كلنا شركاء: عمر كاراسابان- البنك الدولي
في فبراير شباط من هذا العام، أصدر المركز السوري لبحوث السياسات تقريراً يفيد بأن 470 ألف سوري قتلوا في الحرب وأصيب 1.9 مليون. كان ذلك قبل 10 أشهر، ومع تكثيف الحصار والقصف على حلب والقتال الدائر في أماكن أخرى في البلاد، فلا يمكن للمرء إلا أن يخمن الخسائر الحالية. والأمر الواضح هو أن كل يوم من القتال يضيف إلى الأعباء التي سيتعين على سوريا أن تحملها لأجيال قادمة، ليس فقط من حيث استمرار تصاعد التدمير المادي فحسب، بل أيضاً من حيث تقديم الرعاية اليومية للأعداد المتزايدة من المعاقين بدنيا أو عقليا نتيجة للحرب. وكل هذا يأتي في وقت يعيش نصف السكان - ما يقرب من 5 ملايين لاجئ و 6.6 مليون مشرد داخليا – خارج مساكنهم؛ كما يجدر الإشارة إلى أن النظام الطبي في البلاد مُدمر.
وعلى الصعيد العالمي، هناك تقريباً شخص واحد معاق من كل سبعة أشخاص أو حوالي 15% منهم معاقين، لكن هذه النسبة ترتفع بين اللاجئين السوريين إلى 22% حسب استقصاء عام 2013، بزيادة 18-20 % عن معظم مناطق الصراع الأخرى. إنه في حين أن 2-4 % من المعاقين عالمياً يواجهون صعوبات كبيرة في أداء وظائفهم البدنية، فإن نسبة من يعانون قيوداً شديدة في ذلك يصل إلى 6 % بين اللاجئين السوريين. وإذا أضفنا الأعداد الواردة في الدراسة الاستقصائية التي تنطبق على اللاجئين السوريين في الأردن ( 640 ألف لاجئ مسجل ومليون سوري عموماً)، ولبنان (مليون لاجئ)، وكذلك حوالي 2.7 مليون لاجئ سوري في تركيا، فإن عدد المعاقين يتجاوز بدرجة طفيفة مليون معاق، منهم نحو 280الف حالة إعاقة شديدة.
ويمثل هذا العدد عبئا على معظم نظم الرعاية الصحية. كما أنه يشكل عبئاً هائلاً على البلدان المضيفة المجاورة، لا سيما الأردن ولبنان حيث يشكل اللاجئون ما بين 20 و 30 % من نسبة السكان الأصليين. وفي كلا البلدين، تقوم منظمات غير حكومية دولية ومحلية، فضلا عن وكالات المعونة الإنسانية، بتقديم مساندة لكن التحديات هائلة. فعلى سبيل المثال، يقدر أن نحو 30% من سكان الأردن السوريين إما معاقين أو حالات صحية خطيرة. وفي تركيا، التي توفر الرعاية الصحية المجانية للاجئين، لا تزال التحديات ماثلة بقوة مع الحواجز اللغوية والقيود الثقافية مثل بعض الحلات التي يصر فيها النساء على وجود طبيبات لتقديم الخدمات الصحية. وفي جميع البلدان الثلاثة مازالت الاحتياجات الطبية المتخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة ولا سيما ذوو الاحتياجات النفسية والعقلية منهم تمثل إشكالية ضخمة.
هناك ما يقرب من 6.7 مليون مشرد داخلي في سوريا غير قادر تقريباً على الحصول بسهولة على المساعدة الإنسانية كما لا تتوافر لديهم خدمات طبية كافية على الإطلاق. فوفقا لما ذكرته الأمم المتحدة، فإن العدد الإجمالي للسوريين داخل البلاد ممن يحتاجون إلى المساعدة حاليا يبلغ 13.5 مليون منهم 4.5 مليون يعيشون فيما يسمى "مناطق يصعب الوصول إليها"، وهي مبعثرة في 147 موقعا في جميع أنحاء البلاد. ويقدر عدد أصحاب الإعاقة بمئات الآلاف مع تسجيل الآلاف بوصفهم شديدي الإعاقة. وفي كل شهر، لا تستطيع الأمم المتحدة توفير العلاجات الطبية إلا لحوالي 373 ألف شخص فقط.
