رغم أن مندوب المبيعات جيسن هيفنز حقق نجاحا كبيرا في مجال بيع الهواتف المحمولة مكنه من شراء سيارة فيراري في عيد ميلاده الرابع والعشرين، فإن بداية حياته العملية لم تكن تبشر بخير.
قبل ذلك بثلاث سنوات، في عام 2004، وبعد اشتغاله سابقاً في قطاع التأمين، حصل هيفنز على أول عمل كبائع هواتف محمولة.
لم تكن الأمور تسير بشكل حسن في البداية مع هيفنز القادم من مدينة نورتش، شرقي إنجلترا.
يقول هيفنز، الذي يبلغ حالياً 33 عاماً: "قبل أن أبدأ، تفاوضت بأسلوبي الخاص حتى حصلت على ضعف مرتبي الأساسي، لكن المعضلة الوحيدة كانت وجود شرط لإنجاز كامل مهام العمل آنذاك".
ويضيف هيفنز عن بداية حياته العملية: "كانت فترة ازدهار الهواتف النقالة، لكنها لم تكن في صالحي، حيث لم أفلح في بيع هاتف واحد لفترة. وفي إحدى الأيام، تحدث معي المدير قائلاً، ’أخرج من المكتب ولا تعد حتى تبيع واحداً‘".
وتابع: "لذا قدت السيارة إلى حي صناعي، جلست في سيارتي وبكيت. اتصلت هاتفياً بوالدتي لأخبرها بأني ’عديم الجدوى، وأحتاج إلى اعتزال هذه الوظيفة.‘"
ولحسن حظه، فقد قرر تحمل الأعباء. وبدلا من تقديم استقالته، حدد استراتيجية جديدة للنجاح. واليوم، نجد أن هيفنز مؤسس ومدير شركة "إيبوس ناو"، الشركة البريطانية التي تحتل المرتبة 13 من حيث سرعة النمو كشركة تقنيات، لا يزال يستنبط طرقاً للالتفاف حول المشاكل المفاجئة التي تواجهها جميع الشركات.
"في وضع آمن"
بالعودة إلى عام 2004، كانت معضلته بسيطة جداً، فقد كان يسعى لبيع هواتف نقالة للشركات، وكان يقضي كامل يومه ليتصل هاتفياً بشركات بدون طلب منها، وكانت الإجابة تأتي كثيرا بالنفي.
ثم يذكر هيفنز إدراكه للمرة الأولى السبب الذي دفع الجميع إلى عدم الاهتمام؛ وهو أن عقودهم مع شركات خدمة الهواتف لم تكن على وشك التجديد.
لذا، بدلاً من السعي لبيع هواتف في المقام الأول، كان يسأل الشركات عن تاريخ انتهاء عقودها مع خدمات الهواتف النقالة.
ثم كان يدوّن ذلك، وبذلك، كوّن لائحة طويلة من تواريخ إعادة التجديد القادمة.
وعند الاتصال ثانية في أوقات تبحث فيها الشركات حقاً عن أجهزة أحدث، يقول هيفنز إنه بدأ في الحصول على طلبات، واحد تلو الآخر.
ويقول: "كنت الموظف صاحب الترتيب 500 من بين 500 من موظفي المبيعات. ثم، وعلى حين غرة، أصبحت الموظف رقم 200، ثم 50، ثم أصبحت الأول".
وكان يعمل في ذلك الحين لدى شركة في منطقة "إيست أنجليا" الواقعة شرقي انجلترا، وسرعان ما تقدمت إليه شركة هواتف نقالة منافسة في لندن بعرض للعمل لديها.
يقول هيفنز إن تخطيطه البالغ الدقة كان يعني استمرار الازدهار بارتفاع أرقام مبيعاته. وقد كان يحقق عمولات من تلك المبيعات.
وصل الأمر الى درجة أنه بحلول ذكرى ميلاده الـ24 كان "في وضع آمن تماما من الناحية المالية"، وكافئ نفسه بشراء سيارة فيراري جديدة.
لكن بعد ذلك بسنتين، قرر الاعتزال بعيداً عن عالم المبيعات. ويقول: "أصبحت منهكاً إلى حد ما، وقررت العودة إلى منطقة نورتش (شرقي انجلترا) وتهدئة أعصابي".
ويتابع: "وصلتُ إلى القمة في مجال المبيعات، وعملت كل ما بوسعي القيام به، لذا فكرت في افتتاح حانة مع صديق لي".
تغيير البوصلة
بعد افتتاح الحانة في نورتش عام 2009، يذكر هيفنز أنه اكتشف بعد فترة وجيزة حاله المزري لقلة معرفته بما يخص النواحي المالية لإدارة مشروع صغير، بالرغم من امتلاك والديه حانة صغيرة.
