أصدرت مليشيا تابعة لحزب "الاتحاد الديموقراطي" الكردي، الأحد، بياناً باسم "القيادة العامة لقوات سوريا الديموقراطية-غرفة عمليات غضب الفرات"، وجهته إلى "الرأي العام-إلى أهلنا الصابر البطل في مدينة الرشيد الرقة"؛ وأعلنت فيه بدء حملتها "العسكرية الكبيرة من أجل (تحرير) مدينة الرقة".
وقال البيان المُصاغ بلغة عربية ركيكة، إن الرقة "ستتحرر بسواعد أبنائها وفصائلها الأبطال المنضوين تحت راية قوات سوريا الديموقراطية وبالمشاركة الفعالة لوحدات حماية الشعب YPJ ووحدات حماية المرأة YPG وبالتنسيق مع قوات التحالف الدولي".
وأكد واضعو البيان، الذي وصف الرقة بأنها "عاصمة الإرهاب العالمي" و"مركز الإرهاب العالمي"، أن عمليات "غضب الفرات" ستسير "بكل حزم وإصرار" حتى تحقق هدفها في عزل وثم إسقاط "عاصمة الإرهاب العالمي، وسننتصر في هذه المعركة المصيرية كما انتصرنا في كوباني وتل أبيض والحسكة والهول والشدادي ومنبج". كما ناشد البيان سكان مدينة الرقة للابتعاد عن "مواقع وتجمعات العدو... وأن يتوجهوا نحو المناطق التي سيتم تحريرها وأن يلتحقوا بصفوف القوات المُحررة".
البيان أغفل في نصه أي إشارة إلى مشاركة "لواء ثوار الرقة"، الفصيل العربي الوحيد المشارك في تحالف "قسد" الفضفاض، كما أن ما لُحظ من تحركات على الأرض يصب في المجرى ذاته. فقد استقدمت "قسد" مقاتلين أكراد إلى كل من تل أبيض وعين عيسى لينضموا إلى قواتها المتواجدة على خطوط الجبهة مع تنظيم "الدولة الإسلامية" في الريف الشمالي لمحافظة الرقة. وقد أكد شهود عيان أن تعداد المقاتلين المُستقدمين حديثاً يُقارب 1500 مقاتل، في حين أبلغت قيادات في "قسد" إعلاميين تابعين لها بضرورة الإشارة إلى رقم 50 ألف مقاتل.
وكانت "المدن" قد اتصلت بعضو "المكتب السياسي" لـ"لواء ثوار الرقة" محمود الهادي، بُعيد إصدار "قسد" بيانها للوقوف على حقيقة موقف اللواء، فقال الهادي إن "لواء ثوار الرقة" لن يشارك في المعركة، "ما لم يتم التزام أميركيا وقوات سوريا الديموقراطية بتعهداتهما السابقة، بأن مَنْ يُدير الرقة ويقود معركة تحريرها هم ثوار الرقة ومعهم مقاتلون من أبناء الرقة حصراً، أما غير ذلك فلن نعتبره تحريراً، وإنما فصلاً جديداً من مؤامرة وجريمة بحق شعبنا". وأضاف "نحمل التحالف الدولي مسؤولية المشاركة في هذه الجريمة لعدم التزامه بما تم الاتفاق عليه".
كما أكد الهادي، بوضوح وللمرة الأولى، "أنه لا يوجد أي فصيل عربي في قوات سوريا الديموقراطية ومن أبناء الرقة سوى جبهة ثوار الرقة، وما تبقى هم مجموعات مقاتلين عرب ضمن وحدات حماية الشعب وقيادتها من حزب الاتحاد الديموقراطي".
وبموازاة ذلك، أصدرت ستة تجمعات سياسية ومدنية في مدينة أورفا التركية، حيث التجمع الأكبر لأبناء الرقة خارج سوريا، ومنها "مجلس محافظة الرقة" و"نقابة معلمي الرقة"، بياناً أعلنت فيه رفضها لإعلان بدء "معركة عزل وتحرير الرقة" لأنه "يؤدي إلى نزاع قومي بين العرب والأكراد قد يمتد لعشرات السنين".
دولياً، تزامن بيان "قسد" مع وصول رئيس "هيئة الأركان الأميركية" جوزيف دانفورد، إلى تركيا بعد ظهر الأحد، ولقائه نظيره التركي خلوصي أكار. ولعل هذه النقطة تحديداً تكشف مغزى رغبة القوات الكردية، في الاستفادة من توقيت وجود راعيها العسكري الأول للضغط على تركيا في ما يخص دورها المباشر ودعمها لفصائل الجيش الحر في مواجهة "داعش" و"قسد" في الآن ذاته، سواء في الرقة أو منبج أو الباب.
تركيا، التي ترفض حتى الآن عرضاً كردياً-أميركياً، باستخدام ممر لقواتها الخاصة ومقاتلي الجيش الحر يمتد من حدودها إلى خطوط الجبهة مع تنظيم "داعش" ويخترق المناطق الريفية التي تسيطر عليها ميليشيات YPJ وYPG شرقي بلدة تل أبيض، تبدو حتى الآن غير راغبة في إعطاء "قسد" أي دور في تحرير مدينة الرقة. فيما رشحت أنباء، لم تتأكد بعد، عن بدء الاستعدادات لدخول أكثر من 500 مقاتل من أبناء الرقة كانوا قد تدربوا في معسكرات يديرها الجيش التركي إلى الأراضي السورية.
معركة عزل الرقة، أي طرد تنظيم "الدولة" من محيطها بشكل تدريجي، قد يدوم أشهراً، بحسب التفسير الأميركي لهذا العبارة. وربما يكون غطاءً للمزيد من عمليات التطهير العرقي للعرب في المنطقة، إن نجحت مليشيا "قسد" في تسيّد معركة "تحرير" الرقة فعلاً؛ وإلا فإن ذلك لن يكون سوى مزيد من لعب الوكلاء في وقت انشغال الأصلاء. -
المصدر: المدن - خليل عساف
↧