وهناك أيضا ما يقرب من 400 ألف شخص محاصر في سوريا وفقاً للأمم المتحدة ولكن وفقاً لمشروع سيجووتش Siegewatch فإن العدد حوالي مليون شخص مع وجود 1.4 مليون شخص آخر في ظروف شبيهة بالحصار أو يواجهون خطر الحصار. وأيا كانت الأعداد الفعلية، فإن الواقع هو أن عشرات الآلاف من السوريين المعاقين يتلقون خدمة طبية بسيطة لا تكاد تذكر أو لا يتلقون عناية طبية بشكل كامل.
وتعاني النساء ذوات الإعاقة لأوجه ضعف خاصة: "حيث أن نحو ثلث النساء ذوات الإعاقة يتعرض لإساءة نفسية أو جنسية أو بدنية في حالات الكوارث الطبيعية والصراعات، وفقا لما جاء في تقرير عام 2015 للمنظمة الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة. وتتعرض النساء ذوات الإعاقة ممن يعشن في عزلة في منازلهن لخطر العنف الجنسي والاغتصاب، وكذلك الفتيات ذوات الإعاقة الذهنية"، كما ذكر تقرير فبراير شباط 2016 للجنة اللاجئات غير الربحية ومقرها نيويورك. فالوصول إلى كل شيء من الحمامات إلى الرعاية الطبية والخدمات التعليمية وغيرها أمر شديد الصعوبة بصفة خاصة للمرأة - لا سيما بالنظر إلى السياق الثقافي للعديد من اللاجئين السوريين.
وثمة مجموعة أخرى من المعاقين مع أوجه ضعف محددة تشمل الأطفال، الذين سلطت منظمة اليونيسيف الضوء على محنتهم في تقرير حالة الأطفال في العالم2013 : الأطفال ذوو الإعاقة. إن الحالة الرهيبة المعروضة في التقرير- نحو 93 مليون طفل أو1 بين كل 20 طفلا تقل أعمارهم عن 14 عاما من المصابين بالإعاقة متوسطة الشدة أو الشديدة – قد ازدادت سوءا بسبب الحروب في ليبيا والعراق وسوريا. وربما كان اللاجئون المسنون أكثر ضعفا. حيث أن 66% من اللاجئين السوريين المسنين لديهم إعاقة، بينما 33% منهم لديه إعاقة شديدة و 65% منهم يعانون من الإجهاد النفسي.
وفي حين أن السباح المعاق من اللاجئين السوريين إبراهيم الحسين قاد الفريق المستقل في دورة الألعاب الأولمبية للمعاقين في ملعب ماراسانا وراء راية اللجنة الأوليمبية الدولية للمعاقين، فإن لحظات الاعتراف والتقدير قليلة ومتباعدة للمعاقين اللاجئين والمشردين داخليا في العالم. ففي عام 2011 وصل 1 % فقط من المعونة الإنسانية إلى المسنين والمعاقين. ومن المرجح أن هذه النسبة قد ارتفعت منذ ذلك الحين، وكذلك ارتفعت أعداد المعاقين بسبب شيخوخة السكان والانتشار السريع للأمراض المزمنة، وكذلك التحسينات في المنهجيات المستخدمة لقياس الإعاقة. بيد أن الزيادات المتواضعة نسبيا في التمويل لا تبدو متناسبة تقريبا مع احتياجات هذه الفئة من السكان. إن المعاقين يشكلون تكلفة كبيرة ومصدرا للتوترات والإجهاد لمجتمعات اللاجئين. ويسهم تقديم المساعدة لهذه الفئة من السكان كثيراً في مواجهة التحديات الأسرية وتعزيز القدرة على الصمود للسكان اللاجئين. فالمجتمع المحلي الذي يراعي أضعف فئاته هو أيضا يعتبر الأكثر امكانية في أن يشهد اندماج هذه الفئات لتساعد بشكل أفضل في إعادة بناء مجتمعاتها.
عمر كاراسابان- البنك الدولي
↧