تضاربت المعلومات حول نتائج الهجوم العسكري الواسع الذي شنّه النظام السوري والميليشيات المتحالفة معه تحت غطاء جوي كثيف، على منطقة الراموسة جنوبي مدينة حلب، وفي وقت أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن قوات النظام سيطرت على الراموسة بالكامل، واستعادت كل النقاط التي خسرتها أمام فصائل المعارضة المسلّحة مطلع شهر أغسطس (آب) الماضي. نفت المعارضة إحكام النظام قبضته على المنطقة، لكنها اعترفت بأن قوات الأسد «تعمل على قضم مواقع للثوار في الراموسة؛ بهدف إبعادهم عن الكليات العسكرية قدر الإمكان، واستبعاد فرضية إعادة فتح ممرات جديدة إلى المناطق الشرقية المحاصرة».
وبحسب المرصد، فإن قوات النظام والمسلحين الموالين لها «سيطروا بشكل كامل على منطقة الراموسة، إثر معارك عنيفة مع فصائل مقاتلة وإسلامية وجهادية». وأوضح أن «الفصائل لا تزال تسيطر على مواقع غير مهمة في أطراف حلب الجنوبية». ويأتي تقدم قوات النظام الأخير إثر تمكن النظام وحلفائه الأحد من إعادة فرض الحصار على الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب.
وقال مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن السيطرة على الراموسة «تأتي بعد تلقي قوات النظام تعزيزات من مقاتلين عراقيين وإيرانيين بداية الأسبوع الحالي»، مشيرًا إلى أن «النظام لا يتحمل خسارة هذه المعركة؛ لأنه سيخسر معها كل شيء».
في هذا الوقت، أشار مصدر عسكري في المعارضة، إلى أن «جيش الأسد تمكن من تحقيق بعض التقدّم في الراموسة، تحت غطاء جوي كثيف من الطيران الروسي الذي يتبع سياسة الأرض المحروقة». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أنه «منذ ساعات الصباح الأولى (أمس) لم يتوقف قصف الطيران على مواقع المعارضة في الراموسة، ما مكّنه من إحراز بعض التقدم، ولكن لم يحكم سيطرته الكاملة على المنطقة». وشدد المصدر العسكري على أن «الحرب هي صولات وجولات، فإذا استطاع النظام وميليشياته ومرتزقته التقدم اليوم، فهذا لا يعني أنهم انتصروا». وقال: «ستبقى الكلمة العليا لثوار حلب، فهم أصحاب الأرض التي يدافعون عنها». وكشف عن أن «الفصائل المسلّحة تعمل على تجميع صفوفها، وتتحضّر لشنّ هجوم أوسع وأكبر من الهجوم الذي حررت فيه الراموسة والكليات قبل شهر، والأيام المقبلة ستحمل الأنباء السارة لأهل حلب وكل الشعب السوري».
وكان تحالف «جيش الفتح» المؤلف من فصائل معارضة واسعة، شنّ في 31 يوليو (تموز) الماضي، هجوما عنيفا ضد مواقع قوات النظام في جنوب مدينة حلب، وتمكن هذا التحالف بعد أسبوع من بدء الهجوم من السيطرة على منطقة الكليات العسكرية المحاذية للراموسة وفك حصار فرضه الجيش السوري لنحو ثلاثة أسابيع على أحياء المدينة الشرقية عبر فتح طريق إمداد جديد يمر بالراموسة».
ويسعى النظام إلى تحقيق إنجازات على الأرض، تسمح لحليفه الروسي استخدامها في مفاوضاته مع الأميركيين، وفق ما أعلن الناشط المعارض في حلب عاهد السيد، الذي قال إن «الهدف الأول للنظام إحكام حصاره على المناطق الشرقية في حلب، لاستخدام هذا الحصار ورقة ضغط ومساومة في المفاوضات السياسية». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن التقدم الذي أحرزه النظام وحلفاؤه في جنوبي حلب، مردّه إلى استقدامه الوحدات العسكرية التي كانت تحاصر مدينة داريا في الغوطة الغربية، بعد تهجير سكانها، ودعمه بمقاتلين إيرانيين وعناصر النخبة من «حزب الله» اللبناني والميليشيات الشيعية العراقية».
وأضاف السيد «من الواضح أن نظام الأسد، يحاول تجويع أهل حلب وإخضاعهم بالحصار وقطع طرق الإمداد عنهم، على مرأى ومسمع المجتمع الدولي الذي بلغ مرحلة غير مسبوقة من التخاذل والتآمر والانحطاط الأخلاقي»، مؤكدًا أن «أهل حلب لن يكونوا ورقة يساوم عليها بشار الأسد مع الأميركيين والروس، فهم لن يركعوا ولن يغادروا مناطقهم وبيوتهم كما حصل في داريا».
وأفاد مراسل «الصحافة الفرنسية» في الأحياء الشرقية بأن التجار «يحاولون منذ يوم الأحد تأمين البضائع اللازمة قبل انقطاعها تمامًا، في وقت عادت الأسعار إلى الارتفاع نتيجة النقص في المواد».
وكان 11 شخصًا قتلوا الثلاثاء الماضي، نتيجة قصف جوي طال حي السكري في الجهة الشرقية من حلب، وإصابة العشرات بالاختناق إثر قصف جوي بالبراميل المتفجرة على الحي ذاته. واتهم ناشطون معارضون على مواقع التواصل الاجتماعي قوات النظام السوري بـ«استخدام غاز الكلور السام».
المصدر: الشرق الأوسط
↧