة، وتحديداً في البلدات التي عانت حصاراً طويلاً في ريف دمشق وحمص تحديداً. وكانت حويجة قد أثارت جدلاً كبيراً في برنامجها السابق "سوريا تتحاور"، الذي كانت تقوم فيه بجولات ميدانية على مناطق معارضة للحديث مع الأهالي هناك، وإظهارهم متلهفين للعودة إلى "حضن الوطن"، بأساليب مهينة للكرامة البشرية، وتحديداً حلقتها الشهيرة من سجن النساء في عدرا.
المصدر: المدن - وليد بركسية
↧