تشرد أبناء دير الزور مع السنوات الخمسة الأخيرة من النزاعات الطويلة في سوريا بين وافد في المدن الأخرى ضمن الأراضي السورية، وبين لاجئ في بلاد الجوار، ومنهم من أجبرته المعاناة على طرق أبواب أوربا ليدخلها بلا استئذان، بينما بقي القليل منهم تحت رحمة الطائرات الحربية القادمة من شتى بقاع الأرض، واستبداد تنظيم "داعش"، ومعهم تبدأ الحكاية.
مئات الأطفال في دير الزور مكتومي القيد وغير مسجلين في قيود السجلات المدنية، مما يهدد بفقدان النسب والحرمان من الحقوق المدنية وحق التعليم، وربما من حق الجنسية، فجميع الأطفال حديثي الولادة في المدينة أو أريافها أصبحوا الآن مكتومي القيد، وتتزايد الكارثة مع ظهور حالات زواج لمهاجري التنظيم من بعض النساء في أرياف دير الزور، وكل ما هنالك ورقة بحضور القاضي الشرعي للتنظيم، مع وضع اسم مستعار للزوج كـ "أبو البراء التونسي"، حيث لا يعلم للزوج لا اسم ولا نسب، وأولاد مجهولو الهوية قد ترغمهم الأيام على البحث عن أنسابهم، من هم وأبناء من هم، ومن أي الجنسيات هم، فتجبرهم الحياة إلى الهروب من واقعهم نحو التطرف والتشدد كما آباؤهم، بينما يبقى للزوجة قدر غريب بعد أن يضطر المهاجر للانسحاب مع مقاتلي التنظيم إلى خارج حدود منطقتها، وربما هرب المهاجر فيبقى مصير الزوجة برسم المجهول.
لا تقتصر المعاناة على مناطق سيطرة التنظيم بدير الزور فقط، فكثير من الأطفال بلا قيود ضمن مناطق النظام أيضاً، حيث لا يسمح النظام للمتزوجين من أهالي مدينة دير الزور تسجيل طفلهم البكر إلا ضمن السجلات المدنية الواقعة تحت سيطرته بدير الزور، وهذا ما يعجز عنه مئات النازحين في المدن الأخرى الواقعة تحت سيطرة النظام، وذلك لاستحالة السفر إلى الأحياء المحاصرة، أو التسجيل في السجلات المدنية بمحافظة دمشق، ومعه يجد العشرات من الأهالي صعوبة في الذهاب مع انقطاع الطرقات وتجنباً لاعتقالات النظام للشباب بهدف الحاقهم بالخدمة الاحتياطية.
وأكدت "أم سيدرا"، (من أبناء دير الزور)، لـ "كلنا شركاء" أنها تزوجت منذ منتصف عام 2013 ولديها اليوم طفلتان، وإلى اليوم لم يسجل زواجها بشكل رسمي في المحكمة الشرعية أو السجلات المدنية، وكذلك الأمر بما يخص طفلتيها، فلا يوجد ما يثبت زواجها من زوجها ونسب الطفلتين لأبيهما، وأردفت "وهذه كارثة تؤرقني بشكل يومي بعد استشهاد زوجي في أواخر عام 2015".
وأشارت "أم سيدرا" إلى أن زوج شقيقتها نازح إلى مدينة الحسكة منذ عامين، ولا يستطيع تسجيل طفلته الوحيدة "بيسان" في السجلات المدنية، حيث طُلب منه أما السفر إلى مديرية النفوس ضمن المناطق المحاصرة والواقعة تحت سيطرة النظام بدير الزور، أو السفر إلى دمشق، ولكنه لا يستطع السفر إلى دمشق كونه مطلوب للخدمة الاحتياطية.
"ومع تواصله مع أحد المكاتب من أجل إجراء معاملة الزواج وتسجيل الطفلة بيسان على الشبكة في السجلات المدنية بدمشق، وتثبيت الزواج في النفوس، واستخراج الدفتر العائلي، طلب هذا السمسار مبلغاً يزيد عن مهر شقيقتي، حيث طلب مبلغ 325 ألف ليرة سورية"، بحسب "أم سيدرا".
كما يعاني اللاجئون من مدينة دير الزور غلى دول الجوار كتركيا والاردن ولبنان من صعوبة تسجيل ابنائهم وإثبات صحة زواجهم الشرعي بشكل قانوني.
المصدر: كلنا شركاء
↧