ويتابع: "لم أكن أدرك حقا ما تعنيه الأرباح والخسارة، أو الضريبة المضافة، وجدول الرواتب... وإن كان ما أديره شركة محدودة، أم في صورة تاجر منفرد؟ لم أكن أدرك شيئاً من هذه الأمور".
"لكن المشكلة الأكبر هي، مع أننا كنا نحصل على إيرادات، فإننا لم نكن ندري أين تذهب. عندما اجتمعنا وتفحصنا كل شيء، أدركنا مدى النفقات الكثيرة التي لم نضعها في الحسبان، مثل مقدمي خدمات التجهيز، والاتصالات، وخدمة الانترنت السريع، وعمال النظافة".
وللتحكم بشكل أفضل في السيولة النقدية التي يدرّها البار، أدرك هيفنز حاجته إلى نظام إلكتروني للبيع (يعرف اختصاراً باسم "إيبوس" بالانجليزية).
ويتألف هذا النظام من برنامج كمبيوتر لتسجيل النقود، في العادة، عن طريق شاشة تعمل باللمس، وتطبيق يمكِّن البائع من تسجيل النقود المستلمة من الزبائن، وتسجيل الباقي المعاد إليهم، وبسهولة.
وبعد الاستفسار عن أسعار منظومات كهذه، يذكر هيفنز أن أسعار البيع بالتجزئة منها كانت في العادة قرابة 6 آلاف جنيه استرليني. كانت تلك الأسعار برأيه مكلفة جداً بالنسبه له، ولآلاف غيره من أصحاب الأعمال والمتاجر الصغيرة.
ولاحظ على الفور وجود فرصة تجارية لإنتاج نسخة تباع بأقل من ربع ذلك السعر.
وبالتالي، وبعد بيع سيارته الفيراري والحصول على قرض عقاري بإعادة رهن بيته، قرر هيفنز الدخول في عالم أنظمة البيع الإلكترونية.
ومن خلال استيراد الأجهزة من الصين، ودفع المال لقاء تحميل برنامج كمبيوتر خاص بها، خرج مشروع "إيبوس ناو" إلى الوجود في نورتش عام 2011.
ومن خلال بيع تلك الأنظمة مقابل 1000 جنيه استرليني، ازدهرت المبيعات. وكان هناك إعلان تضعه الشركة على موقع غوغل، وتدفع "5 بنسات لقاء كل نقرة" متى ما قام أحد في المملكة المتحدة بكتابة كلمة "إيبوس" على هذا الموقع.
رغم كل ذلك، يذكر هيفنز أنه بعد مرور سنة واحدة، واجه مشروعه مشكلة كبيرة عندما انسحب مجهّز برنامج الكمبيوتر من التعهد المتفق عليه بينهما.
كان على "إيبوس ناو" أن تجد بسرعة مصمم برمجيات خاصا بالشركة وتوظفه، بما يمكّنها من الصمود تجارياً.
يقول هيفنز: "وقفت جميع الظروف في وجهنا. لكني كنت قد استنفدت كل ما لدي، استعملت كل شيء. لا تعرف أبداً إذا ما كنت ستوفق (عندما تبدأ مشروعا تجاريا)، ولكن عليك أن تبذل قصارى جهدك حقاً لتذليل جميع الصعاب".
عروض شراء
يقول هيفنز إن إيرادات شركة "إيبوس ناو" حالياً تفوق 17 مليون جنيه استرليني سنوياً، ودخلت السوقين الأمريكية والألمانية.
كانت الشركة تنوي فتح مكتب لها في وادي السيليكون بالولايات المتحدة الأمريكية. لكن هيفنز يقول إن التكلفة كانت باهظة إلى حد كبير، لذا قررت الشركة أن يكون مقر تشغيل عملياتها في الولايات المتحدة الأمريكية في مدينة أورلاندو بولاية فلوريدا.
وبالنظر إلى المستقبل، يحذر أدريان مارس، الصحفي في مجال التقنيات والاستشاري بتقنية المعلومات، من أن شركات منظومات البيع الإلكتروني، مثل شركة "إيبوس ناو"، تواجه منافسة شديدة أكثر من أي وقت مضى من قبل منافسين أرخص، وما يساعد في ذلك هو التراجع الكبير في أسعار الأجهزة والأدوات.
ومع ذلك، يعرب هيفنز عن ثقته بأن شركة "إيبوس ناو" ـ التي يملك مئة في المئة من أسهمها - ستحقق إيرادات سنوية تصل إلى 100 مليون جنيه استرليني خلال خمس سنوات.
ويضيف: "الكل يعرض عليّ مالاً لشراء الشركة، وفي العام المنصرم، عُرض عليّ مبلغ 50 مليون جنيه استرليني نقداً".
ويتابع: "ولكني لا أقوم بهذا العمل لقاء المال، بل لأجل المتعة. أنا استمتع بعملية التفاوض، وعقد الصفقات".
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على صفحة BBC Entrepreneurship.