استمرت المواقف المستنكرة لقرار ما يسمى «حزب الله» بمقاطعة موسم الحج عبر تكليف شرعي لمحازبيه بعدم تأدية هذه الفريضة وإلا وقع المخالف تحت طائلة الفصل، وهو الأمر الذي وضعته شخصيات شيعية في خانة «التسييس» والاستجابة لأوامر «ولاية الفقيه»، في إيران، مؤكدة في الوقت عينه أن هذا القرار «لم يكن له أي تأثير في أوساط أبناء الطائفة الشيعية الذين رفضوه، ويدركون أنه ترجمة لقرار إيراني».
وفي هذا الإطار، يؤكد النائب في «كتلة المستقبل»، أمين وهبي أن هناك أعدادا كبيرة من الطائفة الشيعية شاركوا في أداء فريضة الحج لهذا العام من دون أن يؤثر قرار الحزب عليهم. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الحزب بهذا القرار يسيّس الشعائر الدينية تنفيذا لمطالب إيران التي تريد تحويل الحج إلى مناسبة لرفع شعارات سياسية والقيام بأعمال تمس بأمن الحجيج. وأضاف: «هذه الفريضة التي يشارك في أدائها ملايين المسلمين وما تتطلبه من شعائر لا تحتمل أي أعمال من هذا النوع، بحيث إن أي حادثة أو تدافع بسيط سيصيب الحجيج بأذى، على غرار ما حصل العام الماضي».
واعتبر وهبي أن «كل الجهد الإيراني ينصب باتجاه تسييس الفريضة واستغلالها سياسيا، وما قام به الحزب تأكيد إضافي على التصاق الحزب بالسياسات الإيرانية، متجاهلا مصالح المسلمين والعلاقات العربية بين الدول الشقيقة، ويثبت بذلك أنه ذراع إيرانية يمتثل لمصالح طهران».
من جهته، اعتبر الكاتب والباحث الشيعي علي الأمين، أن «عدم إعلان حزب الله رسميًا لقرار إسقاط ركن الحج عن محازبيه، يعني أن الحزب يدرك مدى تداعيات مثل هذا القرار على المستوى اللبناني، وعلى البيئة الشيعية على وجه التحديد». وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «غالبية أبناء الطائفة الشيعية يرفضون هذا القرار، لأن الحج فريضة ثابتة، كما أنهم يدركون أنه ترجمة لقرار إيراني».
وقال الأمين: «حتى خامنئي لم يقل إن قراره يتجاوز الإيرانيين»، سائلا: «فما بال حزب الله يذهب إلى هذه الدرجة من المغالاة؟». ولفت إلى أن «الإيرانيين الذين لا يقلدون خامنئي لا يلتزمون بقراره»، مشيرًا إلى أن «عدم إعلان قرار إسقاط هذه الشعيرة بشكل رسمي، يعني أن حزب الله يدرك خطورة هذه المعضلة، ولذلك هو قادر على استثمار ما أقدم عليه في الصراع القائم بين السعودية وإيران، لكنه ترك لنفسه هامش التنصل من قراره في وقت لاحق، وأن يقول أنا لم أصدر مثل هذا القرار أو التعميم، لأنه يخشى تداعياته السلبية».
وذكر الأمين بأن «هذا الحظر لم يؤثر على عدد الحجاج الشيعة الذين توافدوا إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج لهذا العام، بدليل أن الذين ذهبوا هذه السنة أكثر من الكوتة المعطاة للحجاج الشيعة، من هنا، لم يكن لقرار الحزب أي تأثير في البيئة الشيعية». وأضاف: «حتى في إيران، هناك ردود فعل رافضة لقرار خامنئي، من هنا يأتي هجوم الولي الفقيه على السعودية، لاحتواء ردود الفعل الناقمة على عرقلة النظام الإيراني قضية ذهاب الحجاج الإيرانيين لأداء فريضة الحج». ورأى أنه «ليس ثمة أرضية حتى في إيران تقبل فكرة عدم الذهاب إلى الحج، لأنها ركن أساسي من أركان الإسلام وغير قابلة للاجتهادات ووجهات النظر».
وتابع الكاتب والباحث السياسي علي الأمين قائلا: «المواقف التصعيدية للمرشد الإيراني ضد السعودية، ليست إلا تغطية على المعركة السياسية التي يفتعلها هو ونظامه مع الرياض، وسنكتشف أن هذا القرار لن يكون له صدى واسع في البيئة الشيعية بالمعنى الفعلي»، مؤكدًا أن «كل هذا الصراخ ليس إلا محاولة لتبرير عدم ذهاب أتباع الولي الفقيه إلى الحج، ولذلك نحن نفهم أن القيادة الإيرانية مضطرة لافتعال هذا الضجيج لتمرير قرارها».
وفي حين لم يصدر ما يسمى «حزب الله» إعلانا أو تعميما رسميًا بمنع عناصره من الحج، كانت معلومات صحافية قد كشفت أنه اتخذ قرارا تنظيميا يمنع فيه كوادره ومحازبيه من أداء فريضة الحج لهذا الموسم تحت طائلة الفصل بذريعة مخالفة التكليف الشرعي. كما نقلت وكالة «الأناضول»، عن مصدر مقرب من الحزب قوله إن الحزب أصدر أخيرا قرارا تنظيميا داخليا منع بموجبه قياداته وكوادره وعناصره من التوجه إلى الأراضي المقدسة في المملكة العربية السعودية لأداء فريضة حج هذا العام، مشيرا إلى أن الحزب «أنذر من يخالف القرار بالفصل من كوادره».
المصدر: الشرق الأوسط
↧