Quantcast
Channel: souriyati2 –سوريتي
Viewing all articles
Browse latest Browse all 26683

المحامي فوزي مهنا: قانون الإرهاب السوري! من هو الإرهابي؟

$
0
0
313مما لا شك فيه أن ظاهرة الإرهاب قد تفاقمت وانتشرت حتى تحولّت لآفة خطيرة أصبحت تنخر في جسم المجتمع الدولي، ولما كانت القوانين الجزائية والجنائية تعتبر خط الدفاع الأول والأخير لمواجهتها، فقد باتت تلك القوانين لدى كثير من دول العالم، قاصرة عن مواجهة هذا التصاعد المستمر الذي وصلت إليه، لذلك لجأت العديد منها لسن القوانين المتعلقة بتجريم الأفعال الإرهابية، والأصول القانونية المتوجِّب على المحاكم المختصة إتباعها، من بينها السلطات السورية التي سارعت في عام 2012 لإصدار عدة قوانين، من بينها القانون رقم (19) المتعلق بقضايا الإرهاب، والقانون رقم (20) المتعلق بتسريح الموظف العامل في الدولة بحال ثبت قيامه بعمل إرهابي بحكم قضائي، ثم القانون رقم (22) المتعلق بتشكيل المحكمة الخاصة بجرائم الإرهاب. اليوم وبعد مضي أكثر من أربع سنوات على إصدار تلك القوانين، وما نتج عنها من آثار كارثية لحقت بالمواطن وحقوقه التي كفلها الدستور السوري نفسه من جهة، وتكفلها شرعة حقوق الإنسان الدولية من جهة أخرى، ألا يحق للسوريين بأن يتبيّنوا من هو الإرهابي منهم، ومن هو غير الإرهابي؟ بعد أن أثبتت الوقائع والمعطيات إن هذه المحكمة لم تُنشأ خصيصاً لاستهداف الأعمال الإرهابية ومواجهتها فقط، وإنما أخذت تستهدف قوى المعارضة والناشطين الحقوقيين والعاملين في الحقول الإعلامية والإنسانية، وحتى الصحية ممن يتعاطفون معها على حد سواء، وهو ما كان قد اعتقده وحذّر منه الكثير من المتابعين، قبل أن تصدر تلك القوانين. والحقيقة هي أن لهذا الاعتقاد كان له ما يبرره، إذ تم تأسيسه على مجموعة من الحقائق والوقائع، في مقدمتها طبيعة النظام الشمولية، المبنية على وحدة السلطات، بدلا من فصلها، والتي كان من أبرز نتائجها التغّول على جميع مؤسسات الدولة بما فيها القضائية، ومصادرة إرادتها، والمقصود هنا بالطبع المحاكم الاستثنائية المُسيّسة، فضلاً عن سياسة الإقصاء والتخوين التي انتُهِجت طيلة السنوات المنصرمة، بمواجهة كل معارض، فكان تغييب نصف الوطن، وما تلى ذلك من ممارسات هدّامة تم انتهاجها، منذ بدء الأزمة وحتى يومنا هذا، ويمكننا إيجاز هذه الوقائع على النحو التالي: عرّفت المادة (1) من القانون رقم (19) الإرهاب بأنه “كل فعل يهدف إلى إيجاد حالة من الذعر بين الناس أو الإخلال بالأمن العام أو الإضرار بالبنى التحتية أو الأساسية للدولة، ويرتكب باستخدام الأسلحة أو الذخائر أو المتفجرات أو المواد الملتهبة أو المنتجات السامة أو المحرقة أو العوامل الوبائية أو الجرثومية، مهما كان نوع هذه الوسائل أو باستخدام أي أداة تؤدي الغرض ذاته”. في حين نصّت المادة (8) “بمعاقبة كل من قام بتوزيع المطبوعات أو المعلومات المُخزّنة، مهما كان شكلها، بقصد الترويج لوسائل الإرهاب أو الأعمال الإرهابية، وتنزل العقوبة نفسها بكل من أدار أو استعمل موقعا الكترونياً لهذا الغرض”. بينما نصت المادة (1) من القانون رقم (20) “يُسّرح من الخدمة كل عامل أو موظف في الدولة مهما كان القانون الخاص من الأجر والراتب، ومن كافة الحقوق التقاعدية، من تثبت إدانته بحكم قضائي مكتسب الدرجة القطعية بالقيام بأي عمل إرهابي سواء كان فاعلا أو محرضا أو متدخلا أو شريكا