منذ بدأ الحديث الجدي عن دخول الاتفاق الاميركي الروسي حول سوريا حيز التنفيذ، كان تنظيم داعش يكثّف تحركاته العسكرية باتجاه القلمون الشرقي. في مصطلحات التنظيم، فإن منطقة القلمون تقع جنوبي دولته، أو المنطقة الجنوبية منها، وتمثّل أهمية كبرى بالنسبة إليه لجهة التوسّع في ظل الانكماش الذي يعيشه التنظيم في شمال سوريا. منذ أيام، والتنظيم يحشد في اتجاه المنطقة، وفيما يعتبر البعض أن الهدف هو السيطرة على البترا والجبل الشرقي وجبل الأفاعي، هناك من لديه نظرة أخرى تفيد بأن التنظيم يتقدم بلا أي استهداف من طائرات النظام أو الطيران الروسي أو الأميركي، لغاية أساسية هي دخول مناطق محيطة بدمشق، على أن يهجّرها من سكانها، كما فعل في غير منطقة. أصحاب هذه النظرة يعتبرون أن التنظيم يريد دخول المناطق التي مازال المدنيون فيها، كالرحيبة والضمير، بهدف تهجير أهلها بذريعة محاربة الإرهاب. وقد يسعى إلى التقدم في اتجاه الغوطة للغاية نفسها. ويقول هؤلاء إن أحداً ممن يدعون محاربة التنظيم لم يوجه لعناصره وقواته أي طلقة خلال تنقلاته. مازالت الاشتباكات في القلمون الشرقي مستمرة. بدأ التنظيم هجومه في جبل الأفاعي والمحسة، ومن اتجاه ريف حمص الشرقي. ويهدف من خلال ذلك إلى السيطرة على البترا، أولاً لأنها مليئة بالذخائر النوعية، وثانياً لأنها تؤثر على طرق استراتيجية مغلقة حالياً تصل الشمال السوري بالقلمون الشرقي. وهي طرق نوعية وسرية حربية خاصة بفصائل المعارضة، وفق أحد القادة الميدانيين. ويقول المصدر إن "الأمور صعبة بالنسبة إلى الشرقي ما لم يتم فتح أعمال عسكرية ضخمة في تلك المنطقة"، لافتاً إلى أن ألوية السيف العمري في القلمون الشرقي هي من تسلم غرفة العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش، وتسعى إلى توحيد الجهود مع مختلف الفصائل. استطاعت الفصائل امتصاص الصدمة، وعملت على التصدي لهجمات متتالية، وتمكنت من استعادة السيطرة على مواقع سقطت في الهجوم الأول. وعملت على تشكيل غرفة عمليات تضم الجميع. وتلفت المصادر إلى أن التنظيم يكثف من استخدام أسلوب المفخخات في هجماته بهدف بث الرعب في صفوف المعارضين وبسبب فتح ثغرات للتقدم في بعض المواقع. لكن المساعي التي تبذلها الفصائل تُفشل هذا الأسلوب، وفق المصادر، عبر اكتشاف العربات واطلاق النار عليها أو على سائقيها قبل بلوغ الأهداف. وتضع مصادر معارضة الهجوم الذي تشنّه داعش على تلك المنطقة في إطار تقاطع المصالح مع النظام السوري والأطراف الحليفة له، وسط غض طرف دولي روسي واميركي عن تحركات التنظيم في تلك المنطقة. وتسأل المصادر لماذا لا يهاجم التنظيم مناطق إشتباك النظام والمعارضة أثناء المعارك، أو في فترات التفاوض والهدن، معتبرة أن الهدف من ذلك هو تقوية ورقة النظام بذريعة التصدي للإرهاب، واستمرار عمليات القصف بحجة محاربة التنظيم، كما تسقط ورقة إيقاف سلاح الجو، بهدف استمرار الفرز في تلك المنطقة المحيطة بالعاصمة.
المصدر: المدن - منير الربيع
↧