يكتسب هذا السؤال / التساؤل أهميته في سياق الحديث عن مدى ملائمة الاسلام للعصر, و في سياق الدور السلبي الذي يُعزى – من قبل كثيرين- للدين الاسلامي في قصور المجتمعات العربية الاسلامية و عجزها عن انشاء دول ديمقراطية تلتزم بمعايير حقوق الانسان التي غذت عالمية!
*بداية هذا رابط الاعلان العالمي لحقوق الانسان كما هو منشور في الصفحة الرسمية للأمم المتحدة للاطلاع.
http://www.un.org/ar/documents/udhr/
*سأعرض للنقاط التالية:
أولا- لا يمكن اعطاء اجابة بالإثبات ان الاسلام يتطابق مع مبادئ الميثاق العالمي لحقوق الانسان المثبتة اعلاه, كما لا يمكن اعطاء اجابة بالنفي أن الاسلام يتعارض مع مبادئ الميثاق العالمي لحقوق الانسان. ثانيا- هذا يتوقف على مفهوم الاسلام بنظرنا , و على طبيعة الايمان الاسلامي الذي نعتقد به, فلا يوجد شكل واحد او صيغة واحدة او تفسير واحد للإسلام – و كأي عقيدة اخرى- بل هناك أشكال متعددة من الاسلام متفاوتة الحيوية و الصلاحية ربطا بأولويات الحياة و العدل و الحرية, الالتزام بها. ثالثا- يمكن القول و بقوة أن الفهم الحيوي للإسلام , أي روح الاسلام – أو أي عقيدة دينية اخرى- تتوافق مع الميثاق العالمي لحقوق الانسان.. و لكن الفهم الحيوي للإسلام – القليل الحضور حاليا- او تلمس روح الاسلام لا يكون بالبلاغة و الاماني و التمجيد , بل يكون عبر تجاوز القصور الممكن و الظرفي و الاضطراري و المتوقع و الحاضر في اعتقادات و سلوكيات المؤمنين. رابعا- لذلك إن أي اجابة بالإثبات او النفي ليستْ ذات اهمية مالم تكون متعيّنة في التفاصيل و أمثلة و لنبدأ على بركة الله
*
المادة الاولى : " يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء"
التعقيب: هذا يتنافى صراحة مع مصالح الولاء و البراء التي يؤمن بها فئة من المسلمين مثلا! ملاحظة: يعبّر ابن تيمية عن عقيدة الولاء و البراء قائلا: " على المؤمن أن يعادي في الله ويوالي في الله، فإن كان هناك مؤمن فعليه أن يواليه – وإن ظلمه. فإن الظلم لا يقطع الموالاة الإيمانية"
.
*
المادة الثانية: " لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود."
التعقيب: هذا يتنافى صراحة مع مصالح منع المرأة من تولي المناصب الحكومية و القضائية العالية بما فيها رئاسة الدولة ..و هذا ما يؤمن به فئة من المسلمين مثلا! و هذا يتنافى أيضا مع مصالح تقسيم الارث بأفضلية الذكر على الأنثى و هذا ما يؤمن فئة غالبة من المسلمين مثلا! و هذا يتنافى أيضا مع مصالح حديث " الأئمة من قريش " مثلا و الذي يؤمن به فئة من المسلمين أيضا , و هذا يتنافى أيضا في كون شهادة الرجل تساوي شهادة امرأتين أمام القضاء.
*
المادة 16 -1 " للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج ,وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين، ولهما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله"
التعقيب: هذا يتنافى مع مصالح منع المرأة المسلمة من الزواج بغير المسلم, و يتنافى كذلك مع مصالح منع الرجل المسلم من الزواج بغير اليهودية و المسيحية مثلا! و كذلك يتنافى مع حق المرأة في تزويج نفسها دون وصاية من أبوها أو أخوتها مثلا! و كذلك يتنافى مع حق المرأة في تطليق نفسها على قدم المساواة مع الرجل , و من دون غبن حقوقها.. و تشكل المصالح السابقة فهم الفئة الغالبة من المسلمين اليوم, دون أن ينفي ذلك وجود اجتهادات معاصرة و حيوية تقول بخلاف ذلك , منها فتوى الشيخ حسن الترابي بجواز " يجوز للمسلمة الزواج من المسيحي أو اليهودي وشهادتها تعادل الرجل تماما " جريدة الشرق الأوسط 9 أبريل 2006
http://archive.aawsat.com/details.asp?article=357364&issueno=9994#.V8fjQGqrRdg
*
المادة 19: " لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية"
التعقيب : هذا يتنافى مع مصالح ما يسمى بحدّ الردة مثلا الذي يؤمن به الفئة الغالبة من المسلمين اليوم , دون أن ينفي ذلك وجود اجتهادات معاصرة و حيوية تقول بعدم وجود " حد ردّة " في الاسلام , اجتهادات تؤكد على أصل حرية الانسان في الاعتقاد , و تغيير المعتقد, منها " القول الفصل في قتل المرتد- موقع مكتبة الدكتور عدنان ابراهيم 11-2-2015
http://www.adnanlibrary.com/post.php?id=1958
المصدر: الحوار المتمدن
↧