أو انضمامه إلى المجموعات الإرهابية أو تقديم أي عون مادي أو معنوي لهم بأي شكل من الأشكال”. أما المادة (7) من قانون إنشاء المحكمة رقم (22) فقد نصّت “مع الاحتفاظ بحق الدفاع لا تتقيد المحكمة بالأصول المنصوص عليها في التشريعات النافذة، وذلك في جميع أدوار وإجراءات الملاحقة والمحاكمة”. نستنتج مما سبق أن استخدام تعابير مثل (مهما كان نوع هذه الوسائل، ومهما كان شكلها، وبأي شكل من الأشكال، وإن المحكمة لا تتقيد بالأصول المنصوص عليها في التشريعات النافذة، وغيرها) قد فتح الباب مُشرّعاً، لما من شأنه إلصاق صفة الإرهاب بأي شخص كان، مهما كانت طبيعة الأفعال التي قام بها، حقوقية كانت أم إنسانية أم إعلامية أم في الحقل الصحي، وذلك وفقا لأهواء السلطة ومآربها، وهو ما أشارت إليه منظمة “هيومن رايتس ووتش” بقولها: “وراء الوحشية المروِّعة للقتال الحاصل في سورية تختفي انتهاكات يتعرض لها المحتجزون السياسيون، الذين يُعتقلون ويُعذّبون، لمجرد انتقاد الحكومة سلميا أو عند تقديم المساعدات الإنسانية والطبية للمحتاجين”. وبذلك فإن القانون قد تعمّد الإبقاء على تعريف الإرهاب عاما وفضفاضاً، بحيث يقبل معها التأويلات والتفسيرات المتعددة، إلى جانب ترك الحرية للمحكمة بعدم التقيد بالأصول القانونية المنصوص عنها في التشريعات الوطنية (كعلنية المحاكمة وعقد الجلسات على قوس المحكمة، وغيرها من أصول) كل ذلك ساعد في أن تُطلق السلطة التنفيذية يدها، بأن تكون أكثر حرية بإدخال عدد كبير من الأعمال ذات الطابع المدني في عداد الجرائم الإرهابية، والأخطر من ذلك هو عدم وجود حدود فاصلة بين جرائم الرأي والأعمال الإنسانية أو الحقوقية كما ذكرنا من جهة، والجرائم الإرهابية من جهة أخرى. بناء عليه فإن تهمة الإرهاب أخذت تلاحق المواطنين، حتى وهم في معرض ممارستهم حقوقهم في حرية التعبير والتجمُّع السلمي التي كفلتها النصوص الدستورية نفسها، في الوقت الذي قامت السلطات بـالتضيق على الفنانين المؤيدين للثورة، عندما أصدرت بحقهم وبحق معارضين آخرين، مذكرات مصادرة أملاك تحت ذريعة الإرهاب، والأمثلة على ذلك كثيرة، تترجمها الأعداد الهائلة التي تقبع في غياهب المعتقلات، مثل الدكتور عبد العزيز الخير ورجاء الناصر، وكذلك الأحكام الجائرة المتعددة الصادرة بحق عدد كبير من الكتاب والمثقفين والفانين والمعارضين، كيحيي القضماني، وميشيل كيلو، وعمار القربي، في حين قامت نقابة الفنانين بوضع قائمة سوداء تضم (30) فناناً سورياً، من بينهم أصالة نصري وجمال سليمان ومكسيم خليل وعبد الحكيم قصيفان، بحجة الإساءة لرموز السيادة الوطنية. أو فصل الموظفين العاملين بالدولة من أعمالهم بقرارات إدارية، فقط لمجرد اختلاف آرائهم السياسية عن رأي السلطة، أو بحال توفير الرعاية الطبية لأشخاص أصيبوا أثناء الاحتجاجات، وهو ما طال كثير من الأطباء والطواقم الصحية، أو من حاول مساعدة النازحين من مناطق القتال أو حتى من قدّم لهم ربطة خبز أو مجرد علبة دواء كالفنانة “سمر كوكش” التي صدر بحقها حكم خمس سنوات بتهمة تمويل المجموعات الإرهابية، بينما كانت توزع مساعدات غذائية وطبية على العائلات الهاربة من جحيم القتال، أو كما حصل مع الفنانة مي سكاف لتوقيعها على “نداء الحليب” لفك الحصار عن درعا مايو 2011 أو لمجرد جمع التبرُّعات بهدف شراء أغطية لأخوتهم النازحين، كما حصل مع تجار دمشق. وتهمة الإرهاب نفسها أخدت تُطارد المواطن أيضاً حتى لأتفه الأسباب، كجريمة تبريد المتظاهرين؟ التي اعتقل بموجبها معلم مدرسة في بلدة نصيب التابعة لمحافظة درعا، لأنه قدّم مياه الشرب لبعض المتظاهرين عند مرورهم أمام منزله، أو لتوزيع الورود على قوات الأمن، كما حصل مع عامل البناء يحي شربجي في داريا، أو مجرّد المناشدة بوقف القتل، كما حدث لحرائر دمشق أمام مبنى مجلس الشعب وسوق مدحت باشا، أو عند قيام محام بتقديم المشورة القانونية للمواطنين، كما حصل مع المحامي الأستاذ خليل معتوق الذي لا يزال رهن الاعتقال. نستنتج مما سبق أن قانون الإرهاب السوري، لم يراعِ مخاوف حقوق الإنسان، كونه لم يحدد التدابير الواجبة لاعتقال المتهمين، والتي تتم بشكل تعسفي، وذلك خلافا لنصوص الدستور السوري الذي أقرته السلطة بنفسها، وكل المعايير والأعراف القانونية، إذ لم تكشف الجهة المعتقلة عن هويتها ولم تبرز أية مستندات قانونية، ولم تقم بإبلاغ المعتقل بالتهم الموجهة إليه، ولا بالمكان الذي يُعتقل فيه، فضلا عن القيام باحتجازه لفترات طويلة تفوق مدة الستين يوم، التي نص عليها القانون، وتعريضه لشتى أنواع التعذيب، الذي لم ينص قانون الإرهاب نفسه بمنعها، ووجوب المعاملة الإنساني، وفقا لنصوص الدستور. وما زاد الطين بلة هو بطء المحاكمات أمام المحكمة المختصة بالإرهاب، وهنا ندع الأرقام تتكلم عن نفسها، حيث تُقدِّر مراكز توثيق الانتهاكات في سورية عدد المعتقلين تعسفيا في السجون ما يقارب 200 ألف شخص، لم تنظر تلك المحكمة منذ إنشاءها في عام 2012 وحتى نهاية مايو / أيار 2015 سوى بما يقارب 35 ألف دعوى، ولم تبت منها إلا بحوالي 700 حكم بين سجن وإعدام. ونتيجة لتلك الأعداد الهائلــة المحالة على هذه المحكمة، إضافة لبطء إجراءات المحاكمة، كل ذلك فتح الأبواب مُشرّعة أمام انتشار عدد من الممارسات غير الأخلاقية كالسمسرة والرشوة والابتزاز المالي، التي أخذ يتعرض لها كل من المعتقلين وذويهم على حد سواء، والتي لعب فيها ويلعب بكل أسف بعض المحامين الخارجين عن أخلاق هذه المهنة النبيلة وأعرافها وتقاليدها، مما يسمون “بمفاتيح القضاة” مما دفع بعض الأهالي، ورغم ضيق الأحوال لدفع ملايين الليرات السورية أو آلاف الدولارات من أجل التعجيل بالحكم أو إخلاء السبيل. من هنا، يتضح لنا مدى حاجة السوريين اليوم المُلِحة لتحديد المرتكزات القانونية لمفهوم الإرهاب، والتوصل إلى تعريفه بشكل واضح ودقيق، لما من شأن ذلك تحديد الموقف القانوني، من ماهية العمل، فيما إن كان عملا إرهابيا من عدمه، فضلا عن أهمية إحداث المزيد من المحاكم للنظر في قضايا الإرهاب في كل محافظة من محافظات القطر، بدلا من حصرها بمحكمة واحدة مقرها دمشق. يُذكر هنا وعلى سبيل المفارقة أن السلطات السورية كانت من أوائل الدول التي ناشدت المجتمع الدولي، منذ ثمانينات القرن الماضي لوضع تعريف واضح ومحدد لمفهوم الإرهاب، وبالتالي أليس من الحري بها، وهي التي تتمسك بأسنانها اليوم ببعض النصوص الدستورية! وبعد مرور هذه السنوات على صدور تلك القوانين، وما نتج عنها من آثار كارثية لحقت بالوطن والمواطن، وبحقوق الإنسان عامةً، أن تقوم بتعريف محدد ودقيق لماهية العمل الإرهابي، ليتم من خلاله التفريق، بين من هو الإرهابي، من غير الإرهابي. المصدر: منشور في رأي اليوم

Viewing all articles
Browse latest Browse all 26683

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>