تكتسب الزيارة المقرر أن يبدأها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى أذربيجان الأسبوع المقبل، أهمية كبيرة بالنسبة لإسرائيل على الصعيد الاستراتيجي والأمني والاقتصادي. وينعكس هذا الأمر على المباحثات التي يجريها نتنياهو مع المسؤولين في أذربيجان، والمقرر أن تشمل آفاق تعزيز التعاون الأمني والاستراتيجي مع هذا البلد، الذي جاهر مسؤولون أمنيون وسياسيون في تل أبيب بتعريفه كـ"حليف مهم" لكيان الاحتلال.
وتشمل مباحثات نتنياهو فرص تدشين شراكة مع أذربيجان في كل ما يتعلق باقتصاديات الطاقة. وتأتي زيارته في إطار استنفار إسرائيل لتحسين قدرتها على استغلال وتوظيف احتياطات الغاز التي هيمنت عليها في حوض البحر الأبيض المتوسط، وضمان تسويق الغاز في أقل قدر من المخاطر.
وتسعى حكومة نتنياهو إلى تجاوز العقبات أمام نقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا، من خلال انضمامها إلى مشروع "السيل الجنوبي"، الذي يهدف إلى نقل عشرة ملايين متر مكعب من الغاز الأذربيجاني إلى دول أوروبا عبر كل من جورجيا وتركيا.
ومشكلة إسرائيل، في هذا الشأن، مرتبطة بالتحديات الأمنية والسياسية التي قد تعيق نقل الغاز الإسرائيلي إلى تركيا، بحسب ما لفتت إليه مجلة "Israel Defense" في وقت سابق من شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وهذا الغاز سيمر إما عبر المياه الإقليمية السورية، وهو أمر ينطوي على مخاطرة كبيرة بسبب الحرب وحركة الملاحة العسكرية الروسية الكثيفة في المكان، وإما عبر المياه الإقليمية القبرصية. لكن قبرص تبدي، حتى الآن، اعتراضاً كبيراً على هذه الخطوة، وكانت قد أبطلت تفاهماً إسرائيلياً قبرصياً يونانياً حول نقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر الأراضي القبرصية واليونانية. وفي وقت تنطلق فيه الحكومة الإسرائيلية من فرضية مفادها أنها ستتغلب في النهاية على الاعتراض القبرصي بشأن نقل الغاز، يواصل نتنياهو سياسة الانفتاح على كل الدول المصدرة للغاز، من أجل دراسة إمكانية بناء شراكات معها، لا سيما أذربيجان.
وتعد أذربيجان شريكاً اقتصادياً وتجارياً مهماً لإسرائيل في كثير من المجالات. وذكرت صحيفة "كالكيليست" الاقتصادية الإسرائيلية أن تل أبيب تستورد 40 في المائة من احتياجاتها النفطية من باكو، التي كانت أيضاً أكبر مصدر للغاز بالنسبة لإسرائيل قبل اكتشاف احتياطات الغاز في البحر المتوسط.
ونقلت صحيفة "هآرتس"، أخيراً، عن الباحث في العلاقات الأذربيجانية-الإسرائيلية، أبرموب جوت، قوله إن عشرات الشركات الإسرائيلية تتخذ من أذربيجان مقراً لها وتنطلق من هناك في أنشطة مكثفة تجاه الدول التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي سابقاً. وقال الجنرال والوزير السابق، إفرايم سنيه، الذي ينظر إليه كصاحب فكرة تدشين التحالف مع أذربيجان بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، إن تدشين وتعزيز العلاقات مع هذا البلد يكتسب أهمية قصوى لإسرائيل، على اعتبار أنها دولة إسلامية يحكمها نظام علماني وتقع في جوار دول إسلامية تؤثر على البيئة الاستراتيجية لإسرائيل، مثل إيران وتركيا.
وكانت قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية قد كشفت، العام الماضي، أن كلاً من وزارة الخارجية وجهاز الاستخبارات الخارجية، "الموساد"، وشعبة الاستخبارات العسكرية، "أمان"، قد شكلت طاقماً لدراسة التهديدات التي يمكن أن تتعرض لها المصالح الإسرائيلية في الدول الإسلامية، التي كانت تشكل جزءاً من الاتحاد السوفييتي، لا سيما أذربيجان. وعندما كان المشروع النووي الإيراني في بؤرة الاهتمام الإسرائيلي، كان رهان إسرائيل على أذربيجان كبيراً. وتعتقد دوائر صنع القرار في تل أبيب أن العلاقة الوثيقة مع باكو من شأنها تحسين قدرة إسرائيل على المناورة أمام إيران. وزار وزير الحرب الإسرائيلي السابق، موشيه يعلون، أذربيجان في سبتمبر/أيلول 2014 للتباحث حول سبل توسيع التعاون الأمني بين الجانبين.
يذكر أن إسرائيل استفادت من الصراع بين أذربيجان وجارتها أرمينيا، على اعتبار أن هذا الصراع حفّز أذربيجان على التوسع في شراء الأسلحة والعتاد من إسرائيل. وذكرت صحيفة "هآرتس" أخيراً، أن إسرائيل صدرت منظومات سلاح لأذربيجان منذ عام 2012، بقيمة 5 مليارات دولار. وأشارت الصحيفة إلى أنه في أعقاب اندلاع المواجهات العسكرية مع أرمينيا في أبريل/نيسان الماضي، توجهت طائرات نقل أذربيجانية إلى إسرائيل لنقل السلاح وتعزيز إمكاناتها الحربية ضد أرمينيا.
المصدر: العربي الجديد - صالح النعامي